مجزرة في خان يونس.. قتال عنيف حول الأنفاق داخل مدن غزة واستشهاد 50


الشرق الأوسط الدولية- قتلت إسرائيل أمس اليوم الـ16 للعدوان أكثر من 50 فلسطينيا وأصابت 300 بجروح في قصف عنيف على مناطق مختلفة في قطاع غزة. وسقط نصف الضحايا على الأقل في خان يونس جنوب القطاع ليرتفع عدد القتلى منذ بدء الحرب إلى 678. جلهم من الأطفال والنساء، وعدد المصابين إلى 4250.

واتهمت حركة حماس إسرائيل بارتكاب «مجزرة جديدة» في بلدة خزاعة شرق مدينة خان يونس، وقالت: إنها خلفت الكثير من الجثث في المنازل والشوارع.

وضربت إسرائيل حصارا مشددا على خزاعة أمس، وسط قصف عنيف في محاولة لدخول البلدة الحدودية. وأطلق فلسطينيون محاصرون نداء استغاثة لإنقاذهم من تحت نيران المدفعية الإسرائيلية، لكن الصليب الأحمر الدولي وسيارات الإسعاف لم يستطيعا دخول المنطقة على الفور.

وقال الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة لـ«الشرق الأوسط» إن «عدد الشهداء والجرحى في خزاعة غير معروف على وجه الدقة». وأضاف: «سيارات الإسعاف دخلت وتحاول الوصول إلى كل الشهداء والجرحى». وأكد القدرة أن مواطنين ما زالوا تحت الأنقاض في خزاعة وكذلك في الشجاعية التي هاجمتها إسرائيل بعنف قبل أيام. ونجح المنقذون في انتشال أحياء من تحت أنقاض الشجاعية بعد 4 أيام على محاصرتهم تحت الركام. ونقل 12 منهم على الأقل إلى مستشفى الشفاء لتلقي العلاج وسط ذهول ذويهم وفرحة كبيرة عمت المكان. وكانت إسرائيل قتلت الأحد الماضي في الشجاعية نحو 90 فلسطينيا في ليلة دامية هدمت فيها المنازل على رؤوس ساكنيها.

وأعلن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، عضو لجنة الحقوقيين في جنيف، أن أكثر من ثمانين في المائة من القتلى الفلسطينيين في الغارات والقصف الإسرائيلي المستمر منذ 8 يوليو (تموز) على قطاع غزة هم من المدنيين، ومن بينهم 161 طفلا و91 امرأة.

بدوره، قال سامي أبو زهري، الناطق باسم حماس، بأن «جميع الجرائم الإسرائيلية في الشجاعية وخزاعة وكل مكان لن تفلح في كسر إرادة شعبنا». وأضاف: «الاحتلال سيدفع الثمن». وعادت إسرائيل أمس، وهاجمت حي الشجاعية بعنف شديد. وقال ناطقون إسرائيليون بأن الطائرات ألقت على الحي قرابة 120 قذيفة تزن الواحدة منها طنا من المتفجرات. ويعتقد أن الجيش الإسرائيلي يحاول الانتقام من الحي الذي تكبد فيه خسائر كبيرة في أول محاولة لاقتحام غزة برا. ومن بين الأهداف التي قصفتها إسرائيل أمس بشكل مباشر إلى جانب المنازل ومولدات الكهرباء مجمع مستشفى الوفاء الطبي.

واستنكر «مركز الميزان»، جرائم الحرب الإسرائيلية المتصاعدة بحق المنشآت الطبية والمستشفيات والطواقم الطبية، وقال: «إن استهداف الطواقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف وعرقلة ومنع عمليات نقل وإخلاء الجرحى والمرضى، تشكل جرائم حرب كونها تمثل انتهاكات جسيمة ومنظمة لقواعد القانون الدولي الإنسان». وطالب المركز المجتمع الدولي بالتحرك العاجل والفاعل لوقف العدوان الإسرائيلي المتصاعد وحماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما قطاع غزة. وكانت المدفعية الإسرائيلية استهدفت منذ بدء العدوان نحو 20 مركزا طبيا من بينها مستشفى بيت حانون شمال غزة، ومستشفى شهداء الأقصى في المحافظة الوسطى.

ورد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بقوله: إن القصف جرى بعد «تكرار إطلاق النار من داخل المجمع على قواتنا شمل إطلاق نيران خفيفة وصواريخ مضادة للدروع». وأضاف في بيان «تستخدم كل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي الإرهابيتين مجمع مستشفى الوفاء كغرف لقيادة العمليات. وفي الأيام الأخيرة قام الجيش بتوجيه تحذيرات متكررة عبر وسائل إنذار مختلفة ونقل منسق أعمال الحكومة في المناطق إنذارات متكررة للمنظمات الدولية ومدير المستشفى شخصيا وجهات فلسطينية أخرى».

وعلى الأرض واصل الجيش الإسرائيلي أمس التقدم ولكن على نحو بطيء جدا في حي الشجاعية الذي أصبح فارغا من السكان تماما، وفي بيت لاهيا وبيت حانون وخان يونس، واشتبك الإسرائيليون بعنف مع مقاتلين فلسطينيين خرجوا لهم من الأنفاق. وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بيتر ليرنر: «المعارك مستمرة». وأَضاف: «نلقى مقاومة حول الأنفاق، إنهم يحاولون بشكل دائم مهاجمتنا حول الأنفاق وداخلها». وأشار ليرنر إلى هدوء أكثر في الشجاعية وقال: «نسيطر على الوضع بشكل أكبر».

ويسعى الجيش الإسرائيلي في هذه الأحياء للوصول إلى فتحات الأنفاق التي تبدأ في غزة وتنتهي في إسرائيل. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون «جيش الدفاع يُعدّ المراحل القادمة من القتال بعد انتهاء التعامل مع الأنفاق». وأشار يعلون خلال جولة ميدانية على حدود القطاع إلى وجوب الاستعداد لمراحل أكثر صرامة وتحضير الوحدات التي تنتظر دخول القطاع.

من ناحية ثانية، أعلن افيخاي أدرعي الناطق العسكري الإسرائيلي أن قوات الجيش عثرت أمس على فتحة نفق ضبطت في داخله وسائل قتالية وخرائط ولباس عسكري شبيه بزي الجيش الإسرائيلي. وأضاف في بيان أن «قوات جيش الدفاع خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية قتلت 30 مخربا في قطاع غزة ليبلغ إجمالي عدد المخربين القتلى منذ بدء العملية البرية 210. كما تم ضرب 200 هدف إرهابي، قواتنا اكتشفت 28 نفقا إرهابيا ودمرت 6 منها. والقوات البرية تمكنت من الاستيلاء على مواقع جديدة في منطقة الشجاعية شرق غزة.

ولم تعلن أي من حماس أو «الجهاد» عن عدد قتلاها في الحرب، لكنهما قالا بأنهما كبدا الإسرائيليين خسائر فادحة.

وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أمس عن مقتل 5 جنود في اشتباكات أمس في غزة، بينما واصل الفلسطينيون قصف تجمعات للجيش الإسرائيلي في محيط غزة كما واصلوا إطلاق صواريخ على مدن إسرائيلية، سقط واحد منها قرب تل أبيب. وقتل عامل تايلندي في إحدى القرى المتاخمة للحدود بين إسرائيل وقطاع غزة جراء سقوط قذيفة هاون في القرية. كما قصف الفلسطينيون بئر السبع وأشكلون وأشدود وتل أبيب بمزيد من الصواريخ.

وفيما تتعرض عزة للعدوان، تواصلت في الضفة الغربية نذر انتفاضة ثالثة بعدما توسعت المواجهات مع الجيش الإسرائيلي في القدس وبيت لحم ورام الله والخليل وجنين. وتشهد مدن الضفة مواجهات ليلية تستمر حتى الفجر بين شبان غاضبين وقوات الجيش الإسرائيلي التي قتلت فلسطينيا غرب بيت لحم أمس. ودعت القيادة الفلسطينية شعبها إلى مسيرات غضب غدا تنديدا بالجرائم الإسرائيلية في غزة.

وشيع الفلسطينيون في رام الله في جنازة رمزية «شهداء» غزة. وحمل المتظاهرون الذين ارتدوا لباسا أسود خط عليه عبارة «كلنا غزة» نحو 500 نعش فارغ كتبت على كل وحد فيها اسم من أسماء ضحايا العدوان على غزة، وساروا من وسط رام الله إلى مقر الأمم المتحدة. وهتف المتظاهرون أمام المقر «بالروح بالدم نفديك يا غزة»، قبل أن يسلموا، مسؤولي الأمم المتحدة في المكتب رسالة غاضبة مما وصفوه صمت الأمين العام للأمم المتحدة على جرائم إسرائيل في غزة.