مصر تطبخ التهدئة في غزة على نار هادئة
أكد مصدر دبلوماسي لـ”العرب اللندنية”، أن وفدا من الاستخبارات الإسرائيلية غادر القاهرة أمس (الاثنين) للتشاور مع القيادة السياسية في تل أبيب بشأن السقف المسموح له بالتفاوض حوله، مشيرا إلى أن كل ما يقال عن أن إسرائيل أوقفت المفاوضات مع القاهرة للتهدئة في غزة بأنه “كلام عار عن الصحة”.
وقال المصدر إن الوفد الإسرائيلي أمضى في القاهرة ثلاثة أيام، وإن السفير المصري في رام الله يقوم بالحوار مع الجانب الإسرائيلي في تل أبيب للتعجيل بإرسال وفد التفاوض الرسمي إلى القاهرة.
وأوضح المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أن مصر تدرك تماما أن مماطلة إسرائيل في إرسال الوفد غايتها رفع سقف المطالب، وعدم إعطاء الفصائل الفلسطينية فرصة للضغط على تل أبيب خلال المحادثات المنتظرة، مشيرا إلى أن جهود القاهرة أسفرت عن وقف إطلاق نار كامل سيعلن عنه خلال 48 ساعة يعقبها خلال 72 ساعة انسحاب القوات البرية الإسرائيلية من قطاع غزة.
وأضاف أن مصر تدرك جيدا أن رفض إسرائيل لن يستمر طويلا وأنها في النهاية ستضطر إلى إرسال وفدها للتفاوض، حيث تخشى أن تعدل القاهرة عن الخوض في الموضوع، مؤكدا أن حضور مساعد وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز، ومبعوث الرباعية الدولية توني بلير للقاهرة معناه أن هناك حوارا دار مع إسرائيل، وتفاهمات تمت بالفعل وسيجري الإعلان عنها قريبا جدا.
ونوه المصدر إلى أن القاهرة أجرت اتصالات مع الجانب الأميركي خلال الساعات الماضية، وأن مصر تلقت تطمينات بالفعل من الطرف الأميركي بشأن حضور الوفد الإسرائيلي.
وكان الوفد الفلسطيني قد عقد اجتماعا في القاهرة أسفر عن تقديم ورقة موحدة من جميع الفصائل للسلطات المصرية، من أجل وضعها على طاولة المفاوضات، تضمنت إنهاء الحصار وفتح المعابر وتأمين حرية التنقل للأفراد ونقل البضائع إلى قطاع غزة، والالتزام باتفاقية “شاليط وإطلاق سراح الأسرى”، وإعادة تشغيل المطار والميناء، وإنهاء المنطقة الأمنية العازلة المفروضة على حدود قطاع غزة.
وقال المصدر، الذي حضر اجتماع الفصائل الفلسطينية مع المسؤولين المصريين، إن حماس أصبحت تسلم الآن بالمبادرة المصرية، مشيرا إلى أن حضور أحد صقور حماس وهو عزت الرشق يعني أن هناك تسليما بالمبادرة.
وأوضح أن مصر تتفهم كافة المطالب الفلسطينية، لكن الشرط الأساسي للقاهرة في الاجتماع مع الجانب الفلسطيني كان معبر رفح، وأكدت لحماس وجميع الفصائل أن المعبر ليس قضية فلسطينية إسرائيلية يمكن التفاوض عليها، لكنه قضية مصرية بالدرجة الأولى يحكمها اتفاق بين مصر والسلطة الفلسطينية والموقع عام 2006، ومصر ترفض الحديث عن إدارة دولية للمعبر بأي شكل من الأشكال.
وأكد أن مصر طرحت على الوفد الفلسطيني حلا لأزمة المعبر، إما أن يصبح خاضعا لحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، أو يتم تمرير اقتراح الرئيس أبو مازن بإرسال 1000 عنصر من حرس الرئاسة لإدارة المعبر على الجانب الفلسطيني، وبالتالي الكرة الآن في ملعب حماس التي لم تعد تغالي في الحديث عن المعبر بعد أن أدركت أن القاهرة لن تتراجع عن شروطها.
على جانب آخر، قال أحد أعضاء الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة لـ”العرب” إن الاجتماع مع المسؤولين المصريين كان إيجابيا ووفر فرصة للحديث بشكل صريح ومباشر للتأكيد على أن هناك موقفا فلسطينيا موحدا، يمكن طرحه أمام أطراف كثيرة.