مبادرة فلسطينية: اتحاد اقتصادي مع الأردن وإسرائيل
قال مسؤولون في رام الله لـ المونيتور انه وبالتوازي مع حملة الانضمام لمؤسسات الأمم المتحدة؛ فإن السلطة الفلسطينية تدرس خططاً جديدة للتقدم نحو حل الدولتين لشعبين، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، من أجل هذا يقدمون في السلطة الفلسطينية خططاً جديدة تستند على الأسس الهشة التي خلفتها الحرب؛ نموذج واحد لهذا التوجه خارج منطقة الجزاء عرض على هامش محادثات السلام التي رعاها كيري؛ فيدرالية اقتصادية مستقبلية بين ثلاثة دول سيادية (إسرائيل والأردن وفلسطين)، مشروع كهذا سيسهم في إيجاد حل لقضايا الوضع النهائي، وفي نهاية الأمر سيساعد في إحلال الاستقرار الاقتصادي بشكل أفضل بكثير، والخطة مبنية على أساس القرب الجغرافي والديموغرافي للكيانات الثلاثة المعنية، وكذلك استناداً الى الواقع الجيوسياسي الجديد للائتلاف بين الدول السنية البرغماتية (مصر، الأردن، السعودية، والسلطة الفلسطينية).
المسؤولون الفلسطينيون في رام الله يؤكدون ان سلطة فتح تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى الى تشجيع الدول العربية لكي تدخل نهاية المطاف الى عملية تفاوضية جديدة، الرئيس الفلسطيني عباس لا يستبعد امكانية إقامة علاقات وثيقة مع المملكة الهاشمية ما دام ذلك يتم بين دولتين مستقلتين برعاية الجامعة العربية وتأييد مصر.
ويقول مسؤولون في السلطة الفلسطينية انهم يرون قيمة إضافية في خطة الكونفدرالية الاقتصادية، في حال استنسخت الأخيرة على النموذج الأوروبي بن لوكس وهو الاتحاد بين بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ، مثلما عرض في الماضي الرئيس السابق ياسر عرفات، وما زلت أذكر اللقاءات مع عرفات الذي رسم هذه الرؤية وبين مزاياه الاقتصادية العظمى.
الخطة التي أعدها خبراء فلسطينيون هي الآتي: دولة فلسطينية ترتكز على حدود العام 1967 عاصمتها القدس الشرقية، مع جدول زمني واضح لا قامتها، اتفاق على إقامة اتحاد اقتصادي بين فلسطين وإسرائيل والأردن، يتضمن التجارة الحرة وتعاون في مجالي الطاقة والمياه منطقة سياحية خاصة ثلاثية الدول في البحر الميت، والوصل ما بين الأردن وحيفا، وترتيبات أمنية مشتركة في قضية محاربة الإرهاب على جانبي الأغوار، وإشراك الأردن في ايجاد حل للقضايا النهائية، وخصوصاً قضية القدس واللاجئين.
القادة الفلسطينيون المؤيدون لهذه المبادرة يفعلون ذلك بحسن نية، ويخشون من موطئ قدم غير مرغوب فيه للأردن في الضفة الغربية والقدس، وكذلك من سيطرة اقتصادية لإسرائيل، وبرغم هذا فإنهم يشخصون مزايا مهمة في هذا المقترح القديم الجديد، وأولاً وقبل كل شيء انها تؤسس لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، فحسب رأيهم فإن تخوف إسرائيل من الاستقلال الفلسطيني سيتبدد بعد توطيد العلاقات مع الأردن، وكما قال لي مسؤول في السلطة الفلسطينية من ناحية الإسرائيليين هناك نوعان من الفلسطينيين؛ هؤلاء الذين تبغضونهم سكان الضفة الغربية وغزة، وهؤلاء الذين تحبونهم الأردنيون .
ميزة حقيقة أخرى تتعلق بمستقبل الأغوار، وهي التعاون الأمني مع الأردن من جانب، ونمو اقتصادي ثلاثي الدول من الناحية الأخرى سيخفض، حسب رأيهم، الشره الاسرائيلي تجاه الأغوار.
ماعدا الدول المشاركة؛ فإن ثلاثة جهات أخرى يجب ان تتبرع بسخاء للخطة المقترحة؛ مصر وبمكانتها الاقليمية القوية، وبقيادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ستسهم القاهرة في المساعدة على استقرار قطاع غزة، وتشجع الجامعة العربية لتوفر غطاءً وتزود مظلة سياسية للمسيرة السياسية.
السعودية، وبفضل المصلحة الاستراتيجية خاصتها في خلق ائتلاف برغامتي مناهض لإيران، ستقدم مبادرة السلام العربية كأساس لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
الولايات المتحدة الأمريكية؛ مسؤولون كبار مقربون من وزير الخارجية كيري يعلمون عن وجود هذه الخطة أثناء إدارته لمحادثات السلام، أفصح جون كيري ان ملك الأردن قلق للغاية على الاستقرار الداخلي في المملكة، غير انه منفتح على دور أردني فاعل تجاه قيام دولة فلسطينية مستقلة في هذه المرحلة، ويعتقد مسؤولون في الحكومة الامريكية ان خطة من هذا القبيل لا مجال لتحققها، ولكنهم هم أيضاً يعترفون انه وبعد انتخابات منتصف حقبة الرئاسة في نوفمبر 2014 فإنهم سيقدمون مبادرات خلاقة خاصة بهم تتضمن دوراً فعالاً لدول الاعتدال العربي.
عندما يشخص خبراء أمنيون لنتنياهو حاجة استراتيجية إسرائيلية لتقوية العلاقات مع مصر والأردن يشمل تدخل تلكما الدولتين في مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية؛ فإنهم يرون في ذلك جزءاً لا يتجزأ من عملية إضعاف حماس الضرورية في غزة والضفة على حد سواء.
مصر والأردن يعتبران في مجلس الأمن شريكين وثيقين في موضوع الأمن، ويقومان بتعاون يومي مع رجال أمن السلطة الفلسطينية، وينظرون بإيجابية الى تعاون عباس الأمني في الضفة الغربية مع إسرائيل؛ كل ذلك يخلق أساساً جيداً أكثر للتعاون الوثيق بين الأردن وإسرائيل ومصر وفلسطين في كل ما يتعلق بالحرب على الإرهاب، القيادة السياسية في إسرائيل تعرف جيداً هذه المزايا، غير ان الايديولوجيا الدبلوماسية الحزبية الداخلية الضيقة الأفق تقف في وجه نتنياهو وتمنعه من اعتماد خطة إقليمية حقيقية لحل الصراع مع الفلسطينيين على أساس خارطة هذه المبادرة.
رئيس الحكومة مُصر على استغلال آثار الحرب على غزة ليس كقناة متوفرة لتقوية عباس، وإنما لإضعاف حكمه في الضفة الغربية لصالح حكم إسرائيل ذاتها، تحت شعار حفظ أمن المستوطنات، تحدي اعتماد سياسة السلام الفلسطينية التي تحظى بالدعم الإقليمي تقع اليوم على عاتقي الوزيرين لبيد وليفني، ولكن كأمر تفصيلي صغير الإنذار السياسي الذي حدده اثنيهما لن يُحرك نتنياهو باتجاه قبول هذا التوجه من خلال ائتلاف بديل مثل حكومة وحدة جديدة.
يمكن الافتراض ان فرصة تقديم أهمية متجددة في موضوع حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فقط كجزء من الجدل السياسي في معركة الانتخابات الاسرائيلية القادمة.