العائدون من ليبيا.. هربوا من الفقر فواجهوا الموت


أحمد الليثى



باحث عمالى: عدد المصريين بليبيا يتجاوز 1.3 مليون

الخارجية: حوالي 10 ألاف مصري عالقون على الحدود

اتحاد العمال: ننسق مع اتحادي عمال ليبيا وتونس لحل الأزمة

القوى العاملة: سجلنا بيانات 3210 عامل عادوا من ليبيا

قيادات عمالية: المسئولية تقع على كاهل الحكومة ويجب تشكيل لجنة لإدارة الأزمة


إنهم الألاف من العمال المصريين الذين قرروا السفر إلى الأراضي الليبية على الرغم من علمهم بالخطر المحيط بهم هناك وكان الدافع الوحيد في قرارهم هذا هو الهرب من الجوع ولكنهم واجهوا خطراً أكبر وهو الموت بعد اشتعال حدة الاشتباكات في ليبيا الأمر الذي أدى لسقوط العشرات منهم بين قتلى وجرحى.

وعلى مدار سبعة أيام ظل الألاف من العمال المصريين الفارين إلى الحدود التونسية يواجهون سوء المعاملة من السلطات التونسية نتيجة لتكدسهم ومحاولتهم التسلسل إلى الأراضي التونسية بالقوة، ولولا قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بفتح جسر جوي لهؤلاء العمال لظلوا يعانون حتى الأن.

فى البداية قال محرز نبيه، باحث أول بوزارة القوى العاملة والهجرة، ان العمالة المصرية التي هربت من الموت في ليبيا لتعيش موتاً من نوع جديد على الحدود التونسية الليبية على مدار سبعة أيام، ولم تتحرك وزارة القوى العاملة لحماية العمالة المصرية الموجودة على الحدود التونسية الليبية ، مطالباً بالمحاسبة السريعة واللائقة لكل من أهمل في حق المواطنين المصريين وأطلق العديد من التصريحات بدون أي سند من الحقيقة.

وأضاف ان العمال المصريين لا يزالون حتى تاريخه ينتظرون من يتدخل لإنقاذهم من الجحيم الهاربين منه في ليبيا ومشاكل النقطة الحدودية التونسية، ولا يزال العمال المصريين حتى تاريخه ينتظرون دورهم في الصعود الى الجسر الجوي لنقلهم الى وطنهم.

وأشار الباحث بالقوى العاملة انه حتى الأن لم يتم تشكيل لجنة سريعة شبه دائمة لإدارة الازمات تابعة لوزارة القوى العاملة ومدعمة من وزارة الخارجية لإزالة أي عقبات تواجه العمالة المصرية، على ان يتم سفر هذه اللجنة فور وقوع الحادث الى موقع الحدث ومعها كافة الاجهزة المعاونة بالإضافة الى استمارات الحصر التي تدعى الوزارة انها قامت بها.

ولفت إلى ان جميع العاملين بالوزارة ظلوا في اجازة رسمية حتى يوم الاحد الموافق 3 /8 / 2014، متسائلاً هل بهذا الوضع من الممكن عمل حصر غيابي بدون لجنة ادارة أزمات؟!

وكشف محرز عن الأرقام الحقيقية للعمالة المصرية في ليبيا، لافتاً إلى ان عدد العمال المصريين قبل ثورة 17 فبراير بليبيا كان وفقا للأرقام المسجلة لدى الوزارة تتعدى مليون وثلاثمائة ألف مصري موزعين داخل الأراضي الليبية.

وأردف قائلاً ان وزارة القوى العاملة والهجرة سبق أن قامت بتسجيل 170 ألف عامل مصري عادوا من ليبيا بعد أحداث 17 فبراير 2011، تمهيدا للمطالبة بتعويضاتهم، كما تم تسجيل 180 حالة وفيات للمطالبة بتعويضات الوفاة لأسرهم المستحقين لهذه التعويضات عندما تستقر الأوضاع، وحتى تاريخه لم تتحرك الوزارة لمطالبة الجانب الليبي بحقوق العمال المصريين.

وحول الوضع الحالي يقول محرز ان عدد العالقين على حدود تونس في تاريخ 4/ 8 / 2014 وصل لأكثر من 14000 عامل، تم نقل عدد 5800 الى مصر والباقيين لا يزال تدبير وسائل بحرية لنقلهم .

وزارة الخارجية

فى حين قللت وزارة الخارجية المصرية العدد حيث قالت فى بيان لها أن عدد المصريين العالقين يتراوح بين 5 و10 آلاف مصري وتم إجلاء ما يقارب 2500 مصري حتى الأن، مبينا أن عملية الترحيل واجهت خلال الفترة الماضية صعوبات بعضها لوجستي وبعضها مرتبط بالظروف الأمنية بالجانب الليبي للمعبر الحدودي إلى جانب المشاكل المتعلقة بطاقة استيعاب الطائرات.

وأشارت الوزارة إلى ان الأطراف الثلاثة المعنية بالأزمة مصر وتونس وليبيا، يبحثون حالياً عن حلول بديلة لنقل المصريين ومن بينها اللجوء إلى الترحيل عن طريق البحر للإسراع في إجلاء المصريين الذي يعانون وضعا معيشيا صعبا على الحدود.

اتحاد العمال

وصرح جبالي المراغي، رئيس اتحاد عمال مصر، عن وجود عمليات تنسيق بين اتحاد العمال ونظيريه بتونس وليبيا للعمل على حل أزمة الألاف من العمالة المصرية داخل ليبيا وخارجها على الحدود التونسية الليبية، مشيراً بأن مسئولي الاتحاد توجهوا حالياً إلى محافظة مطروح لاستقبال العمال العائدين من ليبيا والعمل على ازالة أي عقبات وتسجيل أسمائهم تمهيدا لإرسالها لاتحاد عمال ليبيا حفاظاً على حقوقهم.

وقال المراغي ان العمال المصريين القادمين من الأراضي الليبية من المتوقع ان يلاقوا أوضاعاً مشابهة لتلك التي واجهها العمال الذين فروا من العراق إبان حرب الخليج، حيث ترك العمال متعلقاتهم ومستحقاتهم المالية وراءهم خوفاً من الموت المحيط بهم.

وشدد رئيس اتحاد العمال المصري عن تواصله المباشر مع سعد الصادق، رئيس الاتحاد الوطني لعمال ليبيا لمتابعة أوضاع العمالة المصرية في ظل الاحداث الدائرة في ليبيا وتم الاتفاق على تسهيل إجراءات عودة المصريين، وكذلك التواصل مع اسماعيل السحباني، رئيس الاتحاد التونسي للشغل، للمساهمة بتشكيل لجنة لاستقبال العمالة المصرية وتسهيل إجراءات مغادرتها عن طريق تونس.

القوى العاملة

وكانت وزارة القوى العاملة والهجرة قد أكدت فى وقت سابق بأنها قامت بتسجيل بيانات 3210 مصريا عائدا من ليبيا لضمان مستحقاتهم، مشيرة إلى ان الحكومة تعمل على تسهيل عودة العالقين المصريين العائدين من ليبيا بسبب أحداث العنف التي تشهدها حاليا، عبر معبر رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس.

وطالبت الوزارة كل عامل بتسجيل بيانته في الاستمارات التي طرحتها الوزارة من أجل حفظ حقوقهم، مناشدة العائدين من ليبيا ضرورة استيفائها لضمان حقوقهم وعدم ضياعها.

وحول مؤشرات البطالة بعد عودة العمالة من ليبيا، أفادت الوزارة إن العائدين الذين يعملون في جهات وفي إجازات بدون مرتب سيعودون إلي عملهم، أما العمالة التي لا ترتبط بعمل بالداخل فيمكن لهم التقدم للوزارة لتسجيل أنفسهم علي قاعدة البيانات وفقا للاستمارة المعدة لذلك كراغبين في العمل بالداخل او الخارج تمهيدا لتوفير فرصة عمل لهم وفقا لتخصصاتهم عند وصول فرص من الداخل أو الخارج.

الحكومة مسئولة

من جانبها انتقدت عدد من القيادات العمالية الطريقة التي تعاملت بها الحكومة في بداية الأمر مع الأزمة لولا تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي حتى أصبحت الحكومة تعمل على قدم وساق على عكس الأيام الأولى للأزمة.

وقال كمال عباس، منسق دار الخدمات العمالية، ان المشكلة تبدأ من السلوك الحكومي الذي لم يمنع الأزمة من بدايتها على نهج الوقاية خير من العلاج بإصدار قرارات تمنع سفر المصريين إلى الأراضي الليبية نظراً لتدهور الأوضاع هناك، وكذلك بعد تدهور الموقف في ظل ارتفاع حدة الاشتباكات لم نجد تصريح يعتد به من أي وزير مختص بالأزمة حتى تحول الوضع 360 درجة بعد تعليمات الرئيس السيسي بالتعامل مع الأزمة.

وقال عباس انه قبل ان تقوم وزارة الخارجية بغلق مكاتبها في المناطق ذات الخطورة العالية داخل الأراضي الليبية كان من الواجب ان تقوم بحصر الرعايا المصريين وطرح ضمانات لهم حتى يكونوا بأمان، وبذلك ما كنا واجهنا كل هذه المجازر التي عاشها أبناء مصر من الميلشيات المسلحة في ليبيا.

بينما شدد شعبان خليفة، رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، على ضرورة إنشاء لجنة عاجلة لإدارة الأزمة حتى لا تقع مجازر في حق المصريين داخل ليبيا، مشيراً إلى ان المؤشرات الأولية لدى النقابة تفيد بوجود ما يقرب من مليون ونصف المليون داخل ليبيا.

وطالب خليفة بضرورة ان يقوم كل بواجبه في هذه اللجنة التي يجب ان تضم ممثلين عن وزارة القوى العاملة ووزارة الخارجية وغيرها من الهيئات والمؤسسات المعنية بالأمر.

وانتقد خليفة الدور السلبي الذي قام به المستشار العمالي المصري في ليبيا، لافتاً إلى ان العمال الهاربين من ليبيا وكان هناك لقاء معهم أكدوا أنه لم يقم بأي دور في الأزمة سواء بالمساعدة أو النصح والإرشاد بل اختفى على وجه غير مفسر.

وأشاد بالدور الذي تقوم به وزارة الخارجية المصرية في حلحلة الأزمة، مؤكداً ان المصريين ينتظرون العمل بشكل أكبر لإنقاذ أبناء مصر من الموت المحيط بهم في ليبيا وتونس.

وقال خليفة ان شباب مصر من العاملين بليبيا يدفعون ثم اختيار أباءهم للسيسي رئيساً للجمهورية حيث تنتقم منهم الميلشيات الإرهابية المسلحة بسبب هذا الاختيار.