وزير الخارجية يحدد ملامح الدبلوماسية المصرية
حدد وزير الخارجية محمد كامل عمرو ، في بيان مصر الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أهم ملامح وأولويات السياسة الخارجية لمصر والقضايا التي تركز عليها الدبلوماسية المصرية.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية عمرو رشدي إن وزير الخارجية استهل بيانه بالإعراب عن اعتزازه بالحديث الى الأمم المتحدة ممثلا لمصر في عصرها وثوبها الجديدين بعد نجاح ثورة الجماهير المصرية التي خرجت في 25 يناير تطلب حقها في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، مؤكدا أن التاريخ سيذكر انحياز القوات المسلحة المصرية لشعب مصر ، كمؤسسة وطنية تدين بالولاء لشعب مصر أولا وأخيرا وليس لنظام بعينه ، وهو ما تبدى جليا في التفاف المصريين حول قواتهم المسلحة .
وشدد وزير الخارجية على إصرار مصر ، حكومة وشعبا على إتمام المرحلة الانتقالية بما يؤسس لانطلاقة سياسية مدنية منتخبة من الشعب لزمام الأمور .
وقد تصدرت القضية الفلسطينية بيان وزير الخارجية ، حيث ذكر أنه يتعين الإقرار بأن ظلما تاريخيا هائلا وقع على الشعب الفلسطيني ولم يتسن للعالم أجمع رفعه حتى الآن ، مشيرا الى أن القضية الفلسطينية لازالت دون التسوية المنشودة بعد عقدين كاملين من التفاوض العقيم ، ولازال الشعب الفلسطيني محروما حتى يومنا هذا من نيل حقوقه السياسية المشروعة وفى مقدمتها حقه في الاستقلال والحرية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على أساس حدود 1967 .
واعتبر وزير الخارجية محمد كامل عمرو موقف الرباعية الدولية من طلب فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة تجسيدا لعجزها ، أي الرباعية الدولية ، عن بلورة رؤية متوازنة لتحقيق الهدف الذى يعلمه ويقر به الجميع ولكن يختلفون على سبل التوصل إليه .
وشدد محمد عمرو على أنه قد صار أمرا عبثيا تماما استمرار الحديث عن عملية السلام بينما تواصل إسرائيل ـ بكل ارتياح ودون إلتفات لاعتراضات دول العالم ـ استيطان أراضي الضفة الغربية وتغيير معالم القدس الشرقية المحتلة واستخدام العنف ضد المدنيين وحصار غزة منتهكة أحكام القانون الدولي ، مشير الى أن أي متابع منصف لا يسعه إلا أن يرى في تحركات إسرائيل تجسيدا لهروبها المستمر من الإقرار بأن الطريق الوحيد الى أمنها يمر من خلال التوصل الى تسوية عادلة من الجانب الفلسطيني عبر مفاوضات جادة تستند الى مرجعية واضحة وإطار زمنى محدد .
وأكد وزير الخارجية أن مصر كانت وستظل ملتزمة بهدف تحقيق السلام العادل والشامل الذى بدأته في الشرق الأوسط وستواصل عملها من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة والتوصل الى حل لكافة قضايا الوضع النهائي في إطار زمنى محدد ومتفق عليه ومضمون دوليا ، كما ستواصل جهودها للبناء على النجاح الذى تحقق في القاهرة بالتوقيع على اتفاق المصالحة الفلسطينية بما يدعم وحدة الصف الفلسطيني ويصب في صالح مساعي تحقيق السلام .
وتناول وزير الخارجية محمد كامل عمرو في بيانه أيضا الوضع في السودان ، حيث رحب بانضمام دولة جنوب السودان الى الأمم المتحدة ، كما أشاد بالتزام السودان بتنفيذ استحقاقات اتفاق السلام الشامل واحترام إرادة أبناء الجنوب في الاستقلال ، مشيرا الى أنه بينما شهد العام الماضي تعاونا كبيرا بين الطرفين فإن قضايا هامة مازالت عالقة ويجب تسويتها في إطار من التعاون وحسن النوايا ، داعيا المجتمع الدولي الى مساندة جهود التنمية والبناء والإعمار في البلدين ، مؤكدا عزم مصر على الاستمرار في دعم الدولتين على مختلف المستويات .
كما وجه وزير الخارجية التحية باسم مصر لثورة تونس الشقيقة التي عجلت بقدوم الربيع العربي ، وأعرب عن تضامننا مع الشعب الليبي الشقيق ، مهنئا المجلس الوطني الانتقالي بشغل مقعد ليبيا في الأمم المتحدة وبجهوده لتحقيق الاستقرار واستعادة السلم في البلاد ، معربا عن استعداد مصر لتقديم أي دعم ممكن للمساعدة في إعادة بناء الدولة وتجاوز المرحلة الدقيقة المقبل .
وتطرق وزير الخارجية الى الوضع في اليمن الشقيق ، حيث أكد مساندة مصر لكافة الجهود الرامية لتحقيق استقراره وتلبية تطلعات شعبه وفق الآليات التي يتم التوافق عليها بين أبناء الوطن ، معتبرا أن استمرار الوضع الراهن له تداعياته وانعكاساته الخطيرة على أم واستقرار المنطقة .
وبالنسبة لسوريا ، ذكر محمد عمر أن شعب مصر يتابع بانزعاج كبير ما تشهده سوريا الشقيقة من تطورات خطيرة وما ينتج عنها من خسائر في الأرواح ومعاناة الاشقاء هناك ، وأعاد التأكيد على الموقف الذى سبق وعبرت عنه مصر من أن الحل الوحيد للازمة في سوريا يتمثل في وقف العنف والانخراط في حوار جدى بين كافة الأطراف في ظل مناخ من الانفتاح السياسي.
وفيما يتعلق بأمن الخليج ، شدد وزير الخارجية محمد كامل عمرو على ما تمثله منطقة الخليج وأمن واستقرار دولها العربية الشقيقة من أهمية استراتيجية خاصة بالنسبة لمصر وأولوية متقدمة على سلم أولويات واهتمامات سياسة مصر الخارجية ، وذلك تأسيسا على ما يربطنا مع اشقائنا في هذه الدول من روابط ووشائج تاريخية ومجتمعية وثقافية وسياسية وأمنية ممتدة ، مؤكدا أن عين مصر ستظل دائما على تحقيق الاستقرار لهذه المنطقة الحيوية من العالم .
وتناول جهود نزع السلاح ومنع الانتشار النووي والمساعي الرامية لتحقيق عالمية معاهدة منع الانتشار النووي ، معتبرا أن انضمام جميع دول الشرق الأوسط الى المعاهدة باستثناء إسرائيل قد عطل مسيرة إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية ، وأعرب عن قلق مصر إزاء تعثر مساعي مؤتمر خاصة بالشرق الأوسط لبحث هذه القضية في العام المقبل ، مجددا التأكيد على موقف مصر بضرورة الربط بين الحق في الاستخدام السلمى للطاقة النووية والاحترام الكامل للالتزامات الدولية بموجب المعاهدة ، وهو ما يتطلب التعاون الكامل من جانب جميع الدول الأعضاء بما في ذلك إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتفادى التصعيد تعزيزا لجهود منع الانتشار في منطقة الشرق الأوسط .
وحرص محمد كامل عمرو على تناول القضايا الافريقية ، مؤكدا أن ما توليه السياسة الخارجية لمصر من مكانة متقدمة وخاصة للقارة السمراء ، معلنا أن مصر ستتجه بشكل متنامي في المرحلة المقبل نحو تعميق وتفعيل مختلف أطر التعاون مع الدول الافريقية والانطلاق بها نحو آفاق أرحب تسهم في تحقيق آمال وتطلعات شعوب القارة في التنمية والازدهار .
كما أشار عمرو الى مساهمات مصر الفعالة في قوات حفظ السلام في ربوع القارة ، وما قدمته مصر من عون لمكافحة ا لقرصنة والجفاف في القرن الإفريقي وتخفيف حدة المجاعة في عدد من دول المنطقة ، وتطرق أيضا الى الوضع في الصومال ، لافتا الى قلق مصر على استمرار تدهور الوضع في هذا البلد العربي الإفريقي الشقيق ، ودعوتها لتضافر الجهود الإقليمية والدولية للعمل من أجل إنهاء معاناة الشعب الصومالي الشقيق وتمكينه من تحقيق السلام وضمان إنجاح عملية بناء القدرات ، مع دعوتها للأطراف الخارجية للتوقف عن التدخل السلبى في الشأن الصومالي .