خبراء لـ"الفجر" : العلاقات المقطوعة بين تركيا وإسرائيل مجرد مسرحية

العدو الصهيوني



ذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن تركيا خفضت مبلغ التعويضات الذي تطالب إسرائيل بدفعه لعائلات تسعة قتلى من نشطاء أسطول الحرية التركي لكسر الحصار عن غزة في العام 2010 وأن اتفاق المصالحة بين الجانبين أصبح قريبا.


ونقل الموقع عن موظف إسرائيلي رفيع قوله إن الحكومة التركية تساهلت فى موقفها بشأن حجم التعويضات لعائلات القتلى وعرضت أمام وفد إسرائيلي زار أنقرة مبلغاً أقل من ذلك الذي كانت تطالب به في الماضي وأنه يتعين الآن على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يقرر ما إذا كان سيوافق على الاقتراح التركي الجديد أم لا, على الرغم من حدوث تقدم في المفاوضات خلال لقاء في أنقرة قبل أسبوعين بين وفد إسرائيلي برئاسة مستشار نتنياهو لشؤون الأمن القومي يوسي كوهين وبمشاركة مبعوث نتنياهو الخاص للمحادثات مع تركيا يوسف تشيخانوفير والمدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية نيسيم بن شيطريت وبين مسئولين أتراك.


ولفت الموقع إلى أن مشاركة بن شيطريت هي مؤشر على أن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان مطلع على هذه المحادثات بعد أن عارضها بشدة خلال السنوات الأخيرة.

كما أثار التصريح الأخير للرئيس التركى عبدالله غول لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية الذى تطرق فيه إلى أن المحادثات مع إسرائيل تتقدم بطريقة إيجابية ومن الممكن القول أنها تسير بمسارها الصحيح من أجل العودة الى العلاقات الطبيعية بين البلدين إلى التساؤل عن طبيعة سير تلك العلاقات فى المستقبل.

ومن جانبه أكد دكتور منصور عبدالوهاب,المحلل السياسي المتخصص فى الصراع العربي الإسرائيلي, أن العلاقات العسكرية والأمنية بين إسرائيل وتركيا لم تنقطع على الإطلاق و مظاهر التوتر فى العلاقات بين البلدين لم تخرج عن خلاف العشاق فهناك مصالح مشتركة تربط بين البلدين و جميع التطورات فى الأحداث المشتركة بينهما كحادثة السفينة مرمرة التى كانت ضمن أسطول الحرية لفك الحصار على قطاع غزة والمواقف المتضادة بينهما فى تقييم ثورة 30 يونيو الناتج عنها عزل محمد مرسي ما هو إلا لشغل الرأى العام الداخلي.

وأضاف عبدالوهاب لـ الفجر قائلا : تركيا تعتبر علاقتها مع إسرائيل بوابة لدخول الإتحاد الأوروبي بدعم خاص من الولايات المتحدة الأمريكية وعن المناورات المشتركة بين البلدين فإنها لم تتوقف كما يظن البعض فإسرائيل تشارك فى مناورات حلف شمال الأطلسي الناتو وتركيا بطبيعة الحال عضو فى الحلف ذاته ولكن التصريحات المتعاقبة لرئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان ما هي إلا للعب على وتر أن تركيا هي من تحمل لواء الإسلام فى المنطقة , مشيرا إلى أن التبادل السياحي بين البلدين مستمر.

وفى السياق عقب دكتور خالد سعيد,الباحث بمركز الدراسات الإسرائيلية, على تصريحات الرئيس التركي عبدالله غول التى تفيد بأن العلاقات بين تركيا وإسرائيل فى طريقها للتحسن قائلا : غول يمهد الطريق أمام الإعلام بشأن العلاقات التى تعود رويدا رويدا ولكن فمن الممكن أن تعود العلاقات بشكلها الطبيعي والعلني بعد عام أو عامين على الأكثر كما أن ذلك التصريح يفيد بأن تركيا تريد استعادة دورها فى منطقة الشرق الأوسط بعد ثورة 30 يونيو .

وأضاف سعيد لـ الفجر قائلا : الخلاف الحقيقي بين تركيا وإسرائيل يكمن فى سرقة الثانية للغاز الطبيعي من البحر الأبيض المتوسط مما أدى إلى تصاعد حدة التوتر بين الطرفين حيث أن وزيرة خارجية قبرص ايراتو كوزاكو ماركوليس صرحت من قبل لإذاعة الجيش الإسرائيلي جالي تساهال بأن تركيا أجرت العديد من التدريبات العسكرية التى وصفتها بالاستفزازية في شرق البحر المتوسط مؤكدة أن استعراض القوة كان محاولة لتهديد قبرص وإسرائيل وأثناء الشركات الأجنبية عن التعاون معهما في التنقيب عن الغاز وانتاجه خاصة وأن إسرائيل وحليفتها قبرص اتفقتا على الحقوق البحرية في مياههما المتجاورة وتنازع تركيا التي تسيطر على شمال قبرص في حدودها البحرية مع كل من قبرص ولبنان .

وفى المقابل رأى دكتور جمال الشاذلى,مدير مركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة, أن العلاقات التركية الإسرائيلية إستراتيجية من الطراز الأول ويوجد علاقات دبلوماسية بين البلدين حيث أن هناك تمثيل دبلوماسي لكلا البلدين .

وأضاف الشاذلي قائلا : فى مارس 2013 أعلنت كلا من إسرائيل وتركيا عودة العلاقات بينهما بعدما قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتذارا إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان عن مقتل تسعة أتراك في هجوم إسرائيلي على مجموعة سفن كانت تنقل مساعدات إلى قطاع غزة الفلسطيني في مايو 2010 كما ذكر بيان صادر من مكتب نتنياهو إن الاثنين اتفقا على إعادة التطبيع بين البلدين، وهذا يشمل إعادة السفراء، وإلغاء الإجراءات القانونية ضد جنود الجيش الإسرائيلي واعتذر نتنياهو إلى الشعب التركي عن أي خطأ قد يكون أدى إلى خسارة أرواح واتفقا على استكمال الاتفاق بتعويضات وقبلت الحكومة التركية الاعتذار مؤكدة على أهمية الصداقة بين الشعبين اليهودي والتركي .

واتفق دكتور منير كامل,أستاذ الدراسات العبرية بجامعة القاهرة, مع الشاذلي بشأن التمثيل الدبلوماسي حيث قال لـ الفجر أن العلاقات لم تنقطع قط وبالنسبة للصراع بين الجانبين التركي والإسرائيلي بشأن الغاز الموجود بالبحر الأبيض المتوسط فإن هناك تحسن فى العلاقات قادم بلا محالة بهذا الشأن ولكن بدون تدخل من أى طرف ثالث لحل النزاع مشيرا فى حديثه إلى قبرص .

علاقات اقتصادية مزدهرة

وقع البلدان اتفاقية مشتركة للتجارة الحرة بينهما فى يناير 2000 وأطلق عليها اتفاقية التجارة الحرة التركية الإسرائيلية والذى ميز تلك الاتفاقية لأنها الأولى من نوعها التى توقعها إسرائيل مع دولة ذات أغلبية مسلمة.

وتبلغ الصادرات الإسرائيلية السنوية إلى تركيا 1.5 مليار دولار والواردات منها مليار دولار وكانت قد وضعت خططًا أولية لتوسيع التبادل التجاري ليشمل بناء خط لنقل المياه العذبة من تركيا إلى إسرائيل بالإضافة إلى الكهرباء والغاز.

كما يوجد اتفاق آخر للتعاون في مجال السياحة بين الدولتين أبرم عام 1992 حيث أن إسرائيل أعلنت أن تركيا أصبحت البلد المفضل للسائحين الإسرائيليين.

علاقات دبلوماسية متطورة

تعد زيارة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز لأنقرة فى نوفمبر 2007 هى الأبرز فى تاريخ الزيارات التركية – الإسرائيلية حيث عقد مباحثات مع الرئيس التركى عبدالله غول وكانت تلك هى المرة الأولى فى التاريخ التى يُدعى فيها رئيس إسرائيلي لإلقاء خطاب أمام برلمان لدولة أكثرية سكانها الساحقة من المسلمين.

وفى زيارة هامة أخرى وقع وزير الدفاع الإسرائيلي السابق إيهود باراك آخر اتفاق بين البلدين عام 2010 وحاولت الجهات الرسمية التركية نفي الخبر إلا أن الصحافة الإسرائيلية قد أكدت التوقيع ويقضي هذا الاتفاق بحصول تركيا على عدة أنظمة متطوِرة في مجال الطيران وتبلغ قيمة العقد 141 مليون دولار أمريكي.

وعن صعيد التمثيل الدبلوماسي فإن لإسرائيل بعثة دبلوماسية لا بأس بها وزعت ما بين السفارة الموجودة في العاصمة أنقرة وقنصلية عامة موجودة في اسطنبول وهي مسئولة عن تقديم الخدمات القنصلية في مناطق بحر مرمرة ومناطق بحر إيجه والساحل الشرقي والغربي المطل على البحر الأسود.

علاقات عسكرية لا مثيل لها

تفيد التقارير الإستراتيجية إلى أن مشاريع التعاون العسكري بين إسرائيل وتركيا قد ساهمت في تغيير موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط وعلى الرغم من الأولوية التي كانت تعطيها تركيا للتعاقد مع إسرائيل لم يكن تنفيذ هذه العقود متوافقا مع المواصفات التي حددتها عقود الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين بالإضافة إلى الشكاوى التركية حول الأسعار المقدمة من الجانب الإسرائيلي.

ومن المشاريع المشتركة بين الجانبين التركى والإسرائيلي تحديث أسطول طائرات الفانتوم F4وF-5 بتكلفة تقارب 900 مليون دولار و تحديث 170 دبابة من طراز M60AI بتكلفة 500 مليون دولار ومشروع صواريخ Popey-I وPopey-II للدفاع الجوي بتكلفة 150 مليون دولار ومشروع صواريخ دليلة والذي يبلغ مداه 400 كلم.

كما وافقت تركيا على بيع صواريخ من النوع AROW المدرجة تحت أنظمة الدفاع الجوي بالإضافة إلى أن البلدين قاما بالتوقيع على اتفاق للتعاون في مجال تدريب الطيارين حيث يجري التبادل ثماني مرات في السنة ويتم فتح هذا الاتفاق المجال للطيارين الإسرائيليين للتدريب على الطيران لمسافات طويلة فوق البر التركي كما يفتح أمامهم المجال لإجراء رمايات بالذخيرة الحيّة في حقل رماية قونية كما يفتح الاتفاق للطيارين الأتراك للتدرب في إسرائيل واستعمال أحدث التقنيات الأمريكية والإسرائيلية و يعقب كل هذا مشاركة قوات المارينز الإسرائيلية في عدة مناورات وتمارين بحرية تنظمها تركيا تحت مظلة القوات الأمريكية.

الولايات المتحدة وسيط من الصعب خسارته

وأكد أليكس فيشمان,محلل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى في حل المشاكل العالقة بين أنقرة وتل أبيب سهلة للحل وذلك على خلفية العلاقات الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية بين الدولتين كما كانت في الماضي القريب جدا علاوة على أن المصلحة الاقتصادية للدولتين دفعتهما للحفاظ على العلاقات الاقتصادية بينهما وتطويرها كما أن التهديدات المشتركة المتعلقة بسورية وإيران تؤدي إلى تساوق النظرة بين الطرفين بدون وسيط.

كما كشف فيشمان عن عزم إسرائيل الطلب من تركيا السماح لسلاح الطيران الخاص بها بالتحليق في الأجواء التركية وفي المقابل تحصل تركيا من إسرائيل على وسائل قتالية حديثة ليس سوى عنصر واضح في الاتفاقات الأمنية المختلفة بين البلدين.

تركيا تغازل إسرائيل من أجل التطبيع الكامل

وصفت صحيفة معاريف الإسرائيلية تصريحات بولاند أرينتش,نائب رئيس الوزراء التركي, رجب طيب أردوغان بأن تركيا تسعى لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل بشكل كامل مؤكداً على رفضه التقديرات المتشائمة بشأن النوايا التركية الحقيقية على أنها رغبة تركية صريحة فى عودة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب إلى سابق عهدها مشيرة إلى أن دبلوماسيين أتراك توقعوا حل الأزمة بين البلدين.

الغاز الطبيعي كلمة السر فى العلاقات التركية الإسرائيلية

ذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن تركيا تعتزم إبرام غاز طبيعى مع إسرائيل تقدر بـ 10 مليارات دولار حيث أن الاتفاق سيكون بين شركة لفنتى الإسرائيلية وشركة توركيش بيترول التركية لتصدير الغاز الإسرائيلى إلى أنقرة.

وأشار الموقع إلى أن الحكومة التركية لم تبد أى رفض للصفقة حتى بعد علم رئيس الوزراء التركي رجب الطيب أردوغان الذى التزم الصمت تجاه الصفقة، مضيفاً أن طول أنابيب الغاز الموصلة من مدينة أشكلون إلى ميناء شيهان الواقع بجنوب تركيا يبلغ 470 كيلو متر.