الفنار للإعلام تجري مسحاً حول أجور أساتذة الجامعات الحكومية العربية

أخبار مصر



يواجه أساتذة الجامعات الحكومية في العالم العربي صعوبات كبيرة في الوصول إلى مستوى معيشة الطبقة الوسطى، بحسب نتائج استبيان خاص بأجور أساتذة الجامعات الحكومية في 12 دولة عربية قامت بإجراءه الفنار للإعلام.

فمن بين 12 دولة شملتها الدراسة، تعتبر أجور أساتذة الجامعات الحكومية في لبنان ودول الخليج الأعلى، في حين أن أجور الأساتذة في اليمن والمغرب هي الأقل.

يقول ديفيد ويلر، رئيس تحرير الفنار للإعلام ” قمنا بإجراء هذا الاستبيان لأنه منذ عدة سنوات، بل منذ عدة عقود، يجري نقاش حول ضعف الأجور التي يتقاضها الأساتذة العرب. لكن في معظم الأحيان، كان من المستحيل الحصول على الأرقام الفعلية. الآن أصبح لدينا حقائق لنقاش أعمق”.

بدأ المشروع في أيلول/ سبتمبر الماضي بمشاركة صحفيين من كل بلد للحصول على أرقام تتعلق بالأجور من قبل الوزارات والمصادر الحكومية الأخرى، وكالات التوظيف، والأساتذة أنفسهم ومن ثم مقارنة هذه الأرقام مع أساتذة آخرين.

وعلى الرغم من عدم إتباع أسلوب علمي في إجراء هذا الاستطلاع، فقد تم إعطاء اهتمام كبير للتحقق من الأرقام والإبلاغ عن أي حوافز مستحقة للأساتذة ،إن أمكن. قد يكون هناك بعض الأخطاء، التي نقبل بكل تأكيد تصحيحها حين يمكن التحقق منها.

في كل بلد شملها الاستطلاع، كان متوسط الأجور أقل من الأجر المطلوب واللازم لتأمين حياة في مستوى معيشة الطبقة المتوسطة عند قياسه مع القوة الشرائية المحلية، وتحديداً ما يعرف باسم “تعادل القوة الشرائية”، أو إلى أي مدى يمكن لأجور الأساتذة أن تكفي في الاقتصاد المحلي. وعلى الرغم من الصعوبة التي يعاني منها الأكاديميون العرب في الوصول إلى مستوى معيشة الطبقة الوسطى، إلا أنهم يتقاضون أجوراً جيدة مقارنة مع باقي السكان، حيث تعاني العديد من الدول العربية من مشكلات اقتصادية تجعلها في درجات متدنية في قائمة الاقتصادات العالمية .

بالطبع ليس غريباً أن تكون سوريا البلد الأكثر صعوبة من الناحية المالية للعمل فيها كأستاذ في جامعة حكومية. إذ انخفضت الرواتب السورية، القليلة في الأصل، بنسبة تصل إلى 75 في المئة منذ أن بدأ الصراع قبل نحو ثلاث سنوات. تبلغ نسبة التضخم في سوريا 37 في المئة، وهي أعلى نسبة بين الدول التي شملها الاستطلاع، في حين حصلت اليمن على المركز الثاني بنسبة تضخم بلغت 12 في المئة. وبالطبع لا تواكب الأجور معدل التضخم في هذين البلدين، مما يتسبب في معاناة للأساتذة وللكثير من العاملين في هذا القطاع.

في دول مثل ليبيا وسوريا وتونس، لا يحصل حتى الأكاديميون ذوو الأجور المرتفعة على ما يكفي للوصول لأدنى الأجور السنوية اللازمة للعيش بمستوى الطبقة المتوسطة.

كما يحصل الأكاديميون المبتدئون في أدنى درجات الأجور في هذه البلاد على أجور قليلة جداً. ففي العراق، وليبيا، والمغرب، وسوريا يحصل الأساتذة على أجور تبدأ من أقل 13.000 دولاراً أمريكياً سنوياُ.

في مصر، واليمن، والمغرب، لا يقترب أعلى أجر من الحد الأدنى اللازم لتخطي مستوي الطبقة المتوسطة. إذ يبلغ أعلى أجر يدفع للأكاديميين في اليمن والمغرب حوالي 22000 و 30000 دولاراً أمريكياً سنوياً بالتوالي.

في المستويات المتقدمة، تحتل تونس والأردن والعراق مراكز متقدمة. إذ تتقدم الأردن بأعلى أجر للأكاديميين الأردنيين حيث يقارب 60000 دولاراً سنوياً. ومن ضمن أفضل الأجور في العالم العربي، يحصل الأستاذ الجامعي في لبنان على أجر يتراوح بين 30.000 دولاراً أمريكياً إلى 90.000 دولاراً أمريكياً سنوياً. علماً بأن هذه الأجور كانت جزئياً نتيجة لإضراب أساتذة الجامعة في وقت سابق من العام الماضي. يحتاج زوجين من الطبقة الوسطى في بيروت، لكسب نحو 43171 دولار أمريكي وفقاً لإحصاءات الإنفاق.

وبعيداً عن الموقع الذي يحتله أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة اللبنانية الحكومية على سلم أجور الأكاديميين، فإنهم يكسبون ثلاث أو تسع مرات أكثر من متوسط كسب المواطن اللبناني، حيث يبلغ متوسط دخل الفرد في البلاد 10708 دولاراً أمريكياً بحسب صندوق النقد الدولي .

في الواقع، في كل بلد شملها الاستطلاع، باستثناء سوريا وقطر، كانت أجور الأكاديميين في كثير من الأحيان أعلى بكثير مما يحصل عليه الكثير من مواطنيهم سنوياً.

يتم تعزيز الأجور في دول الخليج ببدائل السكن، والنقل، والبدلات الدراسية للأطفال المعالين بحيث تصبح تكلفة المعيشة بالنسبة للأكاديميين في هذه البلدان في نهاية المطاف أقل بكثير، إضافة إلى حصولهم على أجور أعلى، والتي غالباً ما تكون معفاة من الضرائب. إن هذه العوامل تجعل من الصعب تحديد التكلفة الحقيقية للمعيشة وقياسها مقارنة بمستوى الأجور، ومقارنة دول الخليج بغيرها من دول المنطقة (إقرأ أيضاً: العمل في الخليج: ليس كل ما يلمع ذهباً).

في دولة الإمارات العربية المتحدة، تتراوح أجور أعضاء الهيئة التدريسية مابين 41000 دولاراً أمريكياً إلى 176000 دولاراً أمريكياً سنوياً متجاوزة بسهولة مستوى 54.2500 دولاراً أمريكيأ اللازم لمعيشة الطبقة الوسطى. علماً بأن العديد من الأكاديميين يحصلون أيضاً على بدل سكن ومزايا سخية أخرى.

جمع الاستبيان بيانات كافية لإظهار مايتم الشكوى منه منذ فترة طويلة ولكن من دون التحقق منه طوال هذه الفترة- وهو أن الأساتذة في العالم العربي بشكل عام وعلى الرغم من تعليمهم المكثف، لا يحصلون على أجور كافية للعيش في مستوى الطبقة الوسطى. وهو الأمر الذي يجعل التدريس في الجامعات الحكومية مهنة غير جذابة.

توضح النتائج أيضاً السبب في هجرة عدد كبير من الأكاديميين إلى دول تدفع أفضل، وأيضاً السبب وراء توجه الكثيرين للعمل في وظائف ثانية وثالثة، والترويج لمؤلفاتهم الجامعية، وتقديم الدروس الخصوصية وخدمات الاستشارات للشركات.

ربما يكون المسؤولون عن تعليم الجيل القادم من القادة العرب يبذلون قصارى جهدهم، وربما لا، إذ أنهم لايمتلكون دافعاً اقتصادياً قوياً للقيام بذلك.