أحمد فايق يكتب: الرسالة الأولى للمشير عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية قبل فوات الأوان
شباب مصر إما شهداء أو مصابون أو معتقلون فلا تبحث عنهم أمام اللجان الانتخابية
لقد انتهى عصر الشيكات على بياض وما قدمته لمصر لن يصمد أياماً أمام بطون الفقراء وعيون المطالبين بالحرية
سيادة المشير السيسى رئيس الجمهورية المحترم، أنت تعلم وأنا أعلم ومصر كلها تعرف أنك الرئيس قبل حتى أن تبدأ الانتخابات، لذا لن أنتظر النتائج الرسمية لأوجه لك هذه الرسالة، لقد ولدت معارضتك يوم الانتخابات، وهى ليست معارضة سهلة أو ضعيفة، تستطيع وزارة الداخلية الصمود أمامها، أو جنود الجيش وقفها أو قمعها، لقد نجحت أجهزة الدولة العميقة فى صناعة معارضة من الشباب، الوقود الذى يجب أن يعمل به أى رئيس حتى ينجح فى فترته، والسيف الذى فى ظهر كل من يريد العودة بمصر إلى الوراء.
قبل أن نبدأ سويا عليك أن تعلم أننى لست ممن يخافون أو يشعرون بالرعب من نظريات أن ضعف المشاركة الانتخابية مقارنة بما هو متوقع انتصار للإخوان، فقد انتهى الإخوان المسلمون يوم 30 يونيه ولا عودة لهم، والمصريون لم يتخلصوا من فاشية دينية حتى يستبدلوها بفاشية أخرى، هناك جيل عليك أن تفهمه وتستوعبه قبل الطوفان، جيل لم تستطع دولة مبارك الفاسدة القضاء عليه يوم 25 يناير، ولم يرهبه الإخوان، وانتصروا على الاثنين، ولديه قدرة على المواصلة، من الطبيعى أن تمتلئ اللجان الانتخابية بكبار السن، لأن خطاب المشير كان موجهًا لهم بالأساس منذ اللحظة الاولى، الاستقرار والأمان والقضاء على الإرهاب، وهو خطاب يصلح مع آبائنا وأجدادنا ممن تعودوا وتربوا على سنوات من القمع، وينجح فى الوصول إلى من لا يريدون ختام حياتهم بتحولات كبيرة، لقد نجحت يا سيادة المشير بوعد الاستقرار عند جيل الكبار وحب السيدات لك، لكنك فشلت فى الوصول لمن يحقق لك الاستقرار وهم الشباب، لقد كان الاستفتاء الأخير مؤشرًا إلى أن هناك شيئا ما يغضب شباب مصر من المرحلة الانتقالية، لقد شعر المصريون بالملل من تحميل كل المصائب فى عهد المعزول مرسى إلى الفلول، مثلما يشعرون الآن بالملل من تحميل كل مصائب مصر إلى الإخوان، فالإخوان مصيبة جديدة انضمت إلى مصائب مبارك وفساده، ولا نتحمل مصائب أخرى.
إن شرف الجندية العسكرية لا يقبل للمشير عبد الفتاح السيسى أن يطل علينا من وراء جدار زجاجى، فالموت أفضل لك ولنا من أن يظل هناك حاجزا بينك وبينك الشعب يا سيادة الرئيس، هل من المنطقى أن تطالب الشعب بالنزول إلى الشارع فى طوابير كبيرة لا أول لها ولا آخر، وأنت لم تظهر فى أى مؤتمر جماهيرى، لم نرك تتجول فى الشارع مثل أى مواطن، دائما تتحرك وحولك الحراسة فى كل مكان، موكبك مثل موكب مبارك ومرسى، فلماذا تطلب من الناس البسيطة أن تستجيب وتنزل للشارع من أجلك، سيادة المشير لا أعرف هل أنت شخص غير متواضع أم من حولك هم من صدروا هذه الصورة عنك، لكن النتيجة مخيبة لنا جميعا.
الشباب ليسوا مجرد مفوضية أو مراكز شباب أو حتى نواب لوزراء فى الحكومة، الشباب يجب أن يكونوا الحكومة نفسها، ليس من الطبيعى أن 80% من الشعب المصرى شباب، و95% من حكومتهم وحكامهم يتجاوزون الستين، هذا ليس سخرية من جيل الكبار أو رفضا لوجودهم، لكنه ليس من المعقول أن نذبح أحلام 80% من المصريين بسبب ربيع عمر من تجاوزوا الستين.
سيادة الرئيس هل تعرف من نحن؟
نحن جيل تربى على روايات اسمها ملف المستقبل، مكتوب فيها أن مصر عام 2020 ستصبح أقوى دولة فى العالم، وهذا بالطبع لم يحدث، ولن يتحقق إلا إذا عمت الحرية والعدل، هل تريد أن تعرف لماذا لا نتعب من المطالبة بالحرية، لأننا عشنا 30 عاما مع مبارك، ولن نمل والسبب عشقنا للأفلام الهندية التى تعرضها القناة الثانية فى العيد.. نصلى العيد ونبدأ فى ذبح الخروف ويبدأ عرض الفيلم الذى لا ينتهى حتى بعد تقطيع الخروف وتوزيعه على الأقارب وتناول طعام الغذاء وزيارة الأهل ومازال «قمر أكبر أنطونيو» يعمل بلا توقف، لذا أتحدى أى أحد من جيلى أن يكون قد شاهد هذا الفيلم بالكامل مشهدًا مشهدًا دون أن يكون راح خلص مصلحة من الهرم لشبرا ورجع تانى، نحب التغيير لأن «مايكل جاكسون» رفض أن يكمل حياته وبشرته لونها أسود، يا سيادة الرئيس نحن لا نصدق أحدًا، لأن حسن عابدين مات قبل أن يقول سر شويبس، لأننا صدقنا أن وردة لها شريط جنسى اسمه «سامحونى دول مليون جنيه»، وأن العرب يمكن أن يجتمعوا حتى فى القصص البوليسية «الشياطين الـ13»، لأننا صدقنا أن الدين لله والوطن للجميع ولم نكن نعلم أن الدين والوطن والدنيا وكل حاجة ملك للحاكم، وصدقنا أن الطقس فى مصر حار جاف صيفا دافئ ممطر شتاء، وأن مبارك هو قائد الضربة الجوية وحده، وأن حرب أكتوبر لم يقم بها سوى سلاح الطيران، وأن نفس الحرب مصر شاركت فيها وحدها، وصدقنا أن كفاح الشعب والمقاومة فى بورسعيد هم الذين انتصروا على إنجلترا وفرنسا وإسرائيل إلى أن قرأنا كتاب «سنوات الغليان» وشاهدنا اللقطة الشهيرة لطائرات روسية يتم طلاؤها بعلم مصر تهديدا بالدخول فى المعركة لدعم القاهرة، وصدقنا أن «أميتاب شان» وافق على مباراة تحدى مع جاكى شان، وأن إفريقيا هى حفلة فى استاد القاهرة يغنى لها عمرو دياب بالقميص الحرير، وأن محمد ثروت ابن مبارك من شقيقة الدكتور عبد المنعم عمارة.
لقد تسببت حاشية سيادتك فى دخولك بهذا الشكل إلى قصر الاتحادية، ولا أخفى عليك أننى سعيد بهذا، لأنه فى لحظة من اللحظات خشينا على مصر منك، أو بمعنى أدق من غرور من حولك، ممن يعتقدون أنهم يمتلكون «كاتالوج» المصريين، ما حدث سيجعلك دائما فى اختبار دائم امام هذا الشعب العظيم، سندعمك حينما تسير فى الاتجاه الصحيح، وسنثور عليك لو فعلت مثل مبارك ومرسى، لقد انتهى عهد الشيكات الموقعة على بياض، ولن نثق فى أحد بعد اليوم، وما قدمته طوال تاريخك من أجل مصر لن يصمد أمام أفواه المطالبين بالحرية وبطون الفقراء لأكثر من أيام.
سيادة الرئيس: عليك أن تعرف لماذا حدث هذا؟ ولا تصدق النظريات التى تقول إن الشعب تكاسل عن النزول، ولا تعطى أذنك لبعض السفلة ممن يقولون إن الشعب غبى لا يفهم ولا يستحق اهتمامك، هناك إضراب صامت من شباب مصر، عليك أن تعى أنهم اتخذوا موقفا وأرسلوا لك رسالة، مفادها أنه لا استقرار بدون عدل ولا عمل دون عدالة اجتماعية، لقد كان لدينا آلاف الأسئلة التى يجب أن نوجهها لك فى أى لقاء من اللقاءات التى أجريتها، لكنها للأسف الشديد لقاءات موجهة، تهدف للإرسال من طرف واحد، غير قائمة على التفاعل، ما أعرفه أنه مهنيا كان يمكن أن توجه لك هذه الاسئلة، وأن توضح إجاباتها للناس دون انحياز منى لها أو لمضمونها، بل هى أسئلة حيادية تم توجيهها لحمدين صباحى ولم يجرؤ أحد على أن يوجهها لك:
- هو ليه حضرتك دائما بتطلب من المواطنين يستحملوا وكأن رجال الأعمال مش موجودين معانا فى البلد دى؟
- إزاى نتكلم عن لمبة موفرة فى البيوت ومصانع الحديد والأسمنت بياخدوا 40% من الكهرباء المدعومة.. هى ليه الدولة بتدعم مصانع أحمد عز لحد دلوقتى؟
- يعنى إيه الشباب يتحبسوا بتهمة التظاهر وقتلة الثوار ياخدوا براءة؟
- هل سيادتك موافق على التطبيل اللى بيحصلك ليل نهار فى كل التليفزيونات والجرائد ولا سعادتك شخصيا وراه؟
- هل من الموضوعى فى كل حوار لمعاليك تنضم 3 أو أربع قنوات تليفزيونية وكأنه بيان انتخابى؟
- مع احترامى الشديد لسيادتك هو حضرتك بتشتغل إيه دلوقتى؟
- هل تعرف سيادتك أن 2% من المصريين يحتكرون 80% من دورة رأس المال وبيدفعوا 5% بس من الضرائب أما بقى الغلابة اللى بيلعبوا فى الـ20% من دورة رأس المال بيدفعوا 95% من الضرائب.. هو حضرتك مش عاوز تعيد هيكلة المنظومة الضريبية فى مأمورية كبار الممولين أو الـ2%؟
- مين بيصرف على حملتك اللى هى باسم الله ما شاء الله مليارات بتترقص على الأرض؟
- هل حقيقى العقيد أحمد على المتحدث العسكرى هو اللى بيدير حملتك الانتخابية إعلاميا؟
- لو الشعب تظاهر ضدك هاتمشى ولا هاتعمل زى مبارك ومرسى؟
- فين برنامجك الانتخابى ولا انت عاوز الشعب ينتخبك على بياض؟
■ أخبار التحقيقات إيه مع اللى قتلوا مينا دانيال وكل شهداء ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء؟
■ بتطالب الناس بالتوقف عن المطالب الفئوية ولسه فيه موظفين كبار بيتقاضوا مليون جنيه فى الشهر؟
- ليه مكافأة نهاية الخدمة لضباط الجيش الكبار أنهم يتعينوا مستشارين بفلوس كثيرة ياخدوا بيها فرص تعيين الشباب الصغير؟
- ليه الدولة بتحمى مافيا العقارات ومصممة تنزل كميات قليلة جدا من الإسكان العائلى؟
يعنى إيه شقة إسكان شباب المتر فيها بـ2000 جنيه؟
- هل سيادته ممكن يوافق على تحويل مستشفيات الجيش والشرطة لمستشفيات عامة علشان آلاف الناس اللى بيموتوا مش لاقيين سرير؟
- ممكن نعرف تقرير الذمة المالية لسيادتك؟
- ليه الشباب واخدين منك موقف واضح فى الاستفتاء الأخير؟
هذه الأسئلة ليست جريمة أو عيبا، بل وجهت أسئلة أكثر سخونة لحمدين صباحى وأجاب عنها فى نفس القنوات الإعلامية التى هللت للسيسى، كأن الإعلام يمارس الديمقراطية الانتقائية، يبدو أسدا على مرشح، وتابعا لمرشح آخر، سيادة المشير، لم تكن تحتاج هذا التهليل لتصل لقلوب الناس، ولا تلك الحملة الفاشلة، ولا هذا الإعلام الذى يتنفس الكذب والنفاق، بل تحتاج قوة جمال عبد الناصر حينما وزع الأراضى الزراعية على المصريين بعد 40 يوما من الثورة، أو جرأة السادات الذى حول الاقتصاد المصرى فى لحظة واحدة من الاشتراكية إلى الرأسمالية، مصر ينقصها قرار حاسم فى صالح الفقراء، قرار ينتصر للعدالة الاجتماعية، سيادة المشير لقد كتبت كل حرف بإخلاص وحبا فى وطنى، وأرى فيك أملا فلا تخذلنى مثلما فعلت حملتك الانتخابية.