مرض العقلاء .. هل تعرف ما هو ؟

منوعات



خبراء نفسيون ..الوسواس القهري مرتبط بشخصية الفرد وهو مرض العقلاء

أكد خبراء نفسيون أن مرض الوسواس القهري مرتبط في كثير من الأحيان بطبيعة وشخصية الفرد، وهو الأمر الذي يجعل المريض يقوم بالعديد من التصرفات غير الإرادية، موضحين في الوقت نفسه أن هذا المرض يمكن أن يبدأ في سن مبكرة من الحياة، سواء في الطفولة مع دخول مرحلة الدراسة أو بعد وصول سن النضج.

في حديثه عن أعراض المرض وأسبابه وطرق علاجه، يُعرَّف أحمد جمال أبو العزائم رئيس الجمعية العالمية للصحة النفسية مرض الوسواس بأنّه نوع من التفكير غير المعقول وغير المفيد، يلازم المريض دائماً، ويحتل جزءاً من الوعي والشعور مع اقتناع المريض بسخافة هذا التفكير مثل تكرار ترديد جمل مبهمة أو كلمات في ذهن المريض، أو تكرار نغمة موسيقية، أو أغنية تظل تلاحقه وتقطع عليه تفكيره، بما يتعب المصاب.

وقد تحدث درجة خفيفة من هذه الأفكار عند كل إنسان في فترة من فترات حياته، ولكن الوسواس القهري يتدخل ويؤثر في حياة الفرد وأعماله الاعتيادية، وقد يعيقه تماماً عن العمل.

ويشير أبو العزايم إلى أن نسبة انتشار المرض في المجتمع تبلغ حوالي 2 بالمئة، وهذا يعني أنّ فردا من كل خمسين يعاني من هذا المرض، وربما كان ضعف هذا العدد من الأشخاص قد عانوا من هذا المرض في فترة ما من حياتهم، ولكن لحسن الحظ تمّ شفاؤهم سريعاً.

ومن جانب آخر يقول الدكتور علاء فرغلي استشاري الطب النفسي وزميل جامعة ميموريال بأميركا: إن مريض الوسواس قد يتعلق بشكل زائد عن الحد بالجراثيم والأتربة، ودائماً يشعر بأنه التقط عدوى من أحد، وقد يفكر بأنه آذى أحدا بشكل متكرر، ويظل المريض متمسكا بهذه الفكرة على الرغم من أنه يعرف أنها ليست حقيقة، وترتبط بالوسواس أحاسيس غير مريحة مثل الخوف، والشك، والاشمئزاز.

في المتوسط تمر فترة 17 عاماً منذ بداية المرض قبل أن يتلقى المريض العلاج الصحيح، وذلك لأن بعض المرضى يتكتمون على مرضهم

ويضيف: إن مريض الوسواس في بعض الأحيان قد يلجأ إلى الأعمال القهرية، لكي يتخلص من الوسواس الذي يسبب له قلقا مستمرا، فقد يقوم المريض بالاغتسال مرات ومرات حتى تلتهب يداه مثلا، أو يلجأ إلى شرب الخمور والمقامرة ليس من أجل المتعة واللذة، ولكن من أجل التخلص من القلق الذي يعاني منه.

ويوضح الدكتور علاء: أن مرض الوسواس القهري يمكن أن يبدأ في أيّ سن، بداية من مرحلة ما قبل المدرسة وحتى سن النضج، ونصف المصابين به بدأت حالتهم منذ الطفولة، وللأسف لا يتم اكتشاف المرض مبكراً، فيذهب المريض لأكثر من ثلاثة أو أربعة أطباء للعلاج، ولا يخضع للعلاج الصحيح إلا بعد تسعة أعوام أو أكثر.

وأوضحت الدراسات، أنه في المتوسط تمر فترة 17 عاماً منذ بداية المرض قبل أن يتلقى المريض العلاج الصحيح، وذلك لأن بعض المرضى يتكتمون عن مرضهم، أو قد تكون بصيرتهم معدومة بالنسبة لمرضهم، كذلك لا يعرف الأطباء الكثير عن هذا المرض، أو قد يكونوا غير مدربين على توفير العلاج المناسب، ومن جانب آخر يؤكد الدكتور علاء على أن مرض الوسواس القهري هو مرض نفسي وعضوي، وليس نفسيا فقط.

ولوحظت سلوكيات مشابهة لمرض الوسواس القهري لدى بعض الحيوانات مثل الكلاب والجياد والطيور، وقد تمّ التعرف على تركيبات غير طبيعية في الدماغ تتدخل وتسبب التعبير عن أعراض الوسواس القهري، ولكن تتحسن هذه التركيبات مع المعالجة الناجمة عن طريق الأدوية والعلاج السلوكي.

وعن أسباب مرض الوسواس القهري يقول الدكتور علي إسماعيل أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر: إنّه لا يوجد سبب واحد محدد لمرض الوسواس القهري، وتشير الأبحاث إلى أن مرض الوسواس يتضمن مشكلات في الاتصال بين الجزء الأمامي من المخ، وهو المسؤول عن الإحساس بالخوف والخطر، وبين التركيبات الأكثر عمقا للدماغ، وهي العقدة العصبية التي تتحكم في قدرة المرء على البدء، أو التوقف عن الأفكار، وتستخدم هذه التركيبات الدماغية الناقل العصبي الكيميائي “السيروتونين”، ويرتبط مرض الوسواس بنقص في مستوى السيروتونين بشكل أساسي.. هذا بالإضافة إلى أن الجينات تلعب دورا مهما في تطور هذا المرض في حالات كثيرة.

العلاج الناجح لهذا المرض يتطلب تغييرات معينة في السلوك وفي بعض الأحيان يتطلب بعض الأدوية النفسية

فمرض الوسواس الذي يظهر في سن مبكرة أي “مرحلة الطفولة” يمتد في عائلات بأكملها، وفي بعض الأحيان يكون مرتبطاً بأعراض مرضية نفسية أخرى، وعندما يكون الوالدان مصابان بمرض الوسواس القهري، تزيد بنسبة طفيفة، أخطار إصابة أبنائهم بهذا المرض في المستقبل، على الرغم من أن الخطر يبقى كامناً.

ويوضح الدكتور وسائل علاج مرض الوسواس القهري، حيث تعتبر الوسيلتان الأكثر فعالية في العلاج، بحسب قوله، هما الأدوية والعلاج السلوكي، وعادة ما يكون العلاج في أعلى درجات فعالياته إذا تم الجمع بين هذين العلاجين.

ويشيرالدكتور إلى أنّ نسبة انخفاض الأعراض قد تقع بين 40 بالمئة إلى 95 بالمئة مع العلاج، وهذا يتوقف على طبيعة المريض، وقد تستغرق الأدوية من 6 إلى 12 أسبوعاً، لإظهار التأثير العلاجي الفعال.