الولادة في قطاع غزة معاناة من نوع آخر
تنتظر نسرين سلمان الحامل في شهرها التاسع في ركن غرفة في مدرسة تابعة للامم المتحدة في شمال قطاع غزة ان يتسنى للاطباء في مستشفى الشفاء بغزة استقبالها لاجراء عملية قيصرية، في وقت يكتظ المستشفى بجرحى الحرب الاسرائيلية.
وصدمت نسرين التي تعاني من التهاب الكبد الوبائي برفض مستشفيات القطاع ترتيب ولادتها بسبب ازدحام المشافي بالاف الجرحى بفعل الحرب الاسرائيلية التي اوقعت اكثر من 1875 قتيلا فلسطينيا معظمهم من المدنيين.
وتقول: ذهبت الى مستشفى الشفاء الطبي وطلبوا مني ان أصبر أسبوعا آخر، حيث ان كافة اطباء التخدير مشغولون في غرف العمليات يعالجون جرحى الحرب .
وتضيف: لا يمكنني ان تحمل اكثر. الحمل سيقتلني وانا اعاني من التهاب الكبد الوبائي ومرض السكر والضغط .
وتتابع: اكدت لهم احدى طبيبات النساء والولادة ان حالتي خطرة ولكنهم رفضوا ايضا (...) انهم يستقبلون حالات الولادة الطبيعية ولكن ولادتي غير عادية .
ويلتف أطفالها الاربعة حولها في الغرفة المكتظة بأكثر من 50 شخصا لجأوا الى المدرسة.
لجأت نسرين (37 عاما) مع اطفالها الى هذه المدرسة هربا من القصف الاسرائيلي في محيط منزلها في منطقة العطاطرة شمال قطاع غزة.
وتقول: ذهبت الى مستشفى خاص ولكنهم طلبوا مني الف شيكل (نحو 290 دولارا اميركيا) لاجراء العملية ولكن لا يوجد معي مثل هذا المبلغ .
وتتابع وهي تبكي بحرقة: انا خائفة على الجنين. لم أعد اشعر بحركته... الموت يلاحقنا في كل مكان، هربنا من بيوتنا تحت القصف ولا نريد ان نموت .
كانت ام رزق غبن (32 عاما) التي تقيم في غرفة مجاورة في المدرسة التي لجأت اليها قبل عشرين يوما اوفر حظا، حيث وضعت طفلها قبل اسبوع في مستشفى مجاور.
وتقول هذه السيدة التي تحمل طفلها الرضيع محمد: اتيت الى هذه المدرسة هربا من القصف في منطقة العطاطرة وجاءني المخاض قبل اسبوع ونقلوني بالاسعاف الى المستشفى .
تجلس ام رزق على فرشة بالية في ركن في الغرفة محاطة بشراشف معلقة لمنحها خصوصية مع ابنائها الثمانية وزوجها ينامون جنبا الى جنب في هذه المساحة الضيقة.
وتقول وهي تدفع الذباب عن وجه طفلها: انا خائفة جدا على طفلي من الامراض والاوبئة في هذه الغرفة مزدحمة جدا والحشرات تملأ المكان .
وتضيف: الوضع هنا صعب جدا حتى دورات المياه الدخول اليها صعب .
وتم تخصيص سبع دورات للنساء واخرى للرجال في هذه المدرسة التي تؤوي 3800 لاجئ على الاقل بحسب ادارة الاونروا.
وفي الطابق الارضي تقف رحاب (40 عاما) التي وضعت جنينها هي الاخرى ايضا بعد لجوئها الى المدرسة لا تسألوني عن الوضع، نحن هنا لا نعيش مثل اي من البشر في العالم .
وتنظر لطفلها ذو العشرة ايام وتقول: ما ذنب هذا الطفل ان يولد على وقع الصواريخ وان يحيا اولى ايام حياته في غرفة يعيش فيها سبعون شخصا على الاقل .
ويقول الطبيب يوسف ابو الريش نائب وزير الصحة في غزة، انه منذ بدء الحرب الاسرائيلية سجلت 4500 حالة ولادة في قطاع غزة.
وتقول الاونروا انها وفرت مأوى لنحو ربع مليون غزي نازح يقيمون حاليا في 83 مدرسة تابعة لها وكان يتم اخلاؤها في بعض الاحيان لاسباب امنية.
لكن هؤلاء النازحين قلقون لانهم سيضطرون بعد هدم بيوتهم او اصابتها باضرار على البقاء في هذه المدارس حتى حصولهم على تعويضات او توفير اماكن سكن اخرى.
وتشير رحاب: حياتنا دمرت، الى اين سنذهب؟ هدموا بيتنا في بيت لاهيا .
وادى القصف الاسرائيلي الكثيف الى تدمير الاف المنازل وتشريد مئات الالاف من الفلسطينيين الذين لجأوا الى مدارس الاونروا او مدارس حكومية او لدى اقارب.