مصطفى عمار يكتب : محمود الكردوسى

مقالات الرأي


عرفت محمود الكردوسى قبل عشر سنوات بالتمام والكمال، كان وقتها يجلس فى كافتيريا الأهرام، يضحك ويسخر من كل وأى شىء يقابله وأولهم نفسه، كان وقتها قد أبعد عن مجلة نصف الدنيا التى منحها بريقًا خاصًا بكتابته وعناوينه، وبوشاية صغيرة من أحد الشعراء العاملين بالمجلة، فى أذن الكاتبة الصحفية سناء البيسى، قررت أن تستغنى عن خدمات الكردوسى ليلتحق بإصدار آخر من إصدارات الأهرام، قبلها بعدة أعوام كانت قد توقفت أهم مجلة سينمائية عرفتها مصر «الفن السابع» وهى المجلة التى ترأس الكردوسى رئاسة تحريرها وكان يصدرها المبدع محمود حميدة، واستطاع محمود الكردوسى من خلالها تقديم نموذج ناجح وفريد فى عالم المجلات السينمائية المتخصصة، والذى دفع عشاق السينما للارتباط بها وانتظار أعدادها الجديدة على أحر من الجمر، ولكن تكاليف صدور المجلة تحول لعائق أمام استمرارها خصوصاً أن سوق الإعلانات لم يكن بالضخامة الموجود عليه حالياً، الأمر الذى دفع صاحبها ومؤسسها محمود حميدة لاتخاذ قرار بوقف صدورها، وهو الخبر الذى تحول لصدمة لدى قراء المجلة والوسط السينمائى، الذى تعرف على معنى الصحافة الفنية الحقيقية مع «الفن السابع» ولكن المجلة أكدت شيئًا واحدًا، وهو أن محمود الكردوسى واحد من أهم من أسسوا تجارب ناجحة فى الوسط الصحفى، وأن مهارته فى الكتابة وصناعة الأفكار تضعه على قائمة أهم الصحفيين التى أنجبتهم هذه المهنة، ولكننا للأسف فى بلد لا تعترف بالموهبة بدون حنجلة وقفز، وهما الشيئان اللذان لا يجيدهما الكردوسى، فكان من الطبيعى أن يظل حبيس مؤسسة بحجم الأهرام لسنوات دون أن يفكر أى من قيادتها فى الاستعانة به لإنقاذ إصدارات المؤسسة المتهالكة والمترنحة، وكيف يحدث هذا وهم يعلمون جيداً أن الجملة التى يكتبها الكردوسى، يحتاجون هم لعشرات الأعوام لصناعة جملة شبيهة لها، ومن حسن حظى أن فكر الكاتب الصحفى عادل حمودة فى أن يشرف الكردوسى على الصفحات الفنية بجريدة صوت الأمة، لأتعرف على الرجل عن قرب وأعمل معه لسنوات وأقتبس من أفكاره وحرفيته فى كتابة المقالات وصناعة الموضوعات الصحفية واختيار العناوين الخاصة بها ، وهى المنطقة التى يعتبر الكرودسى رجلها الأول بالصحافة المصرية، واستطاعت صحيفة المصرى اليوم أن تستفيد منها جيداً بوجود الكرودسى ضمن قيادتها، وبالطبع لم يتردد مجدى الجلاد عند تأسيس جريدة الوطن أن يصر على وجوده معه، لأنه يعلم جيدا أهمية وجود الكردوسى لنجاح أى تجربة، تذكرت كل هذا بعد أن قرأت جملة لمحمود الكردوسى على صفحته بالفيس بوك كتب فيها « فى مستشفى وادى النيل، نفسى أخرج من المستشفى على ربنا، بدل وجع القلب اللى مستنينى، دعواتكم وهذا ما دفعنى لأن أدعو لأستاذى الكردوسى بأن أكتب عنه، لأنه واحد ممن منحوا هذه المهنة الكثير، وتركوا بصمة واضحة على صناعة الصحف، الكردوسى يستحق مكانة أهم ألف مرة مما هو عليها الأن، ولكنه زمن القوادين والمطبلاتية الذين يتصدرون المشهد، بينما يجلس الكردوسى بمفرده فى غرفته بالمستشفى داعيا الله أن لا يخرج منها، ولكننى سأدعو الله أن يخرج منها ويواصل كتاباته حتى التى أختلف معها، لا لشىء سوى لأنه كاتب شريف فى زمن غير شريف بالمرة!

«فى مستشفى وادى النيل، نفسى أخرج من المستشفى على ربنا، بدل وجع القلب اللى مستنينى . دعواتكم .» هذه هى الجملة التى كتبها أستاذى محمود الكرودسى على صفحته الخاصة بالفيس بوك، وهو طريح الفراش، يصارع نوبات ألم جديدة اعتاد عليها خلال السنوات الأخيرة بعد عملية زراعة الكبد التى خضع لها.