مفاجأة.. بعثيون كانوا ضباطا في "جيش صدام" خلف "داعش"..ومسئول: يسيطرون على ثلثي العراق

عربي ودولي



يقف خلف إدارة ما يسمى بـ« دولة الخلافة» ونجاح عملياتها بعثيون كانوا ضباطا في الجيش العراقي السابق الذي أمر بحله بول بريمر الحاكم الأميركي للعراق بعد الإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين.

ويرفض الكثير من شيوخ العشائر السنية وأعضاء في حزب البعث،الجناح الذي يتزعمه عزة إبراهيم الدوري، وضباط سابقون في الجيش العراقي إسناد الانتصارات التي حققتها داعش إلى هذا التنظيم الإسلامي فقط، بل وحسب ما يؤكد مسؤول في حزب البعث بأن «ما تحقق وما يتحقق من انتصارات على الأرض نتجت عنها السيطرة على محافظة نينوى وأجزاء كبيرة من محافظة صلاح الدين هو نتيجة مشاركتنا وأبناء العشائر وضباط الجيش العراقي السابق»، وقال: «أستطيع القول إننا بالفعل عند مشارف بغداد وننتظر ساعة الصفر لدخول العاصمة العراقية».


وقال الرفيق أبو لؤي (كما قدم نفسه) لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، أمس: «نحن الآن في مجمع القصور الرئاسية، وأعني قصور الشهيد أبو عدي (الرئيس الراحل صدام حسين)، وندير عملياتنا اللوجيستية من هنا، وما يقال عن سيطرة قوات المالكي على تكريت مجرد أكاذيب إعلامية، كما أن ناحية العلم والعوجة والدور، مسقط رأس عزة الدوري نائب صدام سابقا، تحت سيطرتنا»، مشيرا إلى أن «فصائل المجاهدين من حزب البعث وضباط الجيش العراقي (السابق) وأبناء العشائر نقاتل مع (داعش) لتحقيق أهدافنا، وهي إسقاط نظام نوري المالكي، وتحرير العراق من الوجود الأجنبي».

وأضاف المسؤول البعثي قائلا إن «فصائلنا يقودها مباشرة الرفيق المجاهد عزة الدوري، الأمين العام للقيادتين القطرية والقومية لحزب البعث، وهو موجود هنا في العراق، ونتلقى تعليماته مباشرة»، منبها إلى أن «غالبية مقاتلينا هم من ضباط الجيش العراقي الأكفاء، الذين حققوا النصر على إيران في حربنا البطولية ضدها (1980 - 1988) ويتمتعون بخبرات عالية في شتى الصنوف العسكرية».

وعن علاقتهم بما يسمى بدولة الخلافة التي أعلن عنها أبو عمر البغدادي الجمعة الماضية، قال أبو لؤي إن «أبو عمر البغدادي مجاهد عراقي غيور على بلده ويريد تحرير العراق من الوجود الأميركي والإيراني، وهذه أهدافنا بالضبط، إذ إن إيران هي التي تحكم العراق اليوم من خلال عميلها المالكي وأعوانه»، مشيرا إلى أن «نظام الحكم المقبل سيختاره العراقيون».

وفيما إذا سيخضع العراقيون لحكم خلافة البغدادي قال المسؤول البعثي: «عندما نحرر العراق من النظام الحالي والوجود الإيراني والأميركي، ومن أذناب الاحتلال، سيكون لكل حادث حديث».

وأوضح أن نسبة «داعش» بين المقاتلين الموجودين في تكريت والدور والعلم والعوجة قليلة، و«كلهم من العراقيين، وليس بينهم أي مقاتلين من العرب أو الأجانب، ولم يتعرضوا لمصالح الناس أو حياتهم، إلا من يقاتلهم من أنصار أو قوات المالكي»، مشيرا إلى أن «ما يقرب من ثلثي العراق تحت سيطرة الثوار اليوم، سواء كانوا من (داعش) أو مجاهدي حزب البعث أو أبناء العشائر وضباط الجيش العراقي السابق».

وكشف أبو لؤي أن «هناك تنظيمات قوية ومتماسكة لحزب البعث في المحافظات الغربية وفي جنوب العراق وفي بغداد، كما تنشط تنظيماتنا في الجامعات العراقية وفي صفوف الجيش العراقي، ولا تقتصر على مذهب أو دين معين، وكلهم على أهبة الاستعداد لدعمنا ومناصرتنا في حال دخلنا بغداد»، مشيرا إلى أن «دخول بغداد يحتاج إلى قرار من القيادة العليا، من الرفيق عزة الدوري»، نافيا أن تكون لهم أي علاقات مع إقليم كردستان أو تلقي أي مساعدات من دول عربية أو غربية.

وما يؤكد ما ذهب إليه هذا المسؤول في حزب البعث هو أن أفضل مساعدي أبو عمر البغدادي، هم من كبار ضباط الجيش العراقي السابق وبعثيين، وهؤلاء هم الذين اعتمد عليهم تنظيم داعش الذي صار اليوم يحمل تسمية دولة «الخلافة» حسبما أعلن البغدادي نفسه. ودولة مثل هذه بالتأكيد تحتاج حكومة ووزراء ونوابا لإدارتها.

وكشفت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية في عددها الصادر أمس عن أن من يساعد أبو بكر البغدادي هم من أكثر الجهاديين المطلوبين في العالم، مشكلين مجلس وزراء ونواب يديرون العمليات العسكرية، في تنظيم الدولة الإسلامية وشؤون الخلافة الجديدة التي أعلنت عن ذاتها. وكشفت وثائق جرى الحصول عليها من منزل أحد أعضاء تنظيم الدولة، في حملة قام بها الجيش العراقي لأول مرة بالتفاصيل عن الهيكل القيادي لهذا التنظيم السري.

في حين أن أسلاف البغدادي، ومن بينهم أبو مصعب الزرقاوي الذي قاد التنظيم عندما كان يحمل اسم الدولة الإسلامية في العراق، كانوا يحتفظون بالسلطة المركزية؛ يكلف الزعيم الجهادي الجديد نوابه بإدارة كل شيء بدءا من المخازن العسكرية إلى تفجير العبوات الناسفة المزروعة على جانب الطريق إلى تمويل التنظيم.

وحددت المعلومات التي عثر عليها على بطاقات ذاكرة جرى الحصول عليها من منزل أبو عبد الرحمن البيلاوي المسؤول العسكري المساعد للبغدادي في الأراضي العراقية، الذي قتل في غارة عسكرية، اثنين من النواب الرئيسين المسؤولين عن إدارة الأراضي الخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية في سوريا والعراق بالترتيب. وعلى عكس البغدادي، كلا الرجلين كان يتولى مناصب عليا في الجيش العراقي، وهما خبيران في المعارك.

وصرح هاشم الهاشمي، وهو محلل أمني تمكن من الاطلاع على الوثائق بأن «أبو علي الأنباري، المسؤول عن إدارة العمليات في المناطق الخاضعة لسيطرة (داعش) في سوريا، كان لواء في الجيش العراقي في ظل حكم الديكتاتور المطاح به صدام حسين».

ويقال إنه ينحدر من إقليم الموصل في شمال العراق. وكان أبو مسلم التركماني مقدما في جهاز الاستخبارات التابع للجيش العراقي، وأمضى وقتا في الخدمة ضابطا في القوات الخاصة.

وأوضح هاشمي قائلا: «هذان الرجلان سبب في قوة أبو بكر البغدادي. فهما عاملان رئيسان في بقائه في السلطة». وتكشف الوثائق عن المسار الطويل الذي مر به التنظيم الجهادي للتحول إلى جماعة يمكنها حكم دولة خاصة بها.

يلي كلا من الأنباري والتركماني تسلسل واضح من الرجال الذين يشكلون «المحافظين» للأقاليم المحلية في الدولة الجديدة التابعة للجهاديين.

وفي مطلع الشهر الحالي، أثناء الأيام الأولى من شهر رمضان، أصدر البغدادي إعلانا صادما بأن الأراضي الشاسعة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية لم تعد أراضي عراقية أو سورية، بل جزء من دولة الخلافة الإسلامية الجديدة. وتتضمن هذه الأراضي الموصل الواقعة في شمال العراق وثاني أكبر مدينة من حيث عدد السكان.

وعلى مدار ثلاثة أعوام منذ اشتعال الحرب الأهلية في سوريا، نشأت «داعش» من جماعة هامشية متطرفة إلى أقوى ميليشيا في التاريخ الحديث وأكثرها تمويلا وأفضلها تسلحا، حيث أصبحت الجماعة ثرية نتيجة لأرباح بيع النفط من الآبار التي تسيطر عليها في دير الزور بشمال سوريا.

وعندما استولى الجهاديون على الموصل في الشهر الماضي، سيطروا على مصارف المدينة وقفزت أرباح التنظيم إلى 1.5 مليار دولار، على حد قول هاشمي. بالإضافة إلى ذلك يجني الجهاديون غنائم الحرب، وأغلبها من الأسلحة أميركية الصنع والمركبات التي تركها الجيش العراقي الفار، والتي تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات. ووفقا للوثائق، يتولى أبو صلاح، واسمه الحقيقي موفق مصطفى محمد الكرموش، مسؤولية الشؤون المالية في الأقاليم العراقية.

ويتولى أعضاء آخرون في مجلس الوزراء مهام أخرى محددة، مثل إدارة شؤون الأسرى والمعتقلين، ونقل المفجرين الانتحاريين إلى مواقعهم، والعمليات التي تستخدم العبوات الناسفة، ورعاية أسر «الشهداء» المجاهدين الذي سقطوا في المعركة.