الاعتكاف السنة الغائبة

إسلاميات



الاعتكاف في رمضان سنة مؤكدة وهدي نبوي، التزمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات، كما حدثتنا بذلك أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث قالت: «كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه اللَّه»، وقالت كذلك: «أن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيامٍ، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً».

وأما الحكمة من مشروعيته فهي التفرغ للعبادة من صلاة وذكر ومجالس العلم وتلاوة القرآن وغير ذلك من الطاعات والعبادات، وهذا لا يتم إلا بالعزلة عن الناس، وهذه العزلة لا تتحقق إلا بمكان خاص يخلو فيه المعتكف كما يوجد في كثير من المساجد، حيث يوجد فيها مكان مخصص يخلو فيه المعتكفون.

وليس لوقت الاعتكاف حد محدود في قول كثير من أهل العلم؛ فللإنسان أن يَعتكِف العشر الأخيرة من رمضان كلها، وهذا أفضل الاعتكاف، وهو اعتِكاف النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وله أن يَعتكِف بعضها، وله أن يَعتكِف يومًا وليلة، وله أن يَعتكِف لليلة كاملة، وله أن يَعتكِف بعض يوم أو بعض ليلة كساعة أو ساعتين، أو بين العشاءين، أو من العصر إلى المَغرب، أو من القيام الأول إلى الثاني في العَشر الأواخِر، كل ذلك سائغ؛ لأن الشرع لم يُحدِّد وقتًا لأقلِّه ولا لأكثرِه، فما اعتبِر اعتِكافًا في اللغة صحَّ شرعًا، مع اعتبار النية في ذلك كغيرِه من العبادات.

ويجوز للمعتكف أن يخرج من المسجد لقضاء بعض الأمور الضرورية كقضاء الحاجة إن لم يكن هناك مكان مخصص لذلك، وكذا الإتيان بطعام وشراب، أو الإتيان بملابس وغيرها، إذا لم يوجد من يأتيه بشيء مما ذكر، والأولى أن يأخذ المعتكف معه كل ما يرى أنه بحاجة إليه لقول أبي سعيد رضي الله عنه: اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العشر الأوسط ، فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : «من اعتكف فليرجع إلى معتكفه».