نادية صالح تكتب : نحن و«آبيه أردوغان»

مقالات الرأي


هذا عنوان رسالة إلي أشهر أطباء النفس ليقدم لنا تحليلاً شافياً وافياً علمياً لنفهم أنفسنا، خصوصاً في هذه المرحلة المهمة والخطيرة والحرجة التي تعيشها بلادنا في هذا الزمان وذلك العالم، لكن لا بأس قبل إرسالها أن نراقب الموقف ونتأمل معاً..

حفاوة وطقوس دينية والله أكبر وبسم الله الرحمن الرحيم نستقبله.. مسلم.. موحد بالله.. زوجته محجبة، والتراكوة- كما يحلو لنا أن نجمع كلمة تركي- التراكوة ذكري وتاريخ، خلافة انتهت لكن لا مانع من عودتها طالما أن «الاسلام هو الحل» إذاً ما كان ذلك هو الغرض والهدف، المهم جاء «التركي» الأبيض المسلم رئيس الوزراء، وصورة حزب العدالة والتنمية تفتح شهية المستقبلين اصحاب الغرض، فإذا بالرجل وبكل بساطة يعلن أن الاسلام لديه عقيدة وليس سياسة، حتي لا يتعرض هذا الدين العظيم للخطأ، إذا ما أخطأت السياسة، باختصار صارحنا الرجل أنه «علماني» العقيدة السياسية، مسلم العقيدة الانسانية، وعرفنا وتأكدنا أن محافظ اسطنبول الأسبق ورئيس وزرائها الحالي يعتنق ما يطلقون عليه هناك حكم الرجال العاديين، فهو سياسي «عادي» وحكومته مدنية عادية، وهنا قامت قيامة المتشددين، الذين يرون- كما قلت وقالوا سابقاً - قبل أن يغيروا الكلمة فقط «الاسلام هو الحل»، وإذا قيل لهم انظروا إلي درجة النجاح المتواضعة لمن طبقوا هذه السياسة لا يستمعون بل يزداد تشددهم، وإذا قيل لهم إن الاسلام أرفع من أن ينزل إلي الشارع وإلي السياسة التي تنجح وتفشل أحياناً، أشاحوا بوجههم وأعطونا ظهورهم، أكثر عنفاً.. المهم.. سقط أردوغان في أول اختبار له أمام الجموع والمحتفلين به، الذين وضعوا آمالهم في تجربته ومعتقداته وكأننا لابد أن نحصل مما نريد الاستفادة من تجاربه علي ما نريد نحن أن نستمع إليه، ولا نلتفت إلي حقيقة تجربته هو الناجحة، ولعل ما جري في زيارة «مهاتير محمد» إلينا وما قاله عن تجربته في ماليزيا، وكيف أن الديمقراطية لم تكن مناسبة في بداية المشوار، لقد أشحنا وجهنا عنه، أي أننا باختصار لا نريد أن نستفيد من تجارب الغير أو نسمع منهم إلا ما يجيء علي هوانا كما يقولون.

ويبقي ما هو أهم من ذلك.. فنحن أصبحنا للأسف -أو أصبح معظمنا - ممن ينطبق عليهم المثل العامي: «اللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي»، فقد أصبحنا لا ننفخ فقط في الزبادي بل ننفخ في الأيس كريم الساقع المتجمد من طول ما اتلسعنا «60سنة لسع» لدرجة أننا عندما أدركنا أن كلمة «آبيه» التي نقولها للأخ الأكبر تقديراً واحتراماً، والتي يطلقونها علي «أردوغان» رئيس وزرائهم تقديراً واحتراماً «آبيه أردوغان» ،قلنا لا أحد أبونا ولا أخونا الأكبر، أي أننا من غير «أب» ولا حتي «أخ أكبر» ووصل الأمر إلي درجة الرغبة في «إزاحة» الكبير حتي لا نضطر لاحترامه، وكلها درجة من درجات رد الفعل المغالي فيه من طول المعاناة «واللسع» كما يقول المثل ،وأخيراً وليس آخراً وحتي نقترب أكثر من شخصيتنا العاطفية الطيبة، فقد تصورنا أن الرجل جاءنا حبيباً منقذاً مساعداً لإخوته المسلمين في مصر، وللحق أن الرجل حسن النوايا، لكنه سياسي ورجل أعمال والحب هنا تدخل فيه المصلحة والغرض السياسي، ولا يقلل ذلك من نزاهته، فلا شيء يا سادة دون ثمن والمصالح تتصالح في كثير من الاحيان، وبعد ذلك كله مازلت أرشح هذه الرسالة بعنوان «نحن وآبيه أردوغان» لنرسلها معاً إلي أشهر أطباء النفس في انتظار الرد، لمزيد ومزيد من الفهم الشامل والعادل لما نحن فيه ولشخصية المصري الطيب والثوري معاً.