"الظهير الحزبي"..كيف يضمن الرئيس الجديد قوته في "البرلمان" القادم
بينما يشترط الدستور المصري الجديد على رئيس الجمهورية ألا يكون مقيدا بمنصب حزبي أو يشغل منصبا داخل أي حزب سياسي، لضمان استقلاليته في إدارة شؤون الدولة، فإن النظام السياسي الجديد للدولة المصرية والذي حدده الدستور الجديد أيضا، يفرض على الرئيس أن يكون لديه ظهير سياسي وحزبي يضمن قوته وتأثيره في باقي أركان النظام السياسي المصري وخاصة البرلمان والحكومة.
وبعيدا عن القوى والأحزاب التي دعمت الرئيس الجديد لمصر المشير عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة، فإن الظروف السياسية قبل انتخابات مجلس النواب الجديد (البرلمان)، قد تفرض أن يكون لدى الرئيس الجديد ظهير سياسي من الأحزاب والقوى السياسية التي تدافع عن برنامجه داخل البرلمان، وتمثل في الوقت نفسه القوى الغالبة برلمانيا لضمان منح الثقة لحكومته.
هذه الوضعية السياسية تفرضها النصوص التي ترسم حدود رئيس الجمهورية في الدستور الجديد، والتي جعلت كثيرا من صلاحياته مقيدة بموافقة البرلمان والحكومة. وأولى تلك الخطوات قضية تشكيل الحكومة، حيث نصت المادة 146 من الدستور على أن «يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء لتشكيل الحكومة، التي تقوم بعرض برنامجها على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء البرلمان خلال ثلاثين يوما على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ستين يوما، عُدّ المجلس منحلا ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد».
لكن المشير عبد الفتاح السيسي أكد خلال الحملة الانتخابية له أنه لن يسعى لتأسيس حزب سياسي له، ولن يدعم أي حزب سياسي، وسيحافظ على استقلاليته من الناحية الحزبية. لكن في الوقت نفسه وقفت خلفه مجموعة من الأحزاب، منها ما هو يساري، مثل حزب التجمع، ومنها ما هو مدني ليبرالي مثل حزب الوفد والمصريين الأحرار والمؤتمر، ومنها ما هو إسلامي مثل حزب النور.
وبينما تسعى تلك الأحزاب في الوقت الراهن للإعداد لمعركة البرلمان وقانون الانتخابات الجديد الذي سيشكل طريقة انتخاب مجلس النواب، والطريقة التي سينافس بها كل حزب، يبرز سؤال مهم حول مدى احتفاظ تلك القوى باصطفافها خلف الرئيس السيسي، وهل يمكن أن تشكل التحالف الداعم له برلمانيا وسياسيا. لكن حزب المصريين الأحرار، وهو أحد الأحزاب التي جرى تأسيسها حديثا بعد الثورة، يرى أن استقلال رئيس الجمهورية الحزبي سيكون له بالغ الأثر في الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث قال المتحدث باسم الحزب شهاب وجيه في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الأمر سيخلق منافسه بين الأحزاب دون تدخل من الدولة أو تأثير من الرئيس.
وقال إن الحزب وقف داعما للسيسي في الانتخابات الرئاسية، ويستعد لخوض انتخابات البرلمان ضمن تحالف مدني قوي يضمن وجود جبهة قوية داخل البرلمان تدافع عن الدولة المصرية، مشيرا إلى أنهم سيتعاونون مع الرئيس الجديد وسيقفون معه في البرلمان لتطبيق البرنامج السياسي.
وأشار وجيه إلى أن الحزب أو التكتل السياسي الذي سيحصل على الأغلبية يجب أن يخلق توافقا مع الرئيس الجديد حتى لو كان معارضا له، ذلك أن حالة الخلاف قد تؤدي لأزمة سياسية لا تتحملها الدولة في الوقت الراهن.
في المقابل، هناك قوى مدنية تقف في صفوف المعارضة للسيسي، وخاصة الأحزاب التي كانت داعمة لمنافسه في الانتخابات الرئاسية حمدين صباحي، مثل حزب الدستور، والتيار الشعبي الذي يرأسه صباحي نفسه، والحزب المصري الديمقراطي، وحزب مصر الحرية الذي يرأسه عمرو حمزاوي، والتحالف الشعبي الاشتراكي.
لكن المتحدث باسم حزب الدستور خالد داود، رأى أن هناك تحديات أمام الأحزاب السياسية تمنعها من الحصول على أغلبية، أهمها قانون انتخابات مجلس النواب الجديد الذي يسعى لإنتاج برلمان شبيه بالمجلس الذي كان في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك باعتماد طريقة الانتخاب الفردي على ثلثي مقاعد المجلس، وبهذا سيكون أعضاء المجلس قريبين من السلطة التنفيذية. وقال إن الأحزاب الموجودة حاليا ليس لديها القدرة على المنافسة بقوة على المقاعد الفردية، ولكن أي تحالف سيحقق الأغلبية من مصلحته التعاون مع الرئيس المنتخب.
وفي الوقت الذي يشكل فيه التيار الإسلامي المعارضة الأبرز من خلال جماعة الإخوان وتحركاتها التصعيدية في الشارع ضد الدولة، فإن حزب النور السلفي اختار أن يقف في صف الرئيس الجديد، حيث أكد عضو المجلس الرئاسي لحزب النور شعبان عبد العليم، أن الحزب يبحث عن المصلحة العليا للوطن، وليس له أجندة «لمعاندة» أو معاكسة الرئيس الجديد، وإذا اختار رئيس حكومة متفقا عليه سيوافقون عليه مثلما حدث مع اختيار المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الحالي.
وقال إن المرحلة الحالية تقتضي التفاهم السياسي والاصطفاف الحزبي بين الأحزاب مع الرئيس، لأنه في ظل ضعف وجود الأحزاب في الشارع لن يكون هناك حزب أو قوة واحدة تسيطر على الأحزاب والحكومة، ولو أن الرئيس شكل حزبا سياسيا سيكون الوضع معه أصعب لأنه سيكون مفروضا عليه الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان، وبالتالي التفاهم والتنسيق السياسي هي الطريقة الأمثل لتجاوز هذه التحديات وللتعامل مع الوضع الجديد.