قطع الإنترنت والاتصالات وطائرات بدون طيار سبقت الإجلاء المفاجئ من مطار معيتيقة بليبيا

عربي ودولي


جريدة الشرق الأوسط- أبلغ أحمد الأمين، الناطق باسم الحكومة الانتقالية في ليبيا، «الشرق الأوسط»، أن الإجلاء المفاجئ الذي قامت به فجر أمس الولايات المتحدة لكل الموظفين من سفارتها في العاصمة الليبية طرابلس جرى بالتنسيق مع الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني، وأن الحكومة كان لديها إخطار مسبق من الإدارة الأميركية باعتزامها اتخاذ هذه الخطوة. وكشف الأمين النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن أن الثني سيشارك في القمة الأفريقية - الأميركية التي تستضيفها الولايات المتحدة مطلع الشهر المقبل، لكنه رفض الإجابة عن الكيفية التي سيغادر بها الثني مطار طرابلس متوجها إلى الولايات المتحدة بعد منعه الأسبوع الماضي من مغادرة مطار معيتيقة إلى مدينة طبرق في المنطقة الشرقية من قبل مسلحين يسيطرون على المطار. وفي عملية دامت نحو ست ساعات وسبقها قطع متعمد لخطوط الاتصالات وخدمات شبكة الإنترنت في طرابلس وعدة مدن ليبية، أجلت السفارة الأميركية كل موظفيها، بينما سكتت نهائيا الاشتباكات الدامية بين الميلشيات المتصارعة للسيطرة حول منطقة مطار العاصمة طرابلس.

وحلقت طائرات أميركية من دون طيار قبل بدء العملية فوق سماء المدينة لنحو ساعة كاملة فيما بدا أنه بمثابة عملية رصد للأجواء، قبل أن تظهر في الأفق طائرات عسكرية أميركية حامت فوق المنطقة التي يقع فيها مقر السفارة بشارع ولي العهد المتفرع من طريق المطار جنوب طرابلس.

ووفرت طائرات «إف 16» مقاتلة وطائرات هليكوبتر من طراز أوسبري الحماية للرحلة البرية التي استغرقت نحو خمس ساعات إلى تونس ولم تقع أي حوادث.

وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنيت مثل «تويتر» و«فيسبوك»، بسخرية سكان العاصمة من صمت الميليشيات المسلحة عن تبادل القصف فيما بينها بينما كان الأميركان يقومون بأطول عملية إجلاء للسفارة في طرابلس.

وقالت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن عملية الإجلاء شملت أيضا نقل معدات وتجهيزات ومهام لوجيستية. وقال مسؤول ليبي رفض تعريفه: «هذه التدابير جرى استحداثها بعد مقتل السفير الأميركي السابق في حادثة الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي قبل نحو عامين. إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تريد إزالة التأثير السيئ التي تركته تلك الحادثة على الرأي العام الأميركي».

وأضاف: «مجموعة الإجراءات التي جرى اتخاذها تظهر عملية عسكرية دقيقة ومنظمة. المعلومات تشير إلى أن الإخلاء قد جرى من قاعدة معيتيقة التي يسيطر عليها عبد الحكيم بلحاج القيادي السابق في الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة والتي منع رئيس الوزراء من مغادرتها في وقت سابق».

ورغم أن السفارة كانت تعمل بعدد محدود من الموظفين، غادر الفريق المتبقي وفي عداده السفيرة ديبورا جونز برا إلى تونس، في عملية جرت بمساعدة الجيش الأميركي.

وجاء إجلاء الموظفين الدبلوماسيين بعد ساعات على تحذير الحكومة الليبية من «انهيار الدولة» مع استمرار المعارك بين مجموعات مسلحة تتنافس من أجل السيطرة على مطار طرابلس لليوم الثالث عشر على التوالي.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنه جرى إخلاء السفارة ونقل العاملين بها تحت حراسة مشددة عبر الحدود إلى تونس بسبب تصاعد الاشتباكات بين ميليشيات متناحرة في طرابلس.

وتدهور الوضع الأمني في العاصمة الليبية طرابلس بعد أسبوعين من القتال بين ميليشيات تبادلت إطلاق الصواريخ ونيران المدفعية في طرابلس قرب مجمع السفارة.

وقالت ماري هارف، المتحدثة باسم الوزارة، في بيان: «الأمن يأتي في المقام الأول. للأسف، اضطررنا لاتخاذ هذه الخطوة لأن موقع سفارتنا قريب جدا من القتال المحتدم والعنف الدائر بين الفصائل الليبية المسلحة».

وقالت إن الموظفين سيعودون إلى طرابلس بمجرد استتباب الأمن. وحتى ذلك الحين، ستدار عمليات السفارة من مكان آخر بالمنطقة ومن واشنطن، مضيفة في بيان: «نظرا لاستمرار العنف الناجم عن اشتباكات بين مجموعات مسلحة ليبية قرب السفارة الأميركية في طرابلس، قمنا مؤقتا بنقل كل موظفينا خارج ليبيا».

وتابعت: «نحن ملتزمون بدعم الشعب الليبي في هذه الأوقات الصعبة، وندرس حاليا خيارات لعودة دائمة إلى طرابلس فور تحسن الوضع الأمني على الأرض»، مشيرة إلى أن الموظفين سيعملون من واشنطن ومراكز أخرى في المنطقة».

من جانب آخر، قال المتحدث باسم البنتاغون، الأميرال جون كيربي، إن «موظفي السفارة نقلوا في سيارات إلى تونس»، في عملية استغرقت خمس ساعات وجرت بهدوء وسط مراقبة جوية من قبل طائرات إف 16» وبدعم من القوات المجوقلة الأميركية.

وجرى إجلاء عناصر الأمن من المارينز أيضا من السفارة وقاموا بحراسة الموكب، كما أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرا إلى الأميركيين من السفر إلى ليبيا وحثت كل الموجودين في هذا البلد على «الرحيل فورا».

ومطار طرابلس الدولي مغلق منذ بدء المعارك في 13 من شهر يوليو (تموز) الحالي التي خلفت 47 قتيلا و120 جريحا، بحسب آخر حصيلة لوزارة الصحة.

واندلعت هذه المواجهات - وهي الأعنف في طرابلس منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011 - بعد هجوم لمجموعة مسلحة إسلامية من مدينة مصراتة (200 كيلو شرق العاصمة) حاولت طرد مجموعة مسلحة من الزنتان من المطار.