شبح بوتين يلاحق أوباما في أوروبا

عربي ودولي



يبدو أنّ إخفاقات الرئيس الأميركي في السياسة الخارجية ستلازمه في جولته الأوروبية خاصة أن شبح الرئيس الروسي سيلاحقه بعد أن أصبح شوكة في جنب الإدارة الأميركية من أوكرانيا إلى سوريا.

إعداد عبد الاله مجيد: جرت العادة أن يحاول الرؤساء الأميركيون الذين يفوزون بولاية ثانية تجميل تركتهم بزيارات خارج الولايات المتحدة.

ولكن جولة أوباما الأوروبية التي تبدأ الثلاثاء ستؤكد بدلاً من ذلك تاريخ اخفاقاته في مجال السياسة الخارجية، لا سيما وأن شبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيطارد الرئيس الأميركي في حله وترحاله بين العواصم الأوروبية بعد أن أصبح شوكة في جنب أوباما، من أوكرانيا على مشارف حلف الأطلسي في أوروبا مرورًا بالجاسوس الأميركي السابق ادوارد سنودن الهارب في روسيا، إلى سوريا في منطقة حساسة استراتيجيًا مثل الشرق الأوسط.

الغائب الحاضر

ولا يعتزم الخصمان أن يلتقيا خلال الجولة، ولكن الزعيم الروسي سيكون الغائب الحاضر في أفكار أوباما أو محطات جولته. ولم يلتقِ الزعيمان منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم في آذار (مارس) الماضي، وقرار أوباما فرض عقوبات على حفنة من المسؤولين الروس وسط انتقادات بأن رده على ابتلاع الدب الروسي شبه جزيرة القرم جاء ضعيفاً هو أقرب إلى وخزة منه إلى ضربة توجهها أقوى دولة في العالم.

ستكون محطة أوباما الأولى العاصمة البولندية وارسو لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا الشرقية إلى التزامه بالدفاع عنها ضد أي تجاوزات روسية.

وسيلتقي أوباما أفراد وحدة صغيرة من الجيش الأميركي أُرسلت إلى بولندا منذ بدء الأزمة الاوكرانية لتوفير غطاء جوي على ما يُفترض في حال تفاقم الوضع إلى مواجهة مباشرة. وسيلقي أوباما خطابًا بمناسبة مرور 25 عامًا على نشوء حركة تضامن النقابية وإخراجها بولندا من فلك الاتحاد السوفيتي السابق.

كما سيجتمع أوباما مع نظيره الاوكراني بيترو بوروشينكو ليؤكد مجدداً دعم واشنطن للحكومة الجديدة في كييف التي تحاول إخماد تمرد يقوده انفصاليون موالون لروسيا في معارك دموية مع قوات الجيش الاوكراني.

ويرى مراقبون أن هذا سيكون أبرز مجهود يقوم به أوباما في اطار تعبئة الرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية ردًا على الدعاية والحشود الروسية على الحدود الاوكرانية، كما أعلن هو نفسه في خطابه في كلية ويست بوينت الحربية يوم الأربعاء الماضي مستعرضًا سياسته الخارجية.

معاقبة المشاكس

وقالت هيذر كونلي، مديرة البرنامج الأوروبي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن هذا سيكون أول اختبار مهم لرأي أوباما القائل إن اوكرانيا كانت نجاحًا لقيادته الدبلوماسية ، ولكنها اضافت أن المسؤولين البولنديين يشعرون بقلق بالغ لأن ادارة أوباما تظن الآن أن الأزمة انتهت. وهم قلقون جداً من بقاء عدم الاستقرار في شرق اوكرانيا وجنوبها .

ولاحظت كونلي أن أوروبا الشرقية تريد أن ترى كيف سيتعامل أوباما مع حاجة هذه المنطقة إلى تقليل اعتمادها على ما يتفضل به بوتين من امدادات نفط وغاز.

بعد ذلك سيتوجه أوباما إلى بروكسل لحضور قمة مجموعة السبع التي سُميت رسمًيا مجموعة الثماني إلى أنّ جُمدت عضوية روسيا بسبب تدخلها في اوكرانيا. وكان من المقرر في الأصل عقد القمة في روسيا ولكنها نُقلت إلى بلجيكا لمعاقبة بوتين على مشاكساته .

عشاء هولاند

وسيصل أوباما مساء الخميس إلى باريس لحضور عشاء خاص مع الرئيس فرانسوا هولاند. لكنّ للرئيس الفرنسي موعداً على العشاء في باريس ومساء الخميس مع بوتين ايضًا. وأكد مسؤولون في البيت الأبيض أن الرؤساء الثلاثة لن يتناولوا الطعام على مائدة واحدة. ونقلت صحيفة واشنطن تايمز عن نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض بن رودس وقوله إن الرئيس هولاند ربما سيتناول العشاء أكثر من مرة .

وسيكون عشاء بوتين مع نظيره الفرنسي اول لقاء يجمعه مع زعيم دولة غربية منذ اندلاع الأزمة الاوكرانية. وقالت مصادر في البيت الأبيض إن أوباما ليس قلقاً بشأن انهيار جهوده لعزل روسيا، لكنّ آخرين يرون خلاف ذلك. وفي هذا الشأن قالت الباحثة كونلي من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في وشنطن إن هذه العزلة قد لا تكون محكَمة كما كان يُعتقد في السابق .

هل يتصافحان؟

وفي يوم الجمعة قد يجد أوباما صعوبة في تفادي مصافحة بوتين، عندما يحضر الزعيمان احتفالاً بمرور 70 عاماً على انزال نورماندي على شواطئ فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية.

وحين سُئل نائب مستشار الأمن القومي بن رودس عمّا إذا كان أوباما سيلتقي بوتين في هذه المناسبة، أجاب على مضض من الواضح انهما سيكونان في مكان واحد وسيكون لديهما بكل تأكيد سبب للتفاعل .

وقال مراقبون إن المناسبة ستمنح أوباما فرصة لتبييض صفحة سياسته الخارجية في جولة تغطي عليها المعاني الرمزية أكثر منها لبحث قضايا جوهرية.

ورأى عميد كلية الخدمة الخارجية في الجامعة الأميركية جيمس غولدغاير أن المناسبة ستمنح أوباما فرصة أخرى لتذكير العالم إنه ورث حربين حين تولى الرئاسة، وأنه وعد بإنهائهما وسيكون نفذ وعده بانتهاء ولايته الثانية.

وأشار غولدغاير إلى أنّ الجولات الخارجية كثيرًا ما تكون ملاذًا لرؤساء الولاية الثانية، وفي حالة أوباما فإنه يخلف وراءه فضيحة تتعلق بالتقصير في معالجة المحاربين الأميركيين القدماء.