مصدر دبلوماسى: واشنطن صارحت القاهرة بأنها في حاجة إلى مساعدتها فى "العراق" خوفًا من الحرب
أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي محادثات مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري تناولت عودة مصر للعب دورها الإقليمي خاصة في ملف العراق، ثم رفع التجميد عن المساعدات الأميركية لمصر وبينها صفقة طائرات الأباتشي.
وقال كيري عقب اللقاء جئت إلى هنا للتأكيد على متانة الشراكة التاريخية بين الولايات المتحدة ومصر وللتشاور حول الأوضاع المهمة التي نواجهها في المنطقة، وخاصة في العراق وليبيا .
وأوضح أن طائرات الأباتشي سيتم تسليمها لمصر قريبا في رسالة إلى أن واشنطن أوقفت تجميد مساعداتها لمصر وأنها تدعم الرئيس الجديد عبدالفتاح السيسي.
وكشف مصدر دبلوماسى مصرى لـ“العرب اللندنية” أن الولايات المتحدة صارحت القاهرة بأنها في حاجة إلى مساعدتها فى العراق، لأن الموقف أصبح أمامها غاية في الصعوبة، عقب تورطها في تمهيد الأرض لتكريس دور قوي لإيران بالعراق، فضلا عن مخاوف من نتائج كارثية لأي تدخل أميركي مباشر.
وأوضح المصدر أن زيارة جون كيري وزير خارجية أميركا للقاهرة أمس تصب في اتجاه التباحث حول الدور الذي يمكن أن تقوم به مصر في العراق، مؤكدا أن هذا المدخل يمكن أن يكون مدخلا لطي صفحة الخلافات الثنائية التي عقبت الإطاحة بحكم الإخوان الذين كانت واشنطن تراهن عليهم كورقة لديها.
وقال متابعون إن واشنطن تحتاج القاهرة حاليا في العراق، لاعتبارات بينها الهدوء الذي تتسم به العلاقات بين القاهرة وطهران، حيث جرت لقاءات ومشاورات دبلوماسية أخيرا بينهما حول العراق، فضلا عن أن مصر تستوعب عددا كبيرا من الرموز الوطنية العراقية بصورة تسمح بالتفاهم حول شخصية وطنية تحل بديلا عن نوري المالكي، الذي تحول إلى عبء على كاهل كل من واشنطن وطهران.
وجاءت زيارة كيري عقب يومين من زيارة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز للقاهرة وعقده لقاء قصيرا مع الرئيس عبدالفتاح السيسي في الطائرة الملكية بمطار القاهرة.
وكان الملف العراقي واحدا من الملفات التي تم تناولها بين الزعيمين السعودي والمصري.
وفضلا عن أولوية الملف العراقي في زيارة كيري، فقد حملت الزيارة رسائل مهمة في اتجاهات أخرى، حيث عززت التكهنات التي سادت خلال الفترة الماضية، حول فتح صفحة جديدة بين واشنطن والقاهرة.
وكانت زيارة نبيل فهمي وزير خارجية مصر السابق قبل شهرين للولايات المتحدة قد خلفت انطباعات قوية بهذا المعنى، حيث ظهرت إرهاصات دلت على انفراج في بعض القضايا الاقتصادية والأمنية، وعدلت واشنطن من مواقفها الداعمة للإخوان، ثم رحبت بالانتخابات الرئاسية في مصر، وشددت على استكمال مسيرة خارطة الطريق، ومضت التطورات خلال الأسابيع الماضية على وتيرة متقدمة، لكنها بطيئة.
وأكد وزير الخارجية الأميركي بعد لقاء سامح شكري أن بلاده مهتمة جدا بفكرة العمل بالتعاون “الوثيق مع الحكومة الجديدة لتجري عملية الانتقال بالطريقة الأكثر سرعة ومرونة”.
ولم يخل التفاؤل الذي حملته زيارة كيري للقاهرة، سواء على الصعيد الثنائي أو الإقليمي، من حذر في بعض القضايا، فقد تزامنت الزيارة مع تحفظات أميركية، خاصة من قبل منظمات حقوقية، حول أحكام الإعدام التي صدرت ضد عشرات من قيادات وكوادر جماعة الإخوان، ومطالبات بإلغاء قانون التظاهر، وارتفاع حدة الانتقادات الموجهة لوزارة الداخلية، بسبب ما قيل أنه “إسراف” في الاعتقالات التي طالت عددا كبيرا من الشباب المصري، وبدت دعوة السفارة الأميركية في القاهرة لعدد من ممثلي المنظمات الحقوقية والشباب إلى لقاء كيري تكريسا للمنهج الأميركي في استثمار ملف حقوق الإنسان.
وأكد محمد السعيد إدريس الخبير في الشؤون الإقليمية لـ”العرب” أن مصر غير مضطرة للرضوخ لهذا الابتزاز، وتحمل أي ضغوط خارجية، لأن لديها مساحة كبيرة للمناورات، وتملك أدوات ضغط متبادلة، وأنها بدأت تستعيد دورها الإقليمي، ولديها رؤية استراتيجية لما يدور في الفضاء المحيط بها، وتعرف جيدا حجم المأزق الذي تعاني منه واشنطن.
وفي محاولة لتأكيد تحسن العلاقات، كما أعلن مسؤولون أميركيون عن إفراج واشنطن عن 572 مليون دولار (420 مليون يورو) من المساعدة المخصصة لمصر التي جمدت في أكتوبر الماضي، قبل نحو عشرة أيام بعد حصولها على الضوء الأخضر من الكونغرس.
وهذه الشريحة تمثل قسما من المساعدة الأميركية الأساسية إلى حليفها العربي الكبير (1,5 مليار دولار منها 1,3 مليار دولار كمساعدة عسكرية).
وفي أبريل، أعلن مسؤولون أميركيون أن استئناف المساعدة مقرر خصوصا لتسليم عشر مروحيات أباتشي لدعم الجيش المصري الذي يواجه هجمات يتبناها متمردون جهاديون بشكل شبه يومي في شبه جزيرة سيناء. لكن المروحيات العشر ما زالت في الولايات المتحدة على ما أوضح مسؤول الأحد.