العائدون من جحيم ليبيا يروون لـ"الفجر" مأساة الموت والبحث عن لقمة العيش والمصير الغامض


الليبيين بيضربونا والتوانسة مش عاوزين يستقبلونا.. وبقينا 4 أيام ذلّ على حدود معبر رأس جدير بلا طعام

هناك العديد من المصريين ما زالوا عالقين على حدود تونس.. وتحرك الدولة بطيء

فروا من مصر بحثاً عن مورد للرزق، فوجدوا أنفسهم بلا حماية في بلاد تفتقد الأمان وتتصارع فيها الجماعات المسلحة وجيش حفتر على قيادة ليبيا، حيث أن العمال المصريين في ليبيا يقدرون بـ4 مليون، يعمل معظمهم بأعمال التشييد والبناء والزراعة والصيد.

ومنذ اندلاع الثورة الليبية فى فبراير 2011، تعرضت حياتهم للقتل والنهب فى ظل حرب أهلية شهدتها البلاد راح ضحيتها عشرات المصريين، وهربوا فارين مع ازياد الضرب وتصيُد المصريين إلى الحدود الليبية التونسية عند معبر رأس جدير ، ولم يسلموا بل تعرضوا للإهانات والضرب مع عدم توافر الحياة الآدمية ليعودوا مرة ثانية إلى وطنهم مصر تاركين متاعهم و تحويشة العمر.

وقدرت وزارة القوى العاملة عدد العمالة المصرية العائدة من ليبيا بعد الثورة بـ420 ألفا، وفقاً لعقود العمل لديها مع وجود عدد لا يستهان به سافر وعمل بليبيا دون حصوله على عقد عمل معتمد، حيث يقدرون بـ3 مليونا و300 ألف أو ما يزيد، وكانت وزارة القوى العاملة والهجرة قد سبق وسجلت 180 حالة وفيات للمصريين فى ليبيا للمطالبة بتعويضات أسرهم عندما تستقر الأوضاع هناك، حيث عبر العائدون من ليبيا عن قسوة ما عانوه هناك من ضياع حقوقهم وأموالهم وسوء المعاملة والإساءات على الحدود التونسية مع عدم توافر الطعام وإطلاق الرصاص من القوات الليبية، ما أدى لوفاة البعض وأصابة أخرون.

محمد مفتي: ضاعت تحويشة التلت سنين 25 ألف جنيه

محمد مفتي محمد على، الشاب العشرينى الذى كان يعمل بالمعمار والتشييد داخل ليبيا، بدأ حياته هناك عن طريق منفذ السلوم، وكان يقطن مدينة طرابلس، وعاد إلى بلده أسيوط 1 أغسطس، يقول عن رحلته إلى ليبيا: ضاعت تحويشة التلت سنين 25 ألف جنيه، خدوا مننا الفلوس والموبايلات، ومن شهر رمضان زادت الاشتباكات بين الجماعات المسلحة وجيش حفتر، وتعرض المصريون للموت حيث مات ما يزيد عن 25 مصرى، وهربنا من السكن الذى تم تدميره بعد خروجنا، وتوجهنا لرأس جدير على الحدود التونسية الليبية، وكنا نتعرض للضرب من الشرطة الليبية بالعصيان وإطلاق الرصاص تحت الرجل، ما أدى لإصابة البعض، كما أغمى على آخرون لعدم وجود طعام أو مياه .

وأضاف: شوفنا العذاب.. الليبيين بيضربونا والتوانسة مش عاوزين يستقبلونا كنا حوالى من 6 آلاف مصرى عالقين، ومصر للطيران نقلتنى أنا وحوالى 750 مصرى للقاهرة، وما زال الكثير يعاني المعاملة الغير إنسانية، وفقدنا جميع متعلقاتنا المادية من فلوس، ورجعنا عاطلين زى الأول .

وأوضح محمد مفتي، وجود العديد من المصريين الذين ما زالوا عالقين على حدود تونس، ويعانون الاضطهاد والإصابات، مدللاً على ذلك بأبن عمه محمود عبد الله، 23 سنة، الذي عاد يوم 3 أغسطس مصاب في عينه نتيجة إطلاق الرصاص تحت الأرجل من جانب القوات الليبية، مؤكداً أن مندوبي السفارة يشاهدون عمليات الضرب والإهانة للمصريين على الحدود ولا يتحركون، مطالباً الدولة بعدم التخازل أو البطىء والتفريط فى كرامة وحقوق المصريين.

فايز صديق: قررت أرجع فى مصر وأموت فيها أحسن.. والخارجية وعدتنا بالتعويضات

فايز صديق ، أربعينى العمر، كان يعمل نقاش فى طرابلس، ولم يتجاوز الثلاث سنوات هناك، حتى جاءت الثورة الليبية وقضت على عمله و تحويشة سنين غربته ، وعاد السبت 2 أغسطس إلى مسكنه بمدينة نصر، يروي قائلاً: مفيش شغل فى مصر فروحت اشتغل فى ليبيا وأشوف رزقى، وخلصت ورقى وسافرت بالطيران المصري، وبعد الثورة الليبية كانت تحدث اشتباكات وقتل للمصريين، بس قاعدنا وكنت باجى مصر، وبرجع تانى عشان اشتغل، لحد ما الوضع أتأزم وتعرض المصريون للأذى والسرقة والقتل، والشغل ظروفه بقت واقفة مع قلة المواد الغذائية، وفى شهر رمضان ضربوا المطار وأشعلوا النيران بمخزن البترول المجاور له، وبدأوا يضربوا فى بعض وبيستهدفوا العمارات التى تحوى العمالة المصرية، فقررت أرجع فى مصر وأموت فيها أحسن .

وأضاف فايز، قائلاً: وصلنا للحدود الليبية التونسية وكانت أعداد المصريين تزيد عن 10آلاف مصرى بدون أكل أو شرب، وتعرضنا للإهانات والضرب بالنار من جانب القوات الليبية ومات منا البعض، وتعرض آخرون للجروح والإصابات، وتم نقلنا على مراحل على خطوط الطيران المصرى ، موضحاً أنهم ظلوا 4 أيام ذلّ على حدود معبر رأس جدير بلا طعام وكانت السيارات المارة تعطف علينا ببعض المياه، متابعًا: تعرضنا للموت، ومازال المصريون الباقين هناك يتعرضون لذلك، وانتقلت مع طيارة حوت 300 راكب مصرى يوم السبت 2 أغسطس، وما زال الأخرين عالقين فى ظروف صعبة، وابن عمى شاب لم يتجاوز الـ25 من عمره، كان يعمل فى محل خشب هناك ولسة موصلش .

وعن العمل فى مصر والتعويضات، أكد بأن الخارجية المصرية وعدتهم بصرف تعويضات لهم عن ضياع حقوقهم وأموالهم، مطالباً الدولة بسرعة التحرك لمساعدة المصريين الذين يتعرضوا للموت يومياً، وتوفير فرص عمل لهم عند مجيئهم إلى مصر، موضحاً أنهم حوالى 4 مليون مصرى فى ليبيا، مشيراً بالقول: عملت فى مصر بس ظروف الحياة غالية والمعيشة صعبة والمرتب مش كويس عشان كدا بنسافر ونهاجر عشان نعيش ، مؤكداً أن تحرك الدولة المصرية بطيء ولا يوجد حماية للمصريين وتوفير سبل الأمان وخاصة للعالقين على الحدود التونسية.

موسى خميس: ابني قالي مش هرجع مصر لأن بالنسباله هنا موته وهناك

فيما قال موسى خميس، المواطن الأربعيني الذى عاد من ليبيا يوم الجمعة 1 أغسطس على الطيران المصرى، وكان يعمل نقاش فى جنزو بالقرب من مدينة طرابلس منذ 20 سنة، مرددا: ضاعت تحويشة العمر والغربة، شوفنا الموت بعنينا هناك، وبعد قيام الثورة الليبية فى فبراير 2011 ونتعرض للسلب والقتل، ولكن الأمور تصاعدت بين الجماعات المسلحة خلال الشهور القليلة الأخيرة، وتعرض زملاء لنا للقتل، وهرب البعض لتونس وإيطاليا، وهربنا للحدود الليبية للسفر إلى مصر .

وتابع موسى: مبقاش فيه شغل.. البلد بقيت خرابة ، مطالباً الدولة بتعويضهم عن أموالهم، موضحاً أن مصر مفيهاش شغل وهسافر تانى بس الأردن ، مؤكداً أن ابنه، في العقد الثاني من العمر، ما زال موجودا فى ليبيا، و قالى مش هرجع إلا لما أجيب فلوسنا اللى عند الناس وأشوف الظروف، وقالى هرجع أعمل أيه، الشباب مش لاقى الأمان ولا الشغل فى بلده وبالنسباله هنا موته وهناك .