مفاجأة.. 70% من أفراد «الخلايا العشر» السعودية سبقت مناصحتهم

عربي ودولي



59 من أفراد الخلايا الإرهابية العشر التي أعلنت وزارة الداخلية السعودية القبض عليها وضبطها يوم أمس، أطلق سراحهم في وقت سابق بعد أن أعلنوا توبتهم من الفكر الضال والمتطرف، إلا أن هذه النسبة الكبيرة من أصل 88 فردا جرى ضبطهم في خلايا إرهابية في السعودية وأعلنتها الداخلية يوم أمس، شكلت حالة من التساؤل في المجتمع السعودي عن خطورة من يستخدمون التراجع والتوبة أداة للعودة مجددا لممارسة أنشطة إرهابية.

هذا الاستغراب من عودة هؤلاء للتطرف، لم يكن موجودا لدى المختصين في الشأن الأمني، الذين ارتأوا أن 59 شخصا من الذين قبض عليهم أول من أمس متورطون في قضايا إرهابية، لا يشكلون رقما من إجمالي 1900 شخص أخضعوا لجلسات المناصحة وعادوا للمجتمع، بل إن منهم من يحارب يدا بيد الإرهاب بأشكاله ومسمياته كافة.

وقال مختصون في الشأن الأمني، إن الـ59 لا ينطبق عليهم القول بـ«المغرر»، إذ يتضح من عودتهم أن لهم أجندة داخل المجتمع السعودي، وهذه الأجندة لمكاسب شخصية تتوافق مع معطيات آخرين لهم مطامع في البلاد، وذلك تحت ذريعة الخلاف على قضايا دينية وتكون مع المجتمع أو الدولة.

وقال الدكتور نواف بن بداح الفقم، نائب رئيس لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى، لـ«الشرق الأوسط»، إن المناصحة لم تكن لـ59، كانت لعدد كبير من أبناء وبنات المملكة، ففي الفترة نفسها التي جرى القبض على هذه المجموعة ومتابعتها كان عدد المنخرطين في جلسات المناصحة يقدر بنحو 1900 شاب، ومقارنة مع العدد فإن 1900 شخص لم يعاود لهذا الطريق المعوج وهذا الفكر الضال، وأصبح العائدون فاعلين في البلاد ومندمجين مع المجتمع السعودي، بل إن منهم من يعاون على محاربة هذه الفئة. ولفت الفقم، إلى أن منهم من ادعى الاستقامة والعودة إلى الطريق الصحيح، لهدف غير معلوم، وقد يكونون صادقين لحظة خروجهم وتعهدوا أنهم لن يعودوا لهذا التصرف وسيكونون أشخاص أسوياء، نظرا إلى تعرضهم لأفكار خارجية أسهمت في تغيير قناعاتهم بعد المناصحة، وبشكل مباشر، وتحديدا من مواقع التواصل الاجتماعي القوي والسريع في التأثير، خاصة أن هذه الفئة الضالة تتطور في الاستفادة من التقنية وإيصال رسائلها.

وأضاف نائب رئيس لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى، أنه «في ظل المعطيات الحديثة ودخول الكثير من الدول الإقليمية في الفتن، وانعدام المراقبة على مثل هذه الجماعات الإرهابية، التي أصبحت ترتع وتنمو في هذه الدول، لذا لا بد من مواجهتها بأن يعلم كل مواطن ما هو مراد بالمملكة، وتضاعف الجهود في ملاحقة الإرهابيين، مع أهمية الالتفاف حول ولاة أمرنا وعلمائنا لحماية البلاد من العابثين بأمنها وممتلكاتها ودعما لإخواننا المستضعفين في جمع الأقطار الإسلامية».

وأشار بيان وزارة الداخلية إلى أن «أشهرا من الرصد والمتابعة الأمنية قد وفرت أدلة تستوجب المبادرة بضبط أمثال هؤلاء اكتفاء لشرهم وتعطيلا لمخططاتهم التي كانوا على وشك البدء بتنفيذها في الداخل والخارج، خاصة أن البعض منهم كان متواريا عن الأنظار. ولإجهاض تلك المخططات الآثمة، فقد باشرت قوات الأمن خلال الأيام القليلة الماضية عمليات أمنية متزامنة في عدد من مناطق المملكة، نتج عنها إلقاء القبض على ما مجموعه 88 متورطا، منهم 3 أشخاص من الجنسية اليمنية وشخص مجهول الهوية والبقية سعوديون، من بينهم 59 سبق إيقافهم على خلفية قضايا الفئة الضالة». وقال الدكتور عبد الرحمن العطوي، عضو مجلس الشورى للشؤون الأمنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «برنامج المناصحة الذي انتهجته المملكة من سنين طوال، برنامج متكامل ومبني على أسس علمية، وهي تجربة أثبتت نجاحها على المستوى المحلي، والإشادة بهذا البرنامج الوحيد في مناقشة مناصحة هذه الفئة من دول العالم كافة، موضحا أن «الخلل ليس في برامج المناصحة وما تقدمه الدولة في هذا السياق ولكن فيمن عاد لهذه الجماعات».

وأردف العطوي: «إنه وبحسب التحليلات، فإن عودة 59 شخصا لهذه التيارات والأفكار المتطرفة، مرتبط بأهداف أخرى، وليست القضية قناعة دينية وأنهم على حق والآخرون في ضلال، وغالبا أن تفكيرهم يسير في اتجاه تأسيس كيان، على سبيل المثال، ما يجري من الجماعات الإرهابية مثل (داعش)»، لافتا إلى أن «هؤلاء قد يكون لديهم أجندة أخرى ودوافعهم لا تتعلق بالخطأ والصواب، بل إن ما يدور في خلدهم أكبر من ذلك، خاصة أنهم تلقوا كل الرعاية والاهتمام».

وشدد عضو مجلس الشورى للشؤون الأمنية على أن «هؤلاء لا يطلق عليهم الآن مغررون لتيار أو فكر، بل هم واعون تمام لما يقومون به من أفعال مصحوبة بأفكار خاطئة، وجلسات المناصحة كفيلة بأن تعيدهم للحق، إلا أن لهم مآرب أخرى، متلبسين بالدين وأن ما يقوم به هو الصواب في قضايا الخلاف بينه وبين المجتمع السعودي عموما والدولة على وجه الخصوص، لأن مثل هؤلاء يهدفون إلى تحقيق آمال شخصية أو أعمال يخدمون بها الآخرون«، لافتا إلى أن «المناصحة نجحت بكل المقاييس، وربما هذه الفئة العائدة للضلال مرة أخرى تحتاج لنوع آخر من المناصحة حتى تعرف خفاياهم ودوافعهم».