ننشر التفاصيل الكاملة للمرافعة الختامية في قضية محاكمة القرن

أخبار مصر


واصلت محكمة جنايات القاهرة جلساتها لنظر قضية محاكمة القرن المتهم فيها كل من الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك و نجليه جمال و علاء و رجل الاعمال الهارب حسين سالم و حبيب العادلي و6 من مساعديه السابقين في قضية قتل المتظاهرين السلميين و الاضرار بالمال العام من خلال تربيح الغير والتربيح للنفس ..

عقدت الجلسة برئاسة المستشار محمود الرشيدي بعضوية المستشارين اسماعيل عوض و وجدي عبد المنعم رئيسي المحكمة بحضور و امانة سر محمد السنوسي و صبحي عبد الحميد .

بدأت الجلسة في تمام الساعة 10 صباحا وتم اثبات حضور جميع المتهمين.

حيث تبين ان مبارك وصلت طائرته لمقر الاكاديمية تمام الساعة 8,30 صباحا ,بينما حضر جمال و علاء مبارك و حبيب العادلي في سيارة الشرطة المصفحة تمام الساعة 7,30 صباحا .

و حضر في تمام الساعة 8 صباحا باقي المتهمين من مساعدي العادلي السابقين .

وكان جمال مبارك اول المتهمين الذين دخلوا قفص الاتهام و طلب من احد اعضاء مكتب فريد الديب المحامي التحدث معه بعد رفع الجلسة .. و ظهرت حالة من التعب على مبارك الذي انتابته حالة من السعال والرشح تشير الى اصابته بالزكام والبرد الشديد .. وظل لفترات طويلة خلال الجلسة ممسكا بمجموعة من المناديل الورقية في يده يضعها من حين و اخر على انفه و فمه .. الا انه خلال طوال جلسة المرافعة ظل متمعناً و مستمعا جيدا لما يدور بالجلسة .. مما دفع انصاره للصياح داخل القاعة قائلين سلامتك ياريس .. الف سلامة عليك .. أحنا فداك ياريس

و كعادته ظل جمال مبارك يدون ملاحظاته .. بينما تجول علاء في قفص الاتهام الزجاجي لاكثر من مرة .

و استكمل عصام البطاوي مرافعته امام المحكمة عن اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الاسبق الذي صمم على طلباته المبداه بالجلسة الماضية و ببراءة المتهم من كافة التهم المسندة اليه استنادا الى ان النيابة العامة ركنت في إتهامها لوزير الداخلية وقيادات الشرطة إلي عدة أمور..الاول إعتبرت إجتماعات الوزير مع مساعديه يومي 24 و 27 يناير لمتابعة المظاهرات وأسلوب التعامل مع المتظاهرين ( إعتبرته إتفاقاً علي جريمة ) ..و الثاني إتخذت النيابة العامة من هذه الإجتماعات قرينة علي تحريض وزير الداخلية ومساعديه للضباط والأفراد ي قتل المتظاهرين ..والثالث إتخذت النيابة العامة من تسليح القوات وإمدادها بالمعدات ووسائل عملها قرينة علي الإشتراك بالمساعدة من قبل وزير الداخلية ومساعديه .. وبطبيعة الحال فإن التأصيل القانوني لهذه التصرفات وتلك الأفعال يقتضي إنزال القواعد القانونية المتعلقة بالمساهمة التبعية عليها للوقوف علي مدي إعتبارها إشتراكاً في جرائم من عدمه .

وقال البطاوي ان تعريف المساهمة الجنائية بصفة عامة يقصد بها تعدد الجناة الذين إرتكبوا الجريمة أو الجرائم ،وهي بهذا المعني تفترض أن الجريمة الواقعة لم تكن وليدة نشاط شخص واحد ، أو ثمرة لإرادته وحده ، وإنما ساهم في إبرازها إلي حيز الوجود عدة أشخاص كان لكل منهم دوراً يؤديه .. وعلي ذلك فإن المساهمة الجنائية تفترض إتحاد إرادات عدة أشخاص لتحقيق النتيجة الإجرامية ، هذا التأصيل القانوني المبدئي ، لا يتفق مع حال المتهمين لأنه لم تتحد إرادتهم علي إرتكاب جرائم ولكن إتحدت إرادتهم علي أداء الواجب القانوني..ومن ثم المساهمة من حيث شكلها تتحقق في أفعال المتهمين (إجتماع الوزير ومساعديه) ولكنها لم تتحقق في معناها ومغزاها القانوني ، كذلك فإن المساهمة التبعية (الإشتراك) يحتاج إلي تأصيل وتطبيق .

و اضاف ان التأصيل القانوني للإتفاق كوسيلة من وسائل الإشتراك في الجريمة لا ينسجم لا يتفق مع أفعال المتهمين .. لأن إجتماع الوزير مع مساعديه يومي 24 ، 27 يناير لم يكن القصد منه الإتفاق علي إرتكاب جرائم ولم تتلاق الإرادات ولم تتحد علي ذلك .. بل تلاقت وإتحدت علي هدف واحد هو تأمين المظاهرات والتعامل معها وفقاً حتي ولو إستخدمت القوة يكون ذلك وفقاً للقانون وبالتدريج ، وبالتالي فإن الإتفاق كوسيلة من وسائل الإشتراك في الجريمة يختلف عن الإتفاق علي عمل قانوني وإن تمخض عن الأخير ما يمكن أن يسمي جرائم غير عمدية ، أو تجاوز حدود الدفاع الشرعي ، أو حتي يمكن أن يسفر عن إباحة الفعل.. فشتان الفارق فالعمل الأول إجرامي ، والثاني يعامل في نطاق حدوده وفقاً لإستنتاج القاضي وما يتوافر لديه من أدلة تعزز وتعضد وجهة نظر سلطة الإتهام أو تميل مع رؤية الدفاع.

وان محاولة جعل الإجتماع لمجرد الإتفاق علي الإعتداء علي المتظاهرين بالقوة والعنف وإطلاق الأعيرة النارية فهو تعسف في الإستنتاج ، ومحولة تجزئة الإجتماع وإنتزاع جزء من سباقه وإدخاله في دائرة التأثيم والتجريم.. لأن الإجتماع تطرق إلي الإستعدادات وعدد القوات والوسائل التي تستخدمها ومن يصدر الأمر ، والجهات المشاركة في المظاهرات ، وأعدادها المحتملة والشعارات التي ترفعها ، والشغب الذي يمكن أن يصدر من البعض ، وطريقة التعامل مع المظاهرات ، من ضبط النفس ، وعدم الإنسياق وراء من يحرضون علي المواجهة مع الشرطة ، وعدم إستخدام العنف إلا في حالة حدوث شغب ووفقاً للضوابط القانونية .



واشار دفاع العادلي الى إن إجتماع الوزير من مساعديه من صميم عمل الشركة ، ولا يمكن أبداً القول بأن إجتماع وزير الداخلية يومي 24 و 27 يناير 2011 مع مساعديه لمناقشة خطط تأمين المظاهرات أو حتى كيفية التعامل معها ( إنه إتفاقاً علي إرتكاب جرائم ) وإلا فكل إجتماع يعني الإتفاق علي جريمة وهذا ما يأباه المنطق والعقل ولا يستقيم مع الواقع ( ورغم وحدة الموضوع المطروح للمناقشة والبحث ) خاصة أنه في وقت هذه الإجتماعات لم يكن معلوماً لهذه القيادات حجم المظاهرات وأعدادها وما يمكن أن يترتب علي ذلك.. فكان الحديث ومحور الإجتماع في نطاق المظاهرات العادية والمعتادة وإن زادت قليلاً عن سابقتها ، وبالتالي لم يخرج الإجتماع عن التأكيد علي تطبيق الأساليب السابقة لمواجهة المظاهرات..وانه لا يمكن أن يستنتج الإشتراك سواء (بالتحريض أو المساعدة) من مجرد صدور تعليمات أو وضع خطط للتأمين وحتي التسليح ..مؤكدا على ان النيابة العامة ركزت او استقطعت عدد من شهود الاثبات لادانة المتهمين في حين ان اقوال هؤلاء الشهود دليل براءة المتهمين .



واوضح إن ما دار في هذه الإجتماعات يومي 24 ، 27 يناير ينصب في مصلحة المتهمين خاصة أنهم موظفون عموميون منوط بهم إنفاذ القوانين والمحافظة علي النظام العام والأمن ،ومن ثم فهم ليسوا بجماعة أو عصابة إجتمعت للتخطيط لإرتكاب جرائم ، فمفردات بيتوا النية وعقدوا العزم، من الصعب يجوز إستخدامها في هذه القضية ، لأن هذه المفردات وهذه الكلمات تقال في التحقيقات التي يكون المتهمون فيها عصابات إجرامية خططوا لإرتكاب جريمة أو جرائم ووجهوا فكرهم إلي غريم أو غرماء لهم معرفين ومحددين ..موضحا بانه وفقاً للتفكير العقلي الذي يقبله المنطق ، فإذا إذا كانت هناك نية مبيته علي الإعتداء علي المتظاهرين وقتلهم لترويع الباقين فإن الأولي بتنفيذ هذه الخطة علي الداعين للمظاهرات وبالتدقيق ومراجعة أسماء الشهداء والقتلي والمصابين لم نجد من بينهم إسماً معروفاً في جماعة الإخوان المسلمين ، أو حركة كفاية ، أو حركة 6 إبريل ، أو الجمعة الوطنية للتغيير.



و تحدث عصام البطاوي عن ما حدث من سرقة سيارات و مدرعات ملك الشرطة المصرية و كيفية تهريبها لقطاع غزة لفسلطين لتصل لاعضاء حركة حماس بواسطة بعض الاعراب المجرمين وفقا لاقوال شهود الاثبات من وزارة الخارجية ..و ان هناك احتمال كبير ان تكون تلك المدرعات و سيارات الشرطة من قامت بدهس المتظاهرين في ميدان التحرير خلال الهروب بها ..كما اشار الي وقائع سرقة الاسلحة النارية و الذخائر من اقسام الشرطة من خلال تهريب المتهمين المحجوزين وسرقة دفاتر الاقسام ..و ان تلك الايدي الخفية التي نعلم هويتها جميعنا التابعة للحرس الثوري الايراني و حزب الله و حماس اللاتي ارتكبن تلك الجرائم هي من قامت باطلاق الاعيرة النارية على المتظاهرين من خلال استخدام اسلحة الشرطة للايقاع بين المتظاهرين و رجال الشرطة ابناء الشعب و الوطن الواحد مصر ..و ان القصد الوحيد لدى هؤلاء المعتدين القتل و الاصابة من خلال احداث الفوضى في الشارع المصري و ذلك بمساعدة جماعة الاخوان المسلمين ..ولا يوجد اي دليل واحد في الاوراق يؤكد على ان المصابين في تلك القضية هم من المتظاهرين السلميين و ينطبق ذلك على القتلى ايضا .



و ضرب البطاوي مثالا عندما اكد بان المقدم هاني الشافعي رئيس مباحث برج العرب ببورسعيد حرر محضرا يوم 28 يناير 2011 تمام الساعة 11,45 مساءا ضد القيادي الاخواني اكرم الشاعر لقيامه بالتحريض على اقتحام اقسام الشرطة و سرقة ما بداخلها من اسلحة و ذخائر و تهريب المتهمين ..و عندما تم ارسال البلاغ للنيابة العامة للتحقيق فيه تم حفظه ..واشار الى ان هناك بلاغات اخرى عديدة محررة من ضباط الشرطة ضد قيادات و اعضاء جماعة الاخوان حول اتهامهم بالتحريض على اقتحام اقسام الشرطة و كان مصيرها ايضا الحفظ لعدم معرفة الفاعل ..ووجه دفاع اللواء حبيب العادلي اتهاما مباشر لاعضاء جماعة الاخوان و انصارها حول ارتكابهم كافة جرائم القتل و اقتحام اقسام الشرطة و سرقة الاسلحة و الذخيرة خلال احداث ثورة 25 يناير .



و اشار دفاع العادلي فر مرافعته بان التجهيزات التي تمت في ميدان التحرير خلال احداث ثورة 25 يناير 2011 و خاصة إبتداء من يوم 28 يناير من الحشد وشحذ الهمم وإعداد الخيام وتجهيز مستشفي ميداني والسيطرة علي جميع مداخل ميدان التحرير وتشكيل مليشيات للسيطرة علي ميدان التحرير بالكامل وإشاعة الرعب والهلع في قلوب من يفكرون في مغادرة الميدان .. كل ذلك كشف عن خطة حسن نصر الله التي يستخدمها في لبنان عندما تخرج مظاهرة مليونية وتعتصم في الميادين ، نفس التخطيط ونفس التنظيم إعداد المؤن والخدمات والإسعافات والتسليح والتمويل نفذ في ميدان التحرير.. كذلك تجهيز إذاعة داخلية ومسرح وشاشة عرض كبيرة تبث ما تنقله قناة الجيزة فقط التي كانت تذيع معظم الأخبار الكاذبة لإحداث فتنه بيت الشعب المصري ، ولتصور للعالم أن الشعب بأسره إنقلب علي النظام .



وطلب عصام البطاوي من هيئة المحكمة الاستعانة بلجنة خبراء دولية لتحديد المسئوليات لكل متهم وهو لا يعد تدخلا في الشئون الداخلية للبلاد ..وذلك لأن التدخل في الشئون الداخلية لمصر يكون من جهات أجنبية لتحقيق مصالح خاصة بها..كما أن إستدعاء هؤلاء الخبراء الأكفاء يكون عن طريق القضاء المصري وليس فرضاً عليه.. واللجنة المطلوبة ليست لجنة تقصي حقائق بل هي لجنة من خبراء في تخصصات مختلفة تدرس الأحداث برمتها وتقدم رؤيتها للمحكمة مشفوعة برأيها المدعم بالحجج العلمية والقانونية والأمنية.. خاصة أن مسرح الأحداث الذي تمخض عنه جرائم عديدة إكتنفه الغموض الشديد وأحاط به تعقيدات كثيرة .





و اكد دفاع العادلي ان الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك خلال احداث ثورة 25 يناير قد امر بالحفاظ علي الأمن بجانب القوات المسلحة .. كلمات رئيس الجمهورية السابق كانت قليلة وواضحة ومحددة ولم تكن أبداً أمراً بإستخدام القوة ضد المتظاهرين..لأن ذلك لن يحقق الأمن كما يريد بل يؤدي إلي الصدام والإنفلات..كما إن القوات المسلحة إقتصر دورها يوم 28 يناير مساءً علي مجرد التواجد في بعض الأماكن الهامة (ميدان التحرير والإذاعة والتلفزيون) ولم تتفاعل أبداً مع الأحداث ..فلم تستطيع منع إقتحامات الأقسام وحرقها ولم تستطيع منع المتظاهرين من حرق سيارات الشرطة في الشوارع .. بل إن القوات المسلحة لم تسلم من الإعتداءات فقد تم الهجوم علي بعض مدرعاتها وحرقها.



وإن القوات المسلحة كانت تدرك حجم الأخطار التي يمكن ان تترتب علي مجرد الإشتباك مع المتظاهرين (حتي الخارجين منهم علي القانون) ، فالتزمت الحياد ، وأعلنت إنحيازها للثورة ، فظل الدور علي الشرطة كما هو..و بالتالي نحن نستخلص من وقائع تلك القضية ووقائع التعدي على رجال الشرطة بانه هم الامناء المجني عليهم و المعتدين هم الخونة.

إن هجوم المتظاهرين علي قوات الشرطة في كل مكان في الشوارع ، في الميادين ، في الأقسام ، في المديريات حتي في منازلهم أدي إلي إنسحاب أفراد الشرطة من مواقعهم تلقائياً وبدون أوامر من قياداتهم وتجمعوا إما في مديريات الأمن أو في المعسكرات أو في أقسام الشرطة.. بل إن مطاردة المتظاهرين لرجال الشرطة أجبرهم علي خلع ملابسهم العسكرية خشية (لن نقول الإعتداء عليهم) بل قتلهم والتمثيل بهم ..بالاضافة الى الشحن الإعلامي الرهيب ضد رجال الشرطة أجج مشاعر الناس في كل مكان ضدهم فكان البحث والمطاردة لهم أينما كانوا ..كما ان إنسحاب قوات الأمن المركزي من ميدان التحرير وبعض الميادين كان تجنباً لعدم سقوط عدد أكبر من القتلي والمصابين وتنفيذاً لرغبة الجيش بعدم بقاء قوات الشرطة في الميدان والأماكن المحيطة به .

و اكد عصام البطاوي في مرافعته إن وزير الداخلية طلب من مساعده للأمن المركزي اللواء احمد رمزي تجميع القوات التي إنسحبت وعدم السماح لها بالتفرق أو الإنتشار في الشوارع خشية علي حياتهم .. وعلي ذلك فإن وزير الداخلية الأسبق لم يعطل أمر رئيس الجمهورية بحفظ الأمن ، ولكن الذي حال دون تحقيق ذلك الهجوم الشرس علي رجال الشرطة في كل مكان.