من أقام أحكام الإسلام فقد أقام العدل وحصلت له البركة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أحكام الإسلام عدل كلها، وحكمة كلها، وخير كلها، لأنها من عند الله الحكيم العليم، وإذا كان الله تعالى قد ذكر أن العمل بالتوراة والإنجيل من أسباب الرخاء والحياة الطيبة فقال: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ )[المائدة:66]
فلأن يكون ذلك بإقامة أحكام القرآن من باب أولى، فهو الكتاب الذي أنزله الله مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه
فمن أقام أحكام الإسلام فقد أقام العدل وحصل له الخير والبركة، وكذلك لو أن المسلمين لم يقيموا دينهم، ويعملوا به، فسدت عليهم الدنيا، وعم فيهم الشر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم: أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم تشترك في إثم، ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة.
ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم فالباغي يصرع في الدنيا وإن كان مغفوراً له مرحوماً في الآخرة، وذلك أن العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى لم تقم بعدل لم تقم، وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يُجزى به في الآخرة.
والله أعلم.