نزل في رام الله يجذب الشباب الغربي

منوعات


كلمنتين دو لا سو، شابة فرنسية قررت استخدام أول بيت للشباب في رام الله بالضفة الغربية.

النزل أو بيت الشباب يعد تجربة رائدة داخل الأراضي الفلسطينية لتنشيط السياحة، مراسلنا في رام الله يلقي الضوء على هذه التجربة.

انطلقت من باب العامود في القدس واستقلت حافلة عمومية مرت بها عبر الجدار المحيط بالقدس، وبعد دقائق وجدت نفسها في هوستل إن رام الله في موقع مطل على المدينة ومشهد مكنها في ساعات الغروب من رؤية البحر المتوسط، خططت للإقامة يومين وامتد بها الأمر شهرًا.

هذه حكاية الشابة الفرنسية كلمنتين دو لا سو مع أول نزل شبابي في الضفة الغربية، وهو فندق صغير يستوعب حتى أربعين نزيلًا، معظمهم من الشباب الذين اعتادوا على الإقامة في فنادق مماثلة في معظم أنحاء العالم وخاصة الغربي منه، والمخصص لذوي الدخل المحدود من الشباب الراغب في السفر والتعرف على بلدان وثقافات جديدة.

يوحي لك المكان بأنه في كندا أو ألمانيا أو الولايات المتحدة، فالنزلاء كلهم أجانب ومنهم من يسترخي على أريكة في الشرفة المطلة على المدينة الصغيرة، يقرأ كتابا، ومنهم من يرسم في غرفة الأنشطة، وآخر يشاهد فيلما على التلفاز، وآخرون يعدون الطعام في المطبخ الصغير. فيما تشهد غرفة الاستقبال نقاشا بين شبان وشابات، تبدو لكنتهم أمريكية، حول القضية الفلسطينية.

حكاية نزل

مؤيد ومهاب العلمي، إخوان من القدس، يديران فندقا صغيرا في القدس، صمد، بعكس مثيلاته في البلدة القديمة خلال الانتفاضة الثانية وانقطاع السياحة.

سافر مؤيد إلى كندا وأقام هناك في نزل، فتبنى فكرة إقامة مشروع كهذا في رام الله، التي يؤمها الأجانب، سياحا وموظفين في منظمات غير حكومية، ومتطوعين يرغبون في مساعدة الفلسطينيين.

بحث في المدينة عن مكان مناسب، واهتدى إلى بناية يقطن معظمها أجانب يعملون في سفارات أو جامعات. واستأجر شقة كبيرة قام بتأثيثها بما يتناسب مع الفكرة. وقبل الانتهاء نشر في مواقع السياحة العالمية الخاصة بسياحة الشباب عن افتتاح النزل.

مهاب العلمي: مشروع تجاري وثقافي

مهاب الذي يدير وأخوه الأكبر مؤيد، نزل رام الله، يقول إن أربعة ملايين سائح يزورون إسرائيل سنويا، قسم كبير منهم يزورون الضفة الغربية، ويمضون النهار ثم يعودون للنوم في إسرائيل، إلا المقتدرين منهم يبيتون في فنادق مرتفعة السعر.

فكان دافعنا هو جذب الشباب الراغبين في التعرف على الفلسطينيين، قضية وثقافة للإقامة في الضفة الغربية، بأسعار في متناولهم، والتعرف على كل نواحي الحياة الفلسطينية .

سبق ذلك بالطبع تعريف على المواقع الإلكترونية بالمكان وما يوفره للطلبة والمتطوعين والجوالين. أنه يخاطب العقلية الغربية، فالنزل يوفر الإقامة، ثم ينطلق السائح للتعرف وحده على المنطقة. نحن لا نقوم بأي دعاية، فقد نرد على استفسارات المقيمين بعد أن يتجولوا في الضفة الغربية والقدس الشرقية ويلتقون الناس ويعبرون الحواجز العسكرية.. .

خدمات بسيطة لكنها كافية

يوفر النزل، المبيت والإفطار البسيط ( مربى، خبز، زبدة، شاي وأحيانا حمص..)، وخدمة إنترنت مجانية، وصالونات استراحة مزودة بتليفزيون وفيديو، كل ذلك بما يوازي عشرة يورو في الليلة، إلا لمن يربد غرفة خاصة فالسعر يرتفع إلى ما بين خمسة وعشرين وأربعين يورو.

ويتيح النزل للمقيمين إعداد الطعام الذي يرغبون فيه في المطبخ المزود بكل ما يحتاجونه من أدوات، كما يقترح جدول أنشطة يومية مثل تنظيم مسار مشي في المدينة للتعرف عليها وعلى ثقافتها، ورحلات في حافلات خاصة إلى القرى والمدن الأخرى في الضفة الغربية.

وينظم ليلة فلسطينية يتعلم خلالها المقيمون فنون الطبخ الفلسطينية والتطريز وغيرها، وفي ليلة الفيلم، يعرض فيلم من إنتاج فلسطيني يتناول نمط الحياة، وخلال الربيع والصيف ينظم يوم للمشي (hiking) أسبوعيا إلى مدينة أريحا في مسار معروف دوليا يمر بأديرة تاريخية وصولا إلى أقدم مدينة في التاريخ.

عن سر الجذب في النزل تقول كلمنتين دو لا سو الفرنسية: إنه مكان اليف وحميمي، عائلة صغيرة أقضي معها وقتا رائعا وبخدمات ممتازة وبسعر رخيص جدا. لقد تغيرت نظرتي للفلسطينيين وبت أؤيد استقلالهم إلى جانب دولة إسرائيل.. .

اما رومينجه دول الألماني ابن السابعة والأربعين فيقول: إنه المكان الأمثل الذي أكتب فيه كتابا عن التحولات الاجتماعية في الشرق الأوسط، أجواء مريحة وأليفة، ومدينة صديقة ووفرة في الخضار والفواكه التي أكثر منها، ومعرفة متعمقة بمادة اهتمامي وهو التحول الاجتماعي... .

وبالمناسبة فإن الألمان هم الأكثر ارتيادا للنزل، يليهم الدنماركيون ثم بقية الأوربيين والأمريكيين.

ولا غرابة أن العديد من النزلاء يعودون بعد أن يغادروا الضفة الغربية لأشهر، يعودون للإقامة في النزل لفترات أطول، بعضهم ممن أعجبته الإقامة، يبحث عن عمل في الجامعات المحلية أو منظمات حقوقية أو تمويلية أو في منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الأوربية والأمريكية التي تقدم مساعدات للشعب الفلسطيني.