الخديوى اسماعيل

منوعات



نشأته :

هو اسماعيل ابن ابراهيم ابن محمد على ، وهو ثانى انجال ابراهيم باشا ، من والده غير والدتى اخويه الاميرين احمد رفعت ومصطفى فاضل .

ولد الخديوى اسماعيل فى 31 ديسمبر سنة 1830 ، فى قصر المسافرخانة بالقاهرة بالجمالية ، واهتم ابوه بتربيته ، فتعلم مبادىء العلوم واللغات العربية والتركية والفارسية ، بالاضافة الى القليل من الرياضيات والطبيعة ، وارسله ابوه وهو فى سن الرابعة عشر الى فينا عاصمة النمسا ، لكى يعالج بها من رمد صديدى اصابه ، وكذلك لأستكمال تربيته ، وقد بقى بها لمدة عامين ، ثم سافر بعد ذلك الى باريس لينتظم فى سلك البعثه المصرية الخامسة ، فأنضم الى تلاميذها ، وكان من بينهم الامير احمد رفعت ( شقيقه ) والاميران عبد الحليم وحسين وهما من انجال محمد على ، ونال فى باريس حظا من العلوم الهندسية والرياضية والطبيعية ، واتقن اللغة الفرنسية تحدثا وكتابة ، وبهرته باريس ومافيها من جمال وروعة ومن هنا نشأت ميوله الفرنسية ، التى لازمته طوال حياته ، وجعلته يسعى فى ان يجعل القاهرة باريس الثانية ، حتى لو اضطره هذا الى مد يده الى القروض التى اثقلت كاهل البلاد فيما بعد .

عاد بعد ذلك الى مصر فى عهد ولاية ابيه ابراهيم باشا ، ولما مات ابراهيم خلفه فى الحكم عباس الاول ، وكان يحقد على عمه ، فلما تولى الحكم شعر اسماعيل واخوته بكراهية عباس لهم ، ثم مات محمد على ، واشتد الخصام بين اسماعيل وبقية الامراء على تقسيم ميراث جده ، وارتحل اسماعيل وبعض الامراء الى الاستانه ، وعينه السلطان عبد الحميد عضوا بمجلس احكام الدولة العثمانية ، وانعم عليه بالبشاوية ، ولم يعد الى مصر الى بعد مقتل عباس فى اثناء حكم سعيد .

ولما عاد ن الاستانه لقى من عمه سعيد عطفا كبيرا ، وعهد اليه برأسه ( مجلس الاحكام ) الذى كان اكبر هيئه قضائية فى البلاد ، واوفده سعيد باشا سنة 1855 فى مهمة سياسية لدى الامبراطور نابليون الثالث تتعلق بسعى سعيد لدى الدول فى توسيع نطاق استقلال مصر بعد اشتراكها مع الحلفاء فى حرب القرم ، فأدى اسماعيل تلك المهمة بما امتاز به من ذكاء ولباقة ، ووعده نابليون الثالث بتأييد مقترحه فى مؤتمر الصلح بباريس ، ولكنه لم يحقق وعده ، وكذلك قابل البابا ( بيو التاسع ) فى رحلته موفدا من قبل الخديوى سعيد ، فأكرم الحبر الرومانى مثواه ، قم عاد الى مصر .











الخديوى اسماعيل سنة 1868

الخديوى اسماعيل سنة 1879





توليه الحكم :






ولم يكن اسماعيل يفكر اثناء حكم سعيد باشا فى ان يؤول اليه العرش من بعده ، اذ كان يحجبه عنه اخوه الاكبر الامير احمد رفعت ، ولكن حادثا فجائيا ساقته الاقدار سنة 1858 ازالت العقبه القائمه فى سبيله ليكون وليا للعهد ، ذلك ان سعيد باشا اقام بالاسكندرية حفلة دعا اليها امراء البيت العلوى ، فلبوا الدعوة ومن بينهم احمد رفعت ، اما اسماعيل قد اعتذر عن الحضور لوعكة صحية اصابته ، وفيما كان الاميران عبد الحليم واحمد رفعت عائدين الى القاهره بقطار خاص مع حاشيتهما ، سقطت العربة التى تقلهما فى النيل عند كفر الزيات ، فغرق احمد رفعت ، ونجا عبد الحليم ، فأصبح اسماعيل بعد غرق اخيه ولى عهد الاريكه المصرية بحكم نظام الوراثه القديم .

ولما توفى الخديوى سعيد خلفه اسماعيل على عرش مصر فى 18 يناير سنة 1863 .





الامير احمد رفعت الابن الاكبر لأبراهيم باشا

والذى لقى مصرعه فى حادث قطار كفر الزيات



اعماله :

حاول اسماعيل أن يسير على نهج محمد علي في تحديث مصر والاستقلال بها عن الإدارة العثمانية ولكن بطريقة التودد ودفع الرشاوي لذوي القوة في الآستانة فحصل بذلك على لقب خديو مصر سنة 1867 كما حصر وراثة العرش في انجاله .

كافح تجارة الرقيق في السودان وسع أملاك مصر في أفريقيا افتتح قناة السويس للتجارة العالمية ، زادت ديون مصر في عهده زيادة كبيرة أدت إلى تدخل انجلترا وفرنسا في شئون مصر بحجة حماية ديونها ، وفى عهده انشىء اول مجلس للنظار فى 28 اغسطس سنة 1878 وكان برئاسة نوبار باشا .

الاصلاحات التى تمت فى عهد الخديوى اسماعيل






الإصلاح النيابى :

تحويل مجلس المشورة الذي أسسه جده محمد على إلى مجلس شورى النواب وأتاح للشعب اختيار ممثليه و افتتحت أولى جلساته في نوفمبر 1966 .

الاصلاح الادارى :

تحويل الدواوين إلى نظارات ، فقد اصدر الخديوى اسماعيل امرا عاليا بتأليف اول نظارة تشاركه مسئولية الحكم ، وعهد الى نوبار باشا رئاستها ، لتكون بذلك النظارة رقم ( 1 ) فى تاريخ الوزارات المصرية .

تنظيم إدارى للبلاد و أنشأ مجالس محلية منتخبة للمعاونة في إدارة البلاد.

النظارات التى شكلت فى عهد الخديوى اسماعيل

( 28 اغسطس 1878 - 8 اغسطس 1879 ) 3 نظارات

نظارة نوبار باشا ( 28 اغسطس 1878 – 22 فبراير 1879 )

نظارة محمد توفيق باشا ( 10 مارس – 7 ابريل 1879 )

نظارة محمد شريف باشا الاولى ( 7 ابريل – 5 يوليو 1879 )

لإصلاح القضائي :

في عهد الخديوي إسماعيل , أصبح للمجالس المحلية حق النظر في الدعاوى الجنائية والمدنية .

انحصار اختصاص المحاكم الشرعية في النظر في الأحوال الشخصية.

إلغاء المحاكم القنصلية وتبديلها بـالمحاكم المختلطة.

الإصلاح العمرانى (محاولة الإرتقاء الحضارى بمصر) :

الانتهاء من حفر قناة السويس وإقامة إحتفالات إفتتاح قناة السويس.

إنشاء قصور فخمة مثل قصر عابدين وقصر رأس التين وقصر القبة.

إنشاء دار الأوبرا .

إنشاء كوبري قصر النيل الشهير .

استخدام البرق والبريد وتطوير السكك الحديدية .


إضاءة الشوارع و مد أنابيب المياة .

النهضة الاقتصادية :

زيادة مساحة الأرض الزراعية .

حفر ترعة الإبراهيمية في صعيد مصر وترعة الإسماعيلية في شرق الدلتا .

زيادة مساحة الأراضي المنزرعة قطناً .

إنشاء المصانع من بينها 19 مصنعاً للسكر .

إصلاح ميناء السويس وميناء الإسكندرية .


بناء 15 منارة في البحرين الأحمر والمتوسط لإنعاش التجارة .

النهضة التعليمية والثقافية :

زيادة ميزانية نظارة المعارف .

وقف الأراضي على التعليم .

تكليف علي مبارك بوضع قانون أساسي للتعليم .

تكليف الحكومة بتحمل نفقات التلاميذ في مصر .

إنشاء أول مدرسة لتعليم الفتيات في مصر , وهى مدرسة السنية .

إنشاء دار العلوم لتخريج المعلمين .

إنشاء دار الكتب .

إنشاء الجمعية الجغرافية ودار الآثار المصرية .

فى عهده ظهرت الصحف مثل الأهرام والوطن ومجلة روضة المدارس .


انبهر الخديوى اسماعيل بباريس اثناء وجوده فيها ، ومن هنا نشأت ميوله الفرنسية ، التى لازمته طوال حياته ، وجعلته يسعى فى ان يجعل القاهرة باريس الثانية ، ومن هنا اتجهت ميوله إلي تنظيم المدن وتخطيطها وتجميلها ، وقد وجه كل عنايته في هذا الصدد إلي القاهرة والإسكندرية .

اعمار القاهرة :

فمن أعماله في القاهرة إزالة تلال الأتربة التي كنت تحيط بها ، والتي بدأ محمد على في إزالتها وتخطيط شوارع وميادين جديدة ، كشارع الفجالة الجديد ، وشارع كلوت بك ، وشارع محمد علي ، وشارع عبد العزيز ، وشارع عابدين ، وانشأ أحياء بأكملها ، كحي الإسماعيلية ، والتوفيقية ، وعابدين ، وميدان الأوبرا ، ونظم جهات الجزيرة ، والجيزة ، بعد أن أنشأبها القصور العظيمة ، وأنشأ حديقة النبات بالجيزة ، وكان لفتح الشوارع والميادين والأحياء الجديدة فضل كبير في توسيع المدينة وتجميلها ، وتوفير الهواء النقي وتدبير الوسائل الصحية للسكان ، وارتفاع قيمة الأراضي والمباني وازدهار العمران .

وأهم الأحياء التي أنشأها حي (الإسماعيلية) ، وقد سمي باسمه ، لأنه هو الآمر بإنشائه ، وكانت جهاته من قبل أراضى خربة تحتوى على كثبان من الأتربة وبرك المياه ، وأراضي سباخ ، فخططها وأنشأ فيها الشوارع والحارات على خطوط مستقيمة ، وأغلبها متقاطع علي زوايا قائمة ، ودكت شوارعها وحاراتها بالحجر (الدقشوم) ، ونظمت علي جوانبها الأرصفة ، ومدت في أرضيها أنابيب المياه ، وأقيمت فيها أعمدة المصابيح لإنارتها بغاز الاستصباح ، وسكنها الأمراء والأعيان .

وبنى مسرح الكوميدي ومسرح الأوبرا ، ونسق حديقة الأزبكية تنسيقاً جميلاً ، وانشأ كوبري قصر النيل البديع ليصل الجزيرة بمصر ، وتم إنشاؤه على يد شركة فيف ليلvives lille الفرنسية سنة 1872 ، وتكلف 108.000 جنيه ، والكوبري المسمى الكوبري الإنجليزي أو كوبري البحر الأعمى (كوبري الجلاء الآن ) لوصل الجزيرة بالجيزة ، وقامت بإنشائه شركة إنجليزية وتكلف 40.000 جنيه وتم إنشاؤه أيضاً سنة 18720 وردم بركة الرطلى وأنشأ بها الشوارع المستقيمة .

وأنشأ الطريق المعبد بين القاهرة والأهرام (شارع الهرم) ، ورصفه بالحجارة ، وكان إنشاؤه سنة 1869 بمناسبة زيارة الإمبراطورة أوجينى مصر لحضور حفلات افتتاح قناة السويس .

ومد أنابيب المياه في أحياء المدينة لتوزيع مياه النيل العذبة في البيوت بعد أن كان يحملها السقاءون في القرب .

وعنى بتعميم الكنس والرش في شوارع القاهرة ، وأدخل نظام الإنارة بغاز الاستصباح ، فاكسب المدينة بالليل بهجة وجمالاً وبهاء ، وساعدت الأنوار على حفظ الأمن ليلاً ، وهو أول من شرع في إقامة تماثيل العظماء في الميادين العامة تخليداً لذكراهم ، فأمر بصنع التمثالين الكبيرين اللذين يزينان أهم ميادين القاهرة والإسكندرية الأول لمحمد علي ، وقد نصب في الإسكندرية والثاني لإبراهيم باشا وقد نصب في القاهرة سنة 1873 ، وعمر المسجد الحسيني ، وأصلح ميدان الرميلة ، الواقع بجانب القلعة ، ووسعه وغرس به الأشجار وأوصله بشارع محمد علي فصار أفسح ميادين القاهرة ، كما أمر ببناء حمامات حلوان لما تبين من مزايا مياهها المعدنية الكبريتية ، وعنى بعمران هذه المدينة وشيد بها قصراً فخماً وهو المعروف بقصر الوالدة على النيل ، وخطط طريقاً معبداً من النيل إلي حلوان ، ورغب إلي السرة سكناها ، وأنشأ السكة الحديدية التي تصلها بالقاهرة وبلغ عدد سكان العاصمة في ذلك العهد 350,000 نسمة .

اعمار الاسكندرية :

وازداد عمرانها في عهد إسماعيل فاختط فيها شوارع جديده وأحياء جديدة ، كشارع إبراهيم الممتد من مدرسة السبع بنات إلي ترعة المحمودية ، وشارع الجمرك ، وشارع المحمودية ، وفتح ستة شوارع أخرى ممتدة بين سكة باب شرقي والطريق الحربي الذي كان يحيط بالمدينة .

وأنيرت أحياؤها بغاز الاستصباح بواسطة شركة أجنبية وأنشئت بلديتها للاعتناء بتنظيم شوارعها وللقيام بأعمال النظافة والصحة والصيانة فيها ، وتم تبليط كثير من شوارع الإسكندرية ، وعملت المجارى تحت الأرض لتصريف مياه الأمطار وغيرها ، وعهد الخديوي إلي إحدى الشركات الأجنبية توصيل المياه العذبة من المحموديه إلي المدينة وتوزيعها بواسطة وابور مياه الإسكندرية .

وعمرت جهة الرمل في عهده عمراناً كبيراً ، واتصلت بالمدينة بخط حديدى ، وأنشأ بها الخديوي عدة قصور له ولذويه للإقامة بها في الصيف ، واليه يرجع الفضل في جعلها مصيف القطر المصري ، وفتح شارعاً عظيماً يبتدئ من باب رشيد وينتهي إلي حدود الملاحة بزمام (المندرة) ماراً بالسراي الخديوية بالرمل ، طوله من باب شرقي إلي السراي 400 متر في عرض 12 متراً ومن السراي إلي الملاحة 4000 متر عرض ثمانية أمتار ، ومد طريقاً من الملاحة إلي ترعة المحمودية ، وأنشأ حديقة النزهة على ترعة المحمودية ، وجعلها متنزهاً عاماً ، وبنى سراي الحقانية التي أنشئت بها المحكمة المختلطة ، وأصلح ميناء الإسكندرية ، وبلغ عدد سكان المدينة في عهده 212,000 نسمة .

بناء القصور :

انشأ الخديوى اسماعيل عددا كبيرا من القصور ، منها :

سراي عابدين التي جعلها مقراً للحكم ، وحلت محل سراي القلعة التي بناها محمد علي باشا

سراي الجزيرة

سراي الجيزة

سراي بولاق الدكرور

قصر القبة

قصر حلوان

سراي الإسماعيلية

سراي الزعفران بالعباسية

سراي الرمل بالإسكندرية

جدد القصر العالي

قصر النزهة بشبرا ( المدرسة التوفيقية الآن )

سراي المسافرخانة

قصر النيل

سراي رأس التين بالإسكندرية

قصر إميرگان

هذا القصر يقع على ضفاف البوسفور في إسطنبول بتركيا ، وقد اشتراه الخديوي اسماعيل عام 1865 كمقر له بالآستانة ، وقد استعمل الخديوي إسماعيل قرض 1865 والبالغ 3,387,300 جنيه استرليني لشراء القصر وفرشه .

الرى والزراعة فى عهد الخديوى اسماعيل :

منشآت الرى :

كان أول ما وجه إليه الخديوى اسماعيل اهتمامه هو العمل على إنماء ثروة مصر الزراعية بتوفير وسائل الري ، فكان لهذه الوسائل الفضل الكبير في زيادة إنتاج الأراضي المزروعة وأحياء موت الأراضي القابلة للزراعة .

شق الترع :

شق كثيراً من الترع في الوجه القبلي ، وبلغ عدد ما حفر أو اصلح في عهده نحو 112 (اثنتي عشره ومائه) ترعة ، وأهمها الترعة الإبراهيمية والترعة الإسماعيلية ، وتعتبر الترعة الابراهيمية هي أعظم الترع التي أنشئت في عهد إسماعيل ، وتعد من أعظم منشآت الري في العالم قاطبة وقت انشائها ، وهى تأخذ مياهها من النيل عند أسيوط ، وتنتهي عند ( أشمنت ) بمديرية بنى سويف ، ويبلغ طولها 267 كم ، بالاضافة الى شق العديد والعديد من الترع فى مختلف محافظات مصر .

إصلاح القناطر الخيرية :

وقد ظهر خلل في بعض عيون القناطر الخيرية سنة 1867 بسبب ضغط المياه ، فوجه إسماعيل عنايته إلى ملافاة هذا الخلل ، وعهد بذلك إلى فطاحل المهندسين في عصره ، وهم : موجيل بك وكان قد غادر مصر إلى فرنسا ، وبهجت باشا ، ومظهر باشا ، ثم المستر فولر المهندس الإنجليزي ، وأنجز هذا الإصلاح في عهد الخديوي إسماعيل ، هذا بالاضافه الى العديد من المشروعات الزراعية والمنشأت الزراعية ومجالس تفتيش الزراعة .

كان لأعمال العمران التي قام بها إسماعيل في ميادين الزراعة فضل كبير في ازدياد مساحة الأطيان الزراعية وزيادة محصولها ، فقد كانت مساحة الأراضي المزروعة في أواخر عهد محمد علي 3.856000 فدان ، فبلغت في أواخر عهد إسماعيل 4.810.000 فدان أي أنها زادت في هذا العهد بمقدار مليون فدان تقريباً ، ويدخل في هذا الإحصاء ما زاد من الأطيان في عهد سعيد ، لما اشتمل عليه ذلك العهد من الإصلاحات الزراعية .

قناة السويس :

كانت قناة السويس من اول المسائل السياسية التى واجهت اسماعيل فى اوائل عهده بالحكم ، اذ كانت انظار الاوروبيين متطلعه الى مايؤول اليه مصير القناة بعد وفاة سعيد باشا ، الذى عرف عنه انه كان مهتما وسندا للمشروع وقوامه ، وعندما مات سعيد باشا قلق دلسبس على مشروع القناة ، الا ان اسماعيل باشا فى اول اجتماع له بوكلاء الدول اوضح لهم عزمه على تأييد المشروع واستكماله .

انبهر الخديوى اسماعيل بفداحة المزايا التى نالتها الشركة النفذة للمشروع فى عقد الامتياز ، فسعى جاهدا الى تخفيف تلك المزايا ، وكان من هذه الوجهه اكثر مراعاة لمصلحة مصر من عمه سعيد باشا .

ويذكر عنه مقولته الشهيرة ( انى اريد ان تكون القناة لمصر ، لا ان تكون مصر للقناة ) وقيل انه فكر يوما ان يتولى بنفسه تنفيذ المشروع ، وبالفعل لو تحققت هذه الفكرة لكانت القناة ملكا كاملا لمصر ، الا انه لم يفعل ، وسعى جاهدا الى تغيير شروط الامتياز .

انتهى العمل فى حفر قناة السويس واتصلت مياة البحر الابيض بالبحر الاحمر فى نوفمبر سنة 1869 ، فكان العمل قد استمر عشر سنوات وبلغ طول القناة 164 كيلو متر ، وانشئت على شاطئها مدينة بورسعيد والاسماعيلية ، وافتتحت للملاحة يوم 17 نوفمبر سنة 1869 .

افتتاح قناة السويس :

واقام اسماعيل لمناسبة افتتاح قناة السويس تلك الحفلات الفخمه التى لم يعرف التاريخ احتفالا يماثلها فى الاسراف والتبذير .

واكبر دليل على ذلك هو قيمة نفقات تلك الحفلات ، فقد بلغت 1.400.000 جنية ، وهو مبلغ ضخم جدا فى ذلك الوقت .

وقد اقيمت فى هذه الحفلات ثلاث منصات ، خصصت المنصه الكبرى للملوك والامراء وكبار المدعوين ، والثانية لرجال الدين الاسلامى ، والثالثه لرجال الاكليروس ، وجلس فى المنصه الكبرى الخديوى اسماعيل ، والامبراطورة اوجينى امبراطورة فرنسا ، وامبراطور النمسا ، وملك المجر ، وولى عهد بروسيا ، واخو ملك هولندا ، والاميرة زوجته ، بالاضافة الى العديد من كبار المدعوين .

دعا الخديوى إسماعيل أباطرة وملوك العالم وقريناتهم لحضور حفل الافتتاح والذي تم في 16 نوفمبر 1869 ، وقد كان حفلا أسطوريا ووصلت الحفلة إلى مستوى فاق ما نسمعه عن حكايات ألف ليلة وليلة .

كان طبيعيًا أن تكون البداية هي الاهتمام بزى العسكر وخاصة العاملين بالجوازات والصحة لأنهم في طليعة المستقبليين للملوك كما روعى الاهتمام بنظافة المدينة، وتم حث التجار على توريد الخضروات واللحوم والأسماك كبيرة الحجم لبورسعيد لمواجهة الطلبات المتزايدة كما روعى إحضار الثلج من القاهرة كذلك جهز عدد من السفن لإحضار المدعوين من الإسكندرية الي بورسعيد.

وفى أوائل نوفمبر 1869 أخطر دلسبس محافظة بورسعيد بأن الخديوى أذن في بدء إعداد الزينات وعلى الفور تم إخلاء الشوارع وترتيب العساكر اللازمين لحفظ الأمن وامتلأت بورسعيد بالمدعوين، وكان الخديوى قد طلب من مديرى الأقاليم أن يحضروا عدداً من الأهالى بنسائهم وأطفالهم لحضور حفل الافتتاح فانتشروا على خط القناة من فلاحين ونوبيين وعربان بملابسهم التقليدية حتى أن الإمبراطورة اوجينى أبرقت إلى الإمبراطور نابليون الثالث بأن الاحتفال كان فخماً وأنها لم ترى مثله في حياتها ومما زاد الأمر أبهة اصطفاف الجيش والأسطول المصري في ميناء بورسعيد بالإضافة لفيالقه على ضفاف القناة.

وأقيمت 3 منصات خضراء مكسوة بالحرير خصصت الكبرى للملوك والأمراء، والثانية إلى اليمين لرجال الدين الإسلامي ومنهم الشيخ مصطفى العروسى والشيخ إبراهيم السقا، والثالثة إلى اليسار وخصصت لرجال الدين المسيحي، وجلس بالمنصة الكبرى الخديوى إسماعيل ومسيو دى لسبس والإمبراطورة أوجينى إمبراطورة فرنسا وفرنسوا جوزيف إمبراطور النمسا وملك المجر وولى عهد بروسيا والأمير هنرى شقيق ملك هولندا وسفيرا إنجلترا وروسيا بالآستانة والأمير محمد توفيق ولى العهد والأمير طوسون نجل محمد سعيد باشا وشريف باشا ونوبار باشا والأمير عبد القادر الجزائري، وقد بلغ عدد المدعوين من ذوى الحيثيات الرفيعة زهاء ستة ألاف مدعواً، وحتى يوم 15 نوفمبر كان قد تم استدعاء خمسمائة طباخ من مرسيليا وجنوه وتريستا.

واصطف العسكر عند رصيف النزول لحفظ الأمن ومنع الازدحام وكانت المراكب الحربية قد اصطفت على شكل نصف قوس داخل ميناء بورسعيد في منظر بديع، وبعد أن تناول الجميع الغذاء على نفقة الخديوى صدحت الموسيقى بالغناء وبعزف النشيد الوطني وتلا الشيخ إبراهيم كلمة تبريك وقام الحبار من الدين المسيحي وأنشدوا نشيد الشكر اللاتيني.

وفى المساء مدت الموائد وبها شتى أنواع الأطعمة والمشروبات وانطلقت الألعاب النارية والتي تم استيرادها خصيصاً لهذا الغرض وتلألأت بورسعيد بالأضواء وأنغام الموسيقي.

وقد استخدم إسماعيل تلك المناسبة لإظهار مدى حضارة مصر ولمحاولاته إظهار مزيد من الاستقلالية عن الآستانة.

صور تظهر الاحتفال بأفتتاح قناة السويس






الامبراطورة اوجينى






الخديوى اسماعيل الاميرة اوجينى فى حفل افتتاح قناه السويس فى 17 نوفمبر سنة 1869




مراسم الاحتفال بأفتتاح قناة السويس وجانب من الحضور فى حفل الافتتاح



السفن تسير فى قناة السويس بعد الافتتاح



قناة السويس










الخديوى اسماعيل سنة 1895







زوجات اسماعيل باشا ومستولداته :

فريال هانم وقد رزق منها الملك فؤاد الأول

شفق نور هانم وقد رزق منها الخديوي توفيق

نور فلك هانم وقد رزق منها السلطان حسين كامل

مثل ملك هانم وقد رزق منها الأمير حسن باشا

جانانيار هانم وقد رزق منها الأمير إبراهيم حلمي والأميرة زينب هانم

جيهان شاه قادين وقد رزق منها الأمير محمود حمدي

شهرت فزا هانم وقد رزق منها الأميرة توحيدة والأميرة فاطمة

مثل جهان قادين وقد رزق منها الأميرة جميلة فاضل

نشئة دل قادين وقد رزق منها الأميرة أمينة

بزم عالم

جشم آفت هانم

حور جنان قادين وقد رزق منها الأميرة أمينة

فلك ناز قادين وقد رزق منها الأمير رشيد بك

جمال نور قادين وقد رزق منها الأمير على جمال باشا

عزله ووفاته :

ادت سياسة الخديوى اسماعيل المالية ، الى تحالفت الدول الأوروبية مع السلطان العثماني على ضرورة عزله عن حكم مصر ، وأصدر السلطان فرمانه في 26 يونيو حزيران 1879 بعزل إسماعيل عن الحكم ، وتنصيب ابنه الأكبر محمد توفيق باشا على مصر .

وجاء نص التلغراف الذي ورد من الآستانة كالتالي :

( إلى سمو إسماعيل باشا خديو مصر السابق ، إن الصعوبات الداخلية والخارجية التي وقعت أخيراً في مصر قد بلغت من خطورة الشأن حداً يؤدي استمراره إلى إثارة المشكلات والمخاطر لمصر والسلطنة العثمانية ، ولما كان الباب العالي يرى أن توفير أسباب الراحة والطمأنينة للأهالي من أهم واجباته ومما يقضيه الفرمان الذي خولكم حكم مصر ، ولما تبين أن بقاءكم في الحكم يزيد المصاعب الحالية ، فقد أصدر جلالة السلطان إرادته بناء على قرار مجلس الوزراء بإسناد منصب الخديوية المصرية إلى صاحب السمو الأمير توفيق باشا ، وأرسلت الإرادة السنية في تلغراف آخر إلى سموه بتنصيبه خديوياً لمصر ، وعليه أدعو سموكم عند تسلمكم هذه الرسالة إلى التخلي عن حكم مصر احتراماً للفرمان السلطاني ) .

ثلاثة أيام أمضاها إسماعيل في الاستعداد للسفر‏ ،‏ وجمع كل ما استطاع من المال والمجوهرات والتحف الثمينة من القصور الخديوية ، ونقلها إلى اليخت ( المحروسة ) ، وهي الباخرة نفسها التي أقلته من قبل مراتٍ عدة إلى سواحل أوروبا وهو في قمة المجد‏ ،‏ ولأن السلطان العثماني رفض استقبال الخديو المخلوع في الآستانة فقد غادر اسماعيل مصر يوم 30 ‏ يونيو حزيران 1879 متجهاً مع زوجاته وحاشيته من الإسكندرية إلى نابولي ،‏ وهي المدينة نفسها التي استقبلت حفيده فاروق في 26 يوليو تموز ‏1952‏ ، لم ييأس إسماعيل ، وظل يرسل التماساً وراء الآخر من منفاه في أوروبا ، حتى تعطّف السلطان عبد الحميد الثاني أخيراً ووافق على حضوره للآستانة التي انتقل اليها عام 1888 للإقامة بقصر إميرجان المطل على البوسفور .

وبعدما قضى نحو 16 عاماً في منفاه ، لم يعد إسماعيل إلى مصر إلا ميتاً ، حيث دُفِنَ في مسجد الرفاعي ، وإذا كان إجمالي ديون عهد إسماعيل باشا بلغ 91 مليون جنيه ، فإن ( أفندينا ) ظل حتى وفاته ينعم بلقب أغنى رجال مصر .

رحم الله الخديوى اسماعيل ، فقد قدم الكثير الى مصر اثناء سنوات حكمه ، وبغض النظر عن اخطائه ، الا ان التاريخ لن ينسى اعمال الخديوى اسماعيل الخالده الى يومنا هذا ، وانا شخصيا ارى ان الخديوى اسماعيل ، يعتبر افضل من حكم مصر من اسرة محمد على ، وذلك لما شهدته مصر على يديه من تقدم وازدهار فى العديد من المجالات .






الامير محمود حمدى ابن الخديوى اسماعيل

1863 - 1921







الخديوى اسماعيل فى حرب القرم سنة 1855






الاميرة جشم افت هانم زوجة الخديوى اسماعيل الثالثة





مدقن الخديوى اسماعيل بمسجد الرفاعى