ألعاب «المحمول».. طريقة مختلفة لعلاج الاكتئاب

تكنولوجى



تجاوزت ألعاب الأجهزة المحمولة حالياً غرض الترفيه والتسلية إلى استخدامات أخرى مثل التعليم، وتلفت بعض الألعاب الرقمية أنظار الباحثين والمستخدمين، باعتبارها طريقة مبتكرة لمعالجة المشكلات الصحية النفسية مثل القلق والاكتئاب، ويعتقد البعض أنها قد تُسهِم في إتاحة العلاج النفسي على نطاقٍ أوسع.

ومع موافقة أستاذة الطب النفسي في كلية «ألبرت» الطبية بجامعة «براون» الأميركية، كارول لاندو، على دور الألعاب في توفير العلاج النفسي لعددٍ أكبر من الأشخاص، إلا أنها أكدت أنها لا تُغني بحالٍ عن العلاج النفسي المباشر مع الأطباء.

ومن بين الألعاب التي تهدف للتخفيف من أعراض الاكتئاب وعلاجه «سوبر بِتر» التي تعمل، بحسب ما يوضح موقعها، على بناء المرونة الشخصية التي تتيح للأفراد التحفيز الذاتي والتفاؤل اللازم لمواجهة الصعوبات، ما يدعم العافية الجسدية والنفسية عموماً. وتعرض اللعبة للاعبين تحديات ومهام تستند إلى آراء الأطباء والعلماء، لمساعدتهم على التحكم في القلق. وتُرجح دراسات أن أداء الأشخاص الذين يعانون الاكتئاب، لتمرينات، أو التحدث مع الأصدقاء، يمكن أن يساعد على علاجهم.

وتساعد «سوبر بِتر» في تحويل تلك الاقتراحات إلى مهام تقدمها للاعبين مثل: «اخرج لبضع دقائق» أو «اتصل بصديق». ويمكن للاعبين، إتمام تلك المهام، والحصول على نقاط، ما يشعرهم بحماسة لاستكمال اللعب. وأظهر اختبار علمي للعبة «سوبر بِتر» دورها في التخفيف من الاكتئاب، وخلال التجربة استعانت طالبة الدراسات العليا في علم النفس في جامعة «بنسلفانيا»، آن ماري رويبك، بمشاركين عبر الإنترنت لاختبار اللعبة.

وتضمن الاختبار تقييم المشاركين وفق مؤشر الاكتئاب من «مركز الدراسات الوبائية» الأميركية «سي إي إس ـــ دي» الذي يتدرج بين 0 و60.

وبعد شهرٍ واحد من استخدام المشاركين للعبة «سوبر بِتر»، تراجعت معدلات الاكتئاب لدى 31 لاعباً بمعدل 11.3 نقطة، مقارنةً بالمشاركين في مجموعة تحكم لم تستخدم اللعبة، وتراجعت مؤشرات الاكتئاب لديهم بمعدل 4.3 نقاط. وعملت على تطوير اللعبة مصممة الألعاب، جين ماكجونجال، التي تدعم استخدام المحمول والتكنولوجيا الرقمية لتعزيز السلوكيات الإيجابية والتعاون في العالم الحقيقي. وكانت قد تعرّضت لإصابة خطيرة من ارتجاج في المخ، وطوّرت ألعاباً لمساعدتها على تجاوز مشكلاتها.

وبحسب «ماكجونجال»، المسؤولة عن إدارة أبحاث وتطوير الألعاب في مؤسسة «انستيتيوت فور ذا فيوتشر» البحثية، فكثيراً ما يركز الأشخاص الذين يعانون القلق أو الاكتئاب، تفكيرهم في أسوأ التصورات والاحتمالات.

وتراعي «سوبر بِتر» تلك السمة من خلال شخصية السيدة الافتراضية «إيسميريلدا»، التي تُمثل وسيطة روحية تتطلع إلى كرة بلورية لترى الجوانب السلبية فقط، ويتوجب على اللاعب هزيمتها من خلال تحدي توقعاتها.

وتعتقد «ماكجونجال» أن ذلك يساعد اللاعبين على تطوير مهارات شبيهة بتلك التي يتم تعليمها خلال العلاج المعرفي السلوكي. وقالت: «يمكنها أن تساعدك على ملاحظة عادات سيئة أو أنماط التفكير السلبي التي تحول دون شعورك أنك أفضل أو أقوى».

ومن المقرر أن تخضع «سوبر بِتر» لاختبار آخر خلال يونيو المُقبل بإشراف «ماكجونيجال» وأستاذة الطب الطبيعي وإعادة التأهيل في جامعة ولاية أوهايو، ليز ورثن ـــ تشودري.

ويشارك في الاختبار 20 شخصاً واجهوا ارتجاجاً أو إصابات في الدماغ وسمح لهم أطباؤهم بالمشاركة. وأظهرت دراسات سابقة إمكانية تسبب ارتجاج الدماغ في الإصابة بالاكتئاب.

وسيجري توجيه المشاركين للعب «سوبر بِتر» لمدة لا تقل عن 10 دقائق يومياً، وسيجري اختبارهم وفقاً لمجموعة متنوّعة من مقاييس الاكتئاب قبل وبعد الدراسة.

أما لعبة «برسونال زِن»، التي انطلقت نسختها التجريبية خلال هذا الربيع، فتتطلب من اللاعبين تركيز انتباههم إلى الوجوه السعيدة وتجاهل السلبية منها. وأخضعت اللعبة لاختبار مُوّل بمنحة من «المعاهد الصحية الوطنية». وأظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين لعبوا «برسونال زِن» فترة 25 دقيقة، ثم طلب منهم الحديث علانية، أظهروا مستويات أقل من القلق مقارنةً بغير اللاعبين، بحسب أستاذة علم النفس في كلية «هانتر» في نيويورك ومبتكرة اللعبة والمؤلفة الرئيسة للدراسة، تراسي دينيس. وأشارت إلى أن بمقدور الألعاب تيسير الوصول إلى خدمات الصحة النفسية، ومع ذلك أقرت أنها قد لا تلائم جميع الأشخاص.

في سياقٍ متصل، تختبر «وزارة شؤون المحاربين القدامى» الأميركية، مدى فاعلية إضافة عناصر وأساليب مستمدة من الألعاب إلى تطبيقها «بي تي إس دي كوش»، الذي انطلق في عام 2011 بهدف مساعدة الجنود الذين يعانون اضطراباً بعد الصدمة، وهو أحد الاضطرابات النفسية الناجمة عن صدمات نفسية أو مالية، أو تعرّض حياة المرء لتهديد بالغ.

واعتبر طالبا الدكتوراه في كلية علوم المعلومات بجامعة «تامبيري» في فنلندا، جونا كويفيستو وجوهو هاماري، أن نجاح الألعاب ربما يعتمد على طبيعة الشخص نفسه.

ووجدت دراسة للباحثين أن الأشخاص يمكنهم أن يفقدوا اهتمامهم بالألعاب بسرعة.

وأظهرت النتائج أن أصحاب الشخصيات التي تُركز على النجاح، ويفضلون الحصول على النقاط وملصقات، ربما يستفيدون من الألعاب أكثر من أصحاب الشخصيات التي تركز على الإنجاز، وهؤلاء قد لا يدركون الهدف من الألعاب.