العرب اللندنية: لوبي إخواني يخترق البيت الأبيض

أخبار مصر


صعّد إعلان عدَّة مُنظمات أميركيّة، لها صلة بجماعة الإخوان المسلمين، إنشاء مجلسٍ إسلاميّ جديد ، في الولايات المتحدة، من حدّة الغضب في الأوساط الأميركية مما اعتبروه اختراقا إخوانيا خطيرا للإدارة الأميركية.

تحت شعار حماية الجالية الإسلامية وتمثيلها في الغرب، تم مؤخّرا، الإعلان عن تشكيل منظمة جديدة تعرف باسم المجلس الأميركي للمنظمات المسلمة . أسست هذه المنظّمة مجموعة من المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة، تعرف بميولها الإخوانية، ويترأس هذا المجلس الإخواني المعروف أسامة جمال.

يدّعي المجلس أن مهمته التركيز والحفاظ على حقوق المواطن العربي الأميركي من خلال إجراء إحصاء دقيق حول عدد المسلمين بالولايات المتحدة الأميركية بهدف إنشاء قاعدة بيانات لاستخدامها والاستفادة منها في تشجيع وتعزيز المشاركة المدنية والسياسية للمسلمين في الانتخابات القادمة. وهو ما أكده نهاد عوض خلال انطلاق أعمال المجلس قائلا إن الناخبين المسلمين لديهم القدرة على أن يشكلون نسبة كبيرة من الأصوات المتأرجحة في انتخابات 2016 وإنهم يسعون إلى تحقيق المزيد من المشاركة من قبل المجتمع الإسلامي.

أتى الإعلان عن تأسيس المجلس الأميركي للمنظمات المسلمة في أعقاب إعلان بعض الدول العربية والأجنبية جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، مما انعكس سلبا على هذا المجلس . فتعالت الأصوات المعترضة على وجوده. كما نددت العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية الأميركية بتشكيله واعتبرته خطرا يهدد الأمن العام.


وفقا لتقرير النائب الأميركي السابق ألين ألغربيه، فإن تنظيم الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة وضع الأطر الأساسية لتأسيس حزب سياسي تحت مسمى مجلس المنظمات الإسلامية سيكون ممثلا للمجموعات الإسلامية داخل الولايات ليكون عاملا مهما في الانتخابات المقبلة. ويهدف المجلس إلى ترسيخ الإجراءات المؤسساتية الأميركية المواتية للإسلاميين، وهو هدف يتطابق تماما مع هدف جماعة الإخوان المسلمين الأميركية القائم على مبدأ اختراق النظام السياسي الأميركي من الداخل وتدميره، وذلك حسب ما جاء في التقرير.

تعمل هذه المنظمة، وفق ما جاء في التقرير الأميركي، كفريق واحد يضم جماعات ومنظمات متعددة مثل مجلس العلاقات الأميركية (كير) والجمعية الأميركية الإسلامية (ماس)، والدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية (إسنا) وغيرها من المنظمات ذات التوجه الإسلامي. أما منظمة كير فهي منظمة حقوقية غير ربحية تعرف باسم مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، لها أفرع في جميع الولايات الأميركية. أنشأت عام 1994، وتعمل على تحسين صورة الإسلام في أميركا والدفاع عن الحريات المدنية وحريات المسلمين الأميركيين. وقد تم ربطها رسميا بحركة حماس في وقت سابق. أما إسنا فهي الجهة الداعمة والمسؤولة عن عقد المؤتمرات السنوية للمتحدثين الإسلاميين الذين يأتون من كل مكان في العالم.


انتقادات في الداخل الأميركي

يأتي الإعلان عن تأسيس المجلس الإسلامي الجديد في وقت يتصاعد فيه الجدل حول حقيقة العلاقة بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وجماعة الإخوان المسلمين التي تكشف تقارير استخباراتية أنها نجحت في اختراق الإدارة الأميركية بشكل خطير جدا.

وفي أحدث تقرير في هذا السياق كشفت مؤسسة أميركان ثينكر أن إدارة أوباما مكنت المنظمات الإسلامية التي تعد واجهة لجماعة الإخوان في الولايات المتحدة من اختراق مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي.

وقالت المؤسسة، إن مكتب التحقيقات أجبر على عدم ذكر مصطلح التطرف الإسلامي . وأضافت أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يتعرض لضغوطات عليا من قبل إدارة أوباما لعدم ربط أي صلات بين تنظيم القاعدة وتفجيرات مركز التجارة العالمي، خلال تدريبات مكافحة الإرهاب. من جانبه، قال “ستيفن أيمرسون“،رئيس مشروع التحقيقات حول الإرهاب، إنه تم منعه من التحدث في مؤتمرات مكافحة الإرهاب ضد الولايات المتحدة، جنبا إلى جنب مع عدد من الخبراء في مجال الإرهاب الإسلامي، مضيفا أنه في الوقت الذي تم استبعاده من هذه المؤتمرات تتم دعوة الجماعات التابعة للإخوان للحضور. وتؤكّد المؤسسة ما جاء في الوثيقة السرية التي كشف عنها تقرير لمجموعة الشرق الاستشارية الأميركية، وتشير إلى أن إدارة أوباما دعمت التنظيمات الإسلامية بهدف تغيير أنظمة الحكم في عدد من دول المنطقة وقد عمل باراك أوباما على وصول الإخوان إلى السلطة في مصر وساعد على الإطاحة بحليف الولايات المتحدة القديم حسني مبارك وبذل قصارى جهده لتسليم الحكم للإخوان.

توجه سياسي

في رد له على الانتقادات الرافضة لهذا المشروع نظرا إلى علاقته تلك بجماعة الإخوان المسلمين الأميركية، قال الأستاذ نهاد عوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية “كير” في واشنطن دي سي، إن المجلس هو ثمار مباحثات أكثر من 3 سنوات، وينفصل عن شؤون الشرق الأوسط ولا يرتبط بأي إثنية أو عرقية وليس له أي توجه سياسي أو ديني، في حين إنه مؤسسة على اختلاف توجهاتها ترعى شؤون العرب والمسلمين الأميركيين المتواجدين فيها.

وأشار إلى أن ما يحدث في العالم العربي اليوم انعكس سلبا على شكل الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة وتم توظيفه سياسيا وأعاد ظاهرة الإسلاموفوبيا إلى الواجهة، لذلك نحن نسعى إلى أن يكون لنا تمثيل شامل من خلال مؤسسات برلمانية تقدم خدمات لم تقدم حتى الآن تساعد في توحيد صفوف المسلمين. هذه الأهداف رفعت من أصوات المعترضين بما فيهم بعض المسلمين العرب الأميركيين وبعض المؤسسات الإسلامية ذات التوجه الإسلامي الديمقراطي. وهو ما صرح به زهدي جاسر رئيس المنتدى الإسلامي الأميركي الديمقراطي في آريزونا غير المتقبل لفكرة المجلس والمختلف مع أعضائه فكريا، فالمجلس الحديث يتناقض مع المنتدى الإسلامي الأميركي الديمقراطي الذي يدعو إلى الحفاظ على الدين كمسألة شخصية خالصة ويرفض تحويله إلى أداة سياسية في يد البعض.

واعتبر أن المجموعات التي شكّلت المجلس ليست مجموعات عرقية مختلفة، كما يدعي القائمون عليه، فهم يحملون نفس وجهات النظر الإسلامية، ويظهر ذلك في تاريخ عملهم العام لعقود طويلة في المجتمع ، فلا يوجد بينهم أي مناهض أو معارض لتوجههم. ويدلل زهدي جاسر على ذلك بأنه ما من خلاف علني ظهر بين مؤسسة ومن يعرفون بأحزاب الإسلام السياسي الموجودة في جميع أنحاء العالم من جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس والجماعة الإسلامية.

وأكّد جاسر لـ العرب اللندينة على أن أعضاء المنتدى الإسلامي الأميركي الديمقراطي مستعدون لأن يطلقوا على أنفسهم أي مسمى من أجل الادعاء بأنهم ليسوا من جماعة الإخوان المسلمين أو تابعين لها، ولكن الدليل في المواقف والأيدولوجيات. ويوضح قائلا: الإسلاميون يعتقدون أن المسلمين يجب أن يصوتوا ككتلة واحدة وأن يكونوا وحدة واحدة وحزبا واحدا وأمة واحدة وأن يكون هدفهم واحدا معلنا يتمثل في توحيد جميع المسلمين سياسيا وهو شرط لا غنى عنه من حركات الإسلام السياسي .

وأشار إلى أنهم يحاولون دوما السيطرة على صوت المسلمين الأميركيين وتمثيلهم من أجل تهميش أصوات أكثر تنوعا من غير الإسلاميين في المجتمع الأميركي المسلم، في ذات الوقت الذي تتنوع فيه أحزابهم تحت مسميات مختلفة ولكن ذات توجه واحد وتحت مظلة واحدة وهي جماعة الإخوان المسلمين، مع ذلك هم يحاربون تشكيل كل الأحزاب الليبيرالية الإسلامية، على الرغم من أنهم أقلية قد تصل نسبتهم إلى 1 بالمئة من السكان المسلمين.

من جهته يرى محرز الحسيني، رئيس المركز العربي الأميركي للحوار والدراسات في ولاية نيوجرسي، أن فكرة المجلس من حيث الجوهر لا غبار عليها لأنها فكرة تستهدف توحيد فكر وحركة الجالية العربية الأميركية. ولكن هذا لا يمنع من وجود تساؤلات يمكن أن تفرض نفسها وذلك على ضوء ما جاء في التقرير على لسان نهاد عوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامي، حيث أنه يذكر أن المجلس ليس له توجه سياسي أو ديني، وفي نفس الوقت يذكر أن مهمته تتضمن توحيد صفوف المسلمين ليلعب دورا مهما في الحياة الأميركية السياسية وكذلك ترشيد سياسة الولايات المتحدة في العالمين العربي والإسلامي. ويعلّق الحسيني على ذلك قائلا: في اعتقادي أنها مهام سياسية في المقام الأول .

ويضيف الحسيني متسائلا: “كيف يمكن ترشيد السياسة الأميركية تجاه العالمين العربي والإسلامي في وقت تعيش الدول العربية والإسلامية حالة مزرية من الانقسام والتمزق والتراجع، فكل دولة لها أهداف ومصالح مختلفة بل ومتصادمة في أحيان كثيرة. ثم ما هو هذا المجلس بالتحديد؟ ومن يمثل؟. هل سيكون لصالح دول التكتل الشيعي أم السني؟ وما انعكاس ذلك على وضع الجالية الحالي بكل ما يسوده من خلافات وانقسام واضح؟ وما تأثير ذلك على مسألة العضوية والانتماءات؟

وختم حديثه مع العرب مطالبا بضرورة التفكير في خلق كيان عربي في المهجر لا يكون له أي توصيف عقائدي، يمكن أن يشمل جميع المهاجرين العرب دون أي تفرقة دينية أو عرقية، تجمعهم الفكرة القومية وبالتالي يكون أكثر حرية في الحركة داخل المجتمع الأميركي تجنبه الكثير من العقبات.