الحوار الوطني السوداني .. عثرات في طريق التوافق السياسي

عربي ودولي


تشهد الساحة السودانية حاليًا حالة من الحراك السياسي غير مسبوقة منذ عشرات السنين، بعد أن أطلق الرئيس عمر البشير مبادرته للحوار الوطني الشامل ودعوته لكافة الأحزاب والقوى السياسية للمشاركة في هذا الحوار من خلال الاتفاق على الثوابت الوطنية للبلاد.

وقد تباينت واختلفت ردود أفعال الأحزاب والقوى السياسية السودانية من تلك المبادرة ما بين مؤيد ومعارض لها، حيث استبشرت الأوساط السياسية خيرًا في بداية الإعلان عن المبادرة والتفت واجتمعت مختلف الأحزاب في لقاء شهير بقاعة الصداقة بالخرطوم بحضور الرئيس السوداني في محاولة لتقريب وجهات النظر بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم وبقية الأحزاب والقوى السياسية، وخاصة حزبي الأمة القومي المعارض برئاسة الصادق المهدي، والمؤتمر الشعبي برئاسة حسن الترابي، بغية الخروج من الأزمات التي تعانيها البلاد، خاصة وأن المنطقة تعج بالحروب والتوترات بعد التداعيات السلبية لما أطلق عليه ثورات الربيع العربي .

واصطدمت مبادرة البشير للحوار الوطني بأزمة كادت أن تعصف بها وذلك بعد اعتقال أجهزة الأمن والمخابرات السودانية للصادق المهدي لمدة شهر كامل بأحد سجون ولاية الخرطوم، وكانت تلك الحادثة عاملا مؤثرا في تعطيل مسيرة الحوار الوطني وأدت إلى تراجع العديد من الأحزاب عن المضي في تلك المبادرة ومنهم حركة الإصلاح الآن بزعامة صلاح الدين العتباني ومجموعة الإصلاحيين المنتمية لتلك الحركة، في حين ظلت بعض الأحزاب المتوافقة مع حكومة الخرطوم والحزب الحاكم على نهجها في المضي قدما في الحوار باعتباره السبيل الوحيد لإنقاذ السودان من المشاكل والتحديات التي تواجه، وخاصة المشكلات الاقتصادية التي تفاقمت خاصة بعد نشوب الحرب بدولة جنوب السودان وتوقف ضخ النفط فضلا عن استمرار العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على البلاد منذ فترة طويلة.

وعلى الرغم من تلك الصعوبات والعثرات التي تواجه مسيرة الحوار الوطني بالسودان فقد أعلنت لجنة الحوار الوطني السوداني المعروفة باسم (7+7) خارطة طريق لتنفيذ الترتيبات العملية لمسيرة الحوار الوطني الشامل، وأقرت اللجنة قيام مؤتمر عام للحوار الوطني برئاسة الرئيس عمر البشير، يتم تحديد موعد انطلاقه خلال الأيام القادمة .

وحددت اللجنة، عبر خارطة الطريق غايات وأهداف الحوار في التأسيس الدستوري والمجتمعي في إطار توافقي بين السودانيين لإنشاء دولة راشدة ونظاما سياسيا فاعلا والتعاون بين السودانيين والتوافق علي تشريعات دستورية قانونية تكفل الحريات والحقوق والعدالة بجانب التوافق علي التشريعات والإجراءات الضرورية لقيام انتخابات عادلة نزيهة .

وأكدت الخارطة أن مطلوبات تهيئة المناخ وإجراءات بناء الثقة تتمثل في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وكفالة الحريات السياسية وتجنب خطاب الكراهية ووضع الضمانات اللازمة لمشاركة حاملي السلاح في الحوار وان يكون القضاء هو الجهة المعنية بقضايا النشر والتعبير.

وحول المبادئ الأساسية للحوار أوضحت اللجنة أنها تقوم على الشمول في المشاركة والموضوعات والشفافية والالتزام بالمخرجات وتنفيذها .

وأوضحت اللجنة أن هياكل المؤتمر تتكون من المؤتمر العام، ولجان المؤتمر، واللجنة التنسيقية العليا والأمانة العامة وتتكون عضويته من الأحزاب السياسية المسجلة والحركات الموقعة والحركات التي تحمل السلاح وتوافق على المشاركة وشخصين من كل حزب أو حركة احدهما مشارك والآخر مناوب فضلا عن (50) من الشخصيات الوطنية وإعلام وقيادات المجتمع .

وأكدت اللجنة أن القرارات في المؤتمر العام تتخذ بالتوافق وإذا تعذر فبأغلبية 90% من الحضور اجتماع قانوني.

وحول آليات تنفيذ الحوار أوضحت اللجنة انه عند الاتفاق علي مخرجات الحوار يتم الاتفاق علي آلية تنفيذية وآليات أخرى يتفق عليها لإنفاذ مخرجات الحوار.

ودعت اللجنة إلي تسخير الإعلام الرسمي للدولة لدعم الحوار عبر إنشاء موقع الكتروني، نشرات دورية ، وإصدار البيانات، وتحديد ناطق رسمي باسم المؤتمر.

وتم الاتفاق علي دعوة الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ولجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى وجهات أو أشخاص يتفق عليهم لمراقبة أعمال المؤتمر بجانب عدد لا يتجاوز الخمسة من الموفقين من الشخصيات الوطنية تكون مهمتهم التوفيق بين أطراف الحوار .

وفي السياق كشف مساعد الرئيس السوداني إبراهيم غندور، عن اتصالات مكثفة جرت بين حكومة الخرطوم وحركات دارفورية مسلحة-لم يسمها-أبدت رغبتها بالمشاركة في الحوار الوطني، مشيرا إلى أن تلك الاتصالات شاركت فيها الحكومة السودانية وأحزاب معارضة بجانب رئيس البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور محمد بن شمباس عبر الوسيط الأفريقي ثامبو أمبيكي، بغية إقناعهم المشاركة في الحوار.

كما أعلن مجلس أحزاب حكومة الوحدة الوطنية بالسودان، قبوله بمشاركة مراقبين محليين ودوليين وإقليميين لمراقبة مجريات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومتابعته بصورة جرئيه ومسئولة من قبل الآلية التنسيقية تحت إشراف رئاسة الجمهورية .