القاهرة تنتفض..وغضب "مصري" من تصريحات نائب "أردوغان"..وفهمي يحذر
احتجت القاهرة أمس بشدة على تصريحات لمسؤولين أتراك بشأن انتخابات الرئاسة المصرية، في حين أكد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي في لقاء مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي، على أن «بعثات المتابعة الإقليمية والدولية شهدت بنزاهة الانتخابات»، التي فاز فيها المشير عبد الفتاح السيسي أمام منافسه حمدين صباحي.
وأعربت مصر أمس عن استيائها الشديد مما قالت إنه «تكرار التدخل التركي في الشؤون الداخلية»، إثر انتقاد مسؤول تركي لنسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية المصرية. وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية أنه بناء على تعليمات الوزير فهمي، قامت نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون دول شرق وجنوب أوروبا، باستدعاء القائم بالأعمال التركي في القاهرة إلى مقر وزارة الخارجية للإعراب عن «استياء مصر من التصريحات التي أدلى بها بعض المسؤولين الأتراك حول الانتخابات الرئاسية المصرية، وتداولتها وسائل الإعلام المحلية نقلا عن وكالة الأناضول (التركية)».
وكانت وكالة الأناضول نشرت تصريحا قالت إنه لنائب رئيس الوزراء التركي، أمر الله إيشلر، هاجم فيه انتخابات الرئاسة المصرية ووصفها بأنها «كوميديا»، وأعرب عن تشاؤمه إزاء مستقبل مصر. ويأتي هذا على خلفية العلاقات المتوترة بين البلدين منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق محمد مرسي الصيف الماضي. وهاجم رجب طيب إردوغان رئيس الوزراء التركي ذو التوجه الإسلامي، في عدة مناسبات، السلطات الجديدة في مصر. وردت القاهرة الخريف الماضي باستدعاء السفير التركي فيها ومطالبته بمغادرة البلاد، وكذلك تخفيض تمثيلها الدبلوماسي لدى تركيا من مستوى السفراء إلى مستوى القائم بالأعمال.
ووفقا لتصريحات المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية أمس، نقلا عن الشرق الأوسط، فقد نقلت نائبة مساعد الوزير للقائم بالأعمال التركي أن التصريحات التركية عن الانتخابات المصرية تعبر عن غياب الإلمام أو التغافل المتعمد لسير العملية الانتخابية، التي اتسمت بالنزاهة والشفافية وجرت وسط اهتمام المجتمع الدولي ومتابعة منظمات دولية وإقليمية ومحلية. وأضاف أن نائبة مساعد الوزير أوضحت أيضا أنه «كان يمكن لنا أن نتناول بالكثير من النقد نتائج الانتخابات المحلية التي جرت في تركيا في مارس (آذار) الماضي، والأجواء السياسية المحيطة بها، فضلا عما صاحب هذه الانتخابات من اتهامات بالتزوير؛ وبالأخص في أنقرة، وما نتج عنها من احتشاد الآلاف من الأتراك أمام المجلس الأعلى للانتخابات احتجاجا على نتائج الانتخابات التي هيمن عليها الحزب الحاكم، إلا أننا لم نقم بذلك لقناعتنا بمبدأ حظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهو الموقف الذي كنا نتوقع من الجانب التركي فهمه والالتزام به واحترام اختيارات الشعب المصري».
على صعيد متصل، التقى وزير الخارجية المصري أمس سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بحضور سفير اليونان، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد، وسفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة. وألقى فهمي كلمة مختصرة في بداية اللقاء، ثم أجاب عن الكثير من الأسئلة والاستفسارات التي تتعلق بسياسة مصر الخارجية والعلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبي.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية، السفير بدر عبد العاطي، بأن فهمي تناول في كلمته خلال اللقاء التطورات الأخيرة التي شهدتها مصر وما تحقق من استحقاقات خارطة المستقبل من استفتاء على الدستور وانتخابات رئاسية، فضلا عن أهمية العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي كونه شريكا اقتصاديا وتجاريا وسياسيا، وتطوير لهذه العلاقات على أسس الاحترام المتبادل، وحرص مصر على تطوير علاقاتها مع شركائها الحاليين ومع الشركاء الجدد، وأن الهدف الأساسي لهذه العلاقات هو تحقيق المصلحة الوطنية وصيانة الأمن القومي بعيدا عن الاعتبارات الآيديولوجية.
كما شدد فهمي على «أهمية احترام شواغل الرأي العام المصري، والحفاظ على استقلالية القرار الوطني، وأنه لا يسمح لأي طرف خارجي أن يعطي لنفسه الحق في التدخل في الشأن الداخلي للبلاد بعد أن قام الشعب المصري بثورتين في أقل من ثلاثة أعوام». وأضاف المتحدث أن اللقاء شهد حوارا مطولا بين فهمي والسفراء تناول التحضير للاجتماع المشترك بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، الذي تستضيفه أثينا على المستوى الوزاري خلال الشهر الجاري، ورؤية مصر للقضايا التي سيجري طرحها خلال الاجتماع والوثيقة التي ستخرج عنه.
وقال المتحدث إن السفراء الأوروبيين رحبوا خلال اللقاء باستعادة مصر لمكانتها ودورها على المستويين الإقليمي والدولي، وإنجاز الانتخابات الرئاسية في مصر، وتقديم الشكر للجانب المصري على تسهيل مهمة بعثة الاتحاد الأوروبي لمتابعتها، وتطلع بلادهم لتطوير العلاقات مع مصر مستقبلا.
وأضاف المتحدث أن الوزير أجاب عن الكثير من الأسئلة التي أثارها السفراء الأوروبيون، من بينها التقرير المبدئي الذي أعدته بعثة الاتحاد الأوروبي حول متابعة الانتخابات الرئاسية، حيث أوضح الوزير فهمي أنه في الوقت الذي شهدت فيه بعثات المتابعة الإقليمية والدولية بنزاهة وشفافية العملية الانتخابية، «فإننا نرحب ونتلقى بكل ثقة أي ملاحظات بناءة وموضوعية حول الانتخابات، مثلها مثل أي انتخابات تجري في العالم، مع ضرورة أن تنصب التقارير على العملية الانتخابية ذاتها وليس على قضايا سياسية أخرى لا علاقة لها بالانتخابات».
وذكر عبد العاطي أن فهمي تحدث بشكل مفصل عن مواقف مصر تجاه الكثير من القضايا الإقليمية، مشددا على خطورة الوضع في ليبيا، وأهمية دور دول الجوار التي يتعين أن يكون لها دور الريادة في مساعدة السلطات الليبية في تحقيق الأمن والاستقرار السياسي ومواجهة أعمال الإرهاب وظاهرتي التطرف وتهريب السلاح، وذلك بالتعاون مع المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي.
كما أعرب فهمي عن ترحيب مصر بتشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، مشيرا إلى أهمية دعم وحدة الصف الفلسطيني لتمكين الشعب الفلسطيني من الحصول على حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وفيما يخص الأزمة السورية، حذر الوزير فهمي من خطورة ظواهر التطرف والمذهبية وتقسيم سوريا على أسس عرقية، مشيرا إلى أنه لا حل عسكريا لهذه الأزمة، وأنه من الضروري تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لتفعيل الحل السياسي الذي يحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري نحو إقامة نظام ديمقراطي حقيقي تعددي يحفظ لسوريا وحدتها.
وأضاف المتحدث أن الوزير تطرق إلى موضوع الأمن المائي المصري، مشيرا إلى ضرورة الحوار البناء والتفاوض الجاد لتحقيق مصلحة جميع الأطراف، وأعرب فهمي عن ترحيب مصر بأي جهد خارجي للمساعدة في تحقيق هذا الهدف وحل الخلافات القائمة.