خُبيب بن عدي
سيرته :
خبيب بن عدي من الأوس، تردد على الرسول -صلى الله عليه وسلم- مذ هاجر إليهم وآمن بالله رب العالمين، كان عذب الروح شفاف النفس وثيق الإيمان، عابدا ناسكا .
غزوة بدر :
شهد غزوة بدر، وكان مقاتلا مقداما، وممن صرع يوم بدر المشرك (الحارث بن عامر بن نوفل) وبعد انتهاء المعركة، عرف بنو الحارث مصرع أبيهم، وحفظوا اسم قاتله المسلم (خبيب بن عدي) .
يوم الرجيع :
في سنة ثلاث للهجرة، قدم على الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد أحد نفر من عضل والقارة فقالوا: (يا رسول الله، إن فينا إسلاما، فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين، ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام)... فبعث معهم مرثد بن أبي مرثد، وخالد بن البكير، وعاصم بن ثابت، وخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبدالله بن طارق، وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على القوم مرثد بن أبي مرثد .
فخرجوا حتى إذا أتوا على الرجيع (وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدأة) غدروا بهم، فاستصرخوا عليهم هذيلا، ووجد المسلمون أنفسهم وقد أحاط بهم المشركين، فأخذوا سيوفهم ليقاتلوهم فقالوا لهم: (إنا والله ما نريد قتلكم، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة، ولكم عهد الله وميثاقه ألا نقتلكم) فأما مرثد بن أبي مرثد وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت فقالوا: (والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا)... ثم قاتلوا القوم وقتلوا .
وأما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي وعبدالله بن طارق فلانوا ورقوا فأسروا وخرجوا بهم إلى مكة ليبيعوهم بها، حتى إذا كانوا بالظهران انتزع عبدالله بن طارق يده من الأسر وأخذ سيفه وقاتلهم وقتل... وفي مكة باعوا خبيب بن عدي لحجير بن أبي إهاب لعقبة بن الحارث ابن عامر ليقتله بأبيه، وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف .
صلب خبيب :
وبدأ المشركين بتعذيبهما -رضي الله عنهما- وقتل نسطاس زيدا، أما خبيب فقد حبس وعذب وهو صابر ثابت النفس، حتى أنه يروى بأن ماوية مولاة حجير بن أبي إهاب قد دخلت عليه يوما فوجدته يأكل عنبا، فخرجت تخبر الناس بذلك، فلا يوجد في مكة عنبا يؤكل...
ثم خرجوا بخبيب إلى مكان يسمى التنعيم، واستأذنهم ليصلي ركعتين، فاذنوا له، وصلى ركعتين وأحسنهما ثم قال لهم: (أما والله لولا أن تظنوا أني طولت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة)... فكان خبيب بن عدي أول من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين... ثم رفعوه على خشبة وصلبوه، فقال: (اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا!)... ثم قال: (اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا!)... ورموه برماحهم وسيوفهم وقتل-رضي الله عنه- .
وشعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمحنة أصحابه، وترائى له جثمان أحدهم معلقا، فبعث المقداد بن عمرو، والزبير بن العوام ليستطلعا الأمر، ووصلا المكان المنشود وأنزلا جثمان خبيب ودفنوه في بقعة طاهرة لا نعرف اليوم مكانها .