عادل حمودة يكتب: ثلاثة رجال فى عاصفة الانتخابات الرئاسية!

مقالات الرأي



«حروب المجتمعات» إسرائيل تشنها.. وقطر تمولها.. ومصر تنفذها على نفسها بنفسها!


عبد الفتاح السيسى :


■ استفتاء سرى لجهات غربية فى العالم العربى يؤكد أن شعبيته ليست محل شك مما وضع حياته فى خطر!

■ إسرائيل والولايات المتحدة: إحياؤه المشروع الناصرى يعنى استقلال مصر اقتصاديا وتجميع كتلة عدم الانحياز من جديد وإعادة روسيا للمنطقة.. وهو ما لا يمكن السكوت عليه!

■ تأخر ترشحه حتى يرتب أوضاع القوات المسلحة ويضمن تنفيذ صفقة الأسلحة الروسية بجانب توفير الموارد المالية اللازمة لضروريات الحياة خلال الشهور الثلاثة القادمة!


حمدين صباحى :

■ الناصريون تخلوا عنه.. والإخوان يتهمونه بالانتهازية السياسية.. والقوى المدنية قلوبها معه وأصواتها لغيره!

■ وصف بـ«الُمحَلل».. فخوضه المعركة الرئاسية يجعلها ديمقراطية.. وتنازله عنها يجعلها استفتاء!

■ خروجه من السباق يفقده الكثير ويضعه فى الظل.. وخسارته الانتخابات تحقق له مكاسب يحلم بها!


سامى عنان :

■ واشنطن وضعت عينيها عليه قبل 30 يونيو حين شعرت بنهاية مرسى.. وتعليمات منذ أسبوعين لقواعد الإخوان بالتصويت له لو ترشح!

■ صعوده غير المتوقع لرئاسة الأركان أغراه بالبحث عن منصب أعلى: وزير دفاع أو رئيس جمهورية!

■ بعد تولى السيسى الوزارة استدعاه ضمن المجلس القديم لحمايته من التشهير ببلاغات تقدم ضده.. وربما دفعته للانسحاب حرصا على سمعته!


لا يقدر على فرز الطيب من الخبيث فى «الثرثرة» الطافية على سطح الحياة السياسية فى مصر إلا نبى.. أو بهلوان.

لكنى.. للأسف.. لا أملك الموهبتين.

كل ما أملكه.. عادة سيئة زادت سوءاً بمرور الأيام.. عادة قول الحقيقة.. تلك العادة التى يصفها مؤرخو «عصور الظلام» بالفضيلة الرذيلة.. فمات بعضهم كمدا قبل أن يموت حرقا.

والحقيقة الغائبة عما نراه طافيا من جثث كلامية محنطة.. أن تحت الجلد شعبا تجاوز فى حركته الواعية غير المتوقعة غالبية السياسيين والحزبيين والمدعين والمنافقين والمتحولين.. وأخذ قراره بنفسه.. وطرد نظامى حكم أحدهما فرض الديكتاتورية والآخر فرض الفاشية فى ساعات قليلة.. ووضع رموزهما فى السجن.

قرر الشعب بعد أن استنفد مخزون الصبر الموروث من أيوب عليه السلام أن يكون وحده صاحب السلطة المباشرة فى البلاد.. محققا «ظاهرة فريدة» لم تشهدها مجتمعات أخرى من قبل.. «ظاهرة صحية يحسده عليها الجميع». حسب تقارير استراتيجية أمريكية رفعت مؤخرا للبيت الأبيض تطالب الرئيس الساكن فيه أن يعيد النظر فى سياسته الغليظة تجاه مصر.. حرصا على مصالح بلاده فى المنطقة كلها.

إن الشعب الذى استيقظ من سبات مئات السنين لن ينام مرة أخرى.. والحاكم المقبل الذى سيختاره حسب نفس التقارير «لن يجد طريقه ممهدا مفروشا بأوراق الورد.. وإنما سيحاسبه الشعب بجدية وصرامة ويقظة وبلا هوادة إذا لم يحقق ما يعد به وأخطأ فى الخيارات الرئيسية.. لكنه.. سيغدق عليه كل حبه وعطفه وتأييده إذا استجاب لفروض النمو والاستقرار فى بلاده».

لقد أمسك الشعب بطرفى المعادلة.. وتحكم وحده فيها.. ولكن.. أغلب الناس لا يعلمون.

أما السبب.. فتلك الذاكرة الضعيفة التى يعانى منها كل من نصّب نفسه زعيماً دون جماهير.. أو شيخاً دون مريدين.. أو وصياً دون تفويض.. انظر حولك.. لتكتشف بنفسك المقصودين.

لكن.. سأضع أمامك بعض ما خفى من معلومات، ربما تضاعف من مساحة الرؤية وسط كل هذا الضباب والغيوم وعواصف الرمال.

1- سامى عنان.. ورقة يانصيب تبحث عن جائزة أخرى سهلة

من تحت جثث اليابانيين والسويسريين الذين قُتلوا برصاص الإرهاب فى حادث الأقصر يوم 19 نوفمبر 1997 خرج سامى عنان.. ليبدأ مشوار صعوده نحو القمة.

كان الرجل مسئولا عن الفرقة (15) دفاع جوى.. المسئولة عن حماية جنوب الصعيد.. وشاء القدر أن يجمع- بصفته العسكرية- معلومات سريعة مفصلة عن الحادث قدمها إلى مبارك فور هبوطه مطار الأقصر.. حدث ذلك.. وفى لحظات من «التهريج الأمنى» عجز فيها وزير الداخلية حسن الألفى عن النطق لفت عنان نظر الرئيس إليه.. واحتفظ باسمه فى ذاكرته.. تمهيداً لترشيحه إلى منصب أعلى.. بمواصفات مبارك التى لم تضع رجلا مناسبا فى مكانه المناسب.. إلا قليلاً.

لكن.. كانت هناك عقبة مهنية تقف فى طريق صعود عنان.. أنه لم يتلق دورة دراسية عليا فى كلية القادة والأركان.. فأمر مبارك بأن ينضم إلى دورة قائمة بالفعل.. دخلها فى نصفها الأخير.. ويعرف من كانوا حوله فى الامتحان كيف اجتازها؟ وكيف مر منها؟

اختير عنان لقيادة الدفاع الجوى تمهيداً لما هو أصعب.. وصوله إلى قيادة الأركان بحماس من المشير حسين طنطاوى يمكن فهم دوافعه بعد أن بقى فى منصب وزير الدفاع مستقراً بلا منافس قوى نحو عشرين سنة.

عندما عرض مبارك على طنطاوى منصب نائب الرئيس أو رئيس وزراء بعد ثورة يناير تمنى عنان أن يقبل طنطاوى عرضاً من العرضين.. وصدم برفض طنطاوى لهما.. فقد حرمه ذلك من الصعود إلى منصب وزير الدفاع.. حسب ما همس به إلى قائد المنطقة المركزية وقتها اللواء حسن الروينى الذى وعده بمكانه فى رئاسة الأركان.

إن فوزه السهل بالمناصب على طريقة ورقة اليانصيب الرابحة جعله يحلم بالمزيد دون حسابات القدرة والكفاءة.. ووصلت رغبته فى الحصول على المزيد إلى حد التفكير فى الترشح لرئاسة الجمهورية.

كانت المرة الأولى قبل انتخابات عام 2012 حين وجد من يقترح عليه خوضها فقال موافقا دون تردد: «اقنعوا اللى فوق». فى إشارة إلى حيث يقع مكتب طنطاوى.. لكن «اللى فوق» رفض.

والحقيقة.. أن طنطاوى هو الذى ترك عنان يكسب كميات من الضوء على حسابه.. فقد تعالى طنطاوى على جلسات الحوار التى دعا إليها السياسيون من مختلف التيارات.. تاركا تلك المهمة التى رآها أقل قيمة منه للرجل الثانى.. مكتفيا بمتابعة النقاش فى مكتبه عبر دائرة تليفزيونية.

وبالمناسبة.. فإن كل اجتماعات المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسجلة بالصوت والصورة وتحتفظ المخابرات الحربية بتلك التسجيلات.. وفى الوقت نفسه حصل طنطاوى وعنان على نسخة منها.. تحسبا لظروف غير متوقعة تأتى بها رياح لا تشتهيها سفينتاهما.

وقبل أن تعلن نتيجة الانتخابات الرئاسية السابقة جرى اتصال غير مفهوم من عنان إلى أحمد شفيق يهنئه بالفوز.. مضيفاً: «ما تنسناش يا أبو حميد». ولو كان هناك من دلل بهذه المكالمة على تغيير النتيجة لصالح مرسى فإن الكل دلل بها على طموح عنان للحصول على منصب.. ولو بتذكير وتدليل «أبوحميد».

وفكر عنان فى الترشح للرئاسة من جديد بعد عزل محمد مرسى فى 3 يوليو.. إن سهولة حصول عنان على المناصب جعلته يرى فى نفسه أنه أحق فى دخول قصر الاتحادية على صناديق التصويت.. أليس هو على الأقل أقدم الجنرالات؟

وكان كل التغيير الذى قام به.. صبغ شعره بلون مختلف.. وارتدى ثياباً مدنية أنيقة.. فى «نيو لوك».. متصوراً أن ذلك يكفى لننسى كيف أوقع هو ومن معه- بقلة الخبرة السياسية- البلاد بين أنياب الإخوان.. تنفيذاً لخطة أمريكية شريرة ساعدتهم- باعتراف تقارير صدرت عن البنتاجون- فى استلام الحكم.

وحسب تقديرات سياسية يمكن الثقة فيها فإن عنان كان المرشح المناسب لجهات أمريكية قادرة ومؤثرة فى تغيير المشهد.. لكن.. المفاجأة أن الاختيار وقع عليه قبل 30 يونيو بقليل عندما أصبح فى حكم المؤكد أن الإخوان قد انتهى أمرهم فى السلطة.

والمؤكد أيضا.. أن الولايات المتحدة تعرف عنان جيدا.. فقد تعددت زياراته إليها.. وآخرها الزيارة التى قام بها إلى واشنطن هو و20 ضابطا قبيل تظاهرات 25 يناير.. لحضور اجتماعات لجنة التعاون العسكرى التى رأسها من الجانب الآخر مساعد وزير الدفاع ساندى فيرشو.. وفى تلك الزيارة وعد عنان بألا تطلق قواته طلقة واحدة على المتظاهرين.

وحسب مذكرة القيادة العسكرية الأمريكية فى 29 يناير 2011 فإن الثورة التى وقعت فى مصر فاجأت البنتاجون ووكالة المخابرات المركزية.. بجانب أنهما سارعتا إلى مراجعة ملفات جنرالات الجيش المصرى الشخصية والنفسية لقياس ردود أفعالهم تجاه تطور الأحداث.

ولابد أنهما عادتا من جديد إلى تلك الملفات قبل أن تجدا فى عنان شخصاً مناسباً يمكن الرهان عليه ليصبح رئيساً.. رجلاً طموحاً.. لم يحقق إنجازاً واحداً يذكر.. بلا شعبية.. لا يمتلك كاريزما الزعماء.. وصوله إلى الحكم سيزيد من حالة الفوضى التى تصر عليها قوى خارجية وداخلية رافضة استقرار مصر وقيامها من عثرتها.

إن التعليمات التى خرجت قبل نحو ثلاثة أسابيع من التنظيم الدولى للإخوان إلى وحداته الصغيرة فى مصر كانت دعم عنان والتصويت له فى الانتخابات الرئاسية القادمة.. ودون حاجة لتلك التعليمات اتخذت أحزاب وجماعات سلفية نفس القرار.. إن السلفيين من نفس الطينة الإخوانية.. وإن طليت من الخارج بلون مختلف.. نوعاً من التقية.

لكن.. على الجانب الآخر.. سعت وساطات مدنية وعسكرية متنوعة لإقناع عنان بالتراجع.

تدخل المستشار أحمد الزند وحصل على وعد منه بعدم الترشح.. على أنه عاد وأعلن استمراره فى السباق. ثم تدخل حسن الروينى مؤخرا. وخرج عنان مؤخرا ليعلن انسحابه نهائيا.

وبين الانسحاب والبقاء.. كشف عنان عن تذبذب واضح فى الشخصية.. كانت القوى المعادية تراه ميزة يمكن الرهان عليها.. فما حاجتها لرئيس حاسم.. غير متردد.. يهدد وجودها؟

ويشهد زملائى فى مجلس تحرير «الفجر» أننى أكدت انسحاب عنان قبل أن يعلنه بيومين.. لكنى.. لم أبنِ حساباتى على وساطات.. وإنما بنيتها على معلومات.

وأولى هذه المعلومات أن عبدالفتاح السيسى فور أن تولى وزارة الدفاع استدعى كل الأعضاء السابقين للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وضمهم إلى مجلسه الجديد.. وكان الهدف هو حمايتهم من تشهير قد يصيب بعضهم جراء حمى البلاغات التى تجتاح مصر.. ولو انتهت بالحفظ.

ولأن عنان لا يزال تحت سطوة القوات المسلحة فإن عليه الحصول على إذن منها قبل الترشح للرئاسة.. وهو أمر محل شك.

لكن.. الأهم.. أن ما نشر فى الصحف خلال السنوات الثلاث الماضية عن ممتلكات وثروات وتصرفات عنان يمكن أن يكون مجالاً لبلاغات ضده.. ربما لا يحتمل الرجل نتائجها.. على الأقل.. تضعه وهو مرشح- بعيداً عن الحصانة العسكرية التى سيفقدها بخروجه مستقيلاً للحياة المدنية- فى مرمى شبهات.. إن لم تكن هناك اتهامات.

ولا بد أن عنان شعر بأن فرصة خسارة سمعته أكبر من فرصة الفوز فى الرئاسة.. لذلك.. آثر الخروج من الملعب بسلام.

2 - عبدالفتاح السيسى..من حرب المجتمعات إلى تجسيد عبدالناصر

فى كتابه «لعبة الشيطان» ينقل مؤلفه روبرت دريفوس عن شارل فريمان السفير الأمريكى الأسبق فى السعودية: «أن الشين بيت (جهاز الأمن العام الإسرائيلى) هو صاحب مشروع قيام منظمة حماس لاستخدامها فى تهذيب منظمة التحرير الفلسطينية». وربما.. القضاء عليها.

فى عام 1973 تحت عيون «الشين بيت» أسس أحمد ياسين المركز الإسلامى، وبدأ فى السيطرة على أكثر من مائة مسجد فى غزة.

وحسب ما نشر ديفيد شيلر- مراسل نيويورك تايمز فى القدس- فإن: البريجادر إيزاك سيرجيف الحاكم العسكرى الإسرائيلى لغزة كان يفخر بأن جيشه يمول مساجد الإسلاميين فى القطاع.

نجحت إسرائيل بإثارة الفتن بين الفصائل الفلسطينية فى تفتيتها.. وتقسيمها.. وإضعافها.. وراحت تقضى عليها واحدة تلو الأخرى.. لتجمّد فى الوقت نفسه من قضيتهم الوطنية.. مؤسسة لخبرة منفردة سيطلق عليها حلف شمال الأطلنطى (الناتو) فيما بعد.. «حروب المجتمعات».

و«حروب المجتمعات» تطوير راق للنظرية البريطانية العتيقة والشهيرة: «فرق تسد».. وتهدف هذه الحروب إلى تحريض الجماعات العرقية والمذهبية والإثنية والجغرافية والثقافية المختلفة على الخروج عن طاعة الدولة الموحدة مطالبة باستقلالها.. وانفصالها.. متناسية أنها عاشت فى سلام مئات السنين دون توتر أو اضطراب.

وقد انتقلت إسرائيل- بمعاونة من الناتو وبتمويل من قطر- بهذه الحروب من المستوى المحلى الفلسطينى إلى المستوى الإقليمى العربى.. فالقضية واحدة، والهدف واحد.. إضعاف المنطقة وتفتيتها والسيطرة عليها.

نجحت إسرائيل فى إقناع الولايات المتحدة بتسريح الجيش العراقى، فانقسمت البلاد هناك إلى ثلاث دويلات.. والرابعة قادمة.. وبانشغال العراق فى حروبه الأهلية لم يعد يفكر- كما كان- فى مواجهة إسرائيل.

وتكرر المشهد بتفوق فى ليبيا.. والسودان.. وسوريا.. ولينان.. واليمن.. وكاد يصيب نجاحا حاسما فى مصر.

وتستخدم حروب المجتمعات وسائل مبتكرة.. ومتنوعة.. أٌنفق عليها بسخاء ولا تلفت النظر إليها إلا بعد أن تكون قد وقعت «الفاس فى الراس» وحققت أهدافها.

منها.. عمل دراسات تأخذ الصبغة العلمية تقدم إلى جماعة بعينها.. تحرضها على التمرد.. وفى الوقت نفسه تقدم دراسات ذات صبغة علمية أيضا إلى الحكومة المركزية تحرضها على البطش بتلك الجماعة.. ليبدأ الصراع بين الطرفين.. وفى يد كل منهما ما يدعم موقفه أكاديميا.. دون أن ينتبه إلى الخديعة.. والنتيجة: عدم الاستقرار.

وهذه الوسيلة استخدمت على سبيل المثال مع الأمازيغ فى الجزائر. ومنها.. إثارة «أجندات» معينة بطريقة تثير الاستفزاز.. مثل الربط بين حرية المرأة والإباحية.. أو الربط بين العلمانية والكفر.. والنتيجة: مزيد من عدم الاستقرار.

وهذه الوسيلة استخدمت على سبيل المثال فى الأردن. ومنها.. تدبير حوادث عنف ضد أقليات دينية يقوم بها عملاء جرى تجنيدهم من الأغلبية الدينية.. من مسلمين ضد مسيحيين.. حالة لبنان.. أو من شيعة ضد سنة.. حالة العراق.. أو من سنة ضد شيعة.. حالة البحرين.. والنتيجة: الانتقال من عدم الاستقرار إلى الفوضى.

وبسيطرة إسرائيل على وسائل الإعلام الدولية نجدها قادرة على أن تنقل قضية محدودة من مستوى محلى إلى أزمة حادة على المستوى العالمى.. مثل قضية جنوب السودان التى انتهت بانفصاله.

وللأسف.. فإن ثورات الربيع العربى التى أبهرت العالم لم تجد قائداً واحداً يخرج من بين صفوفها يكون قادراً على إدارة الحراك الشعبى الهائل أو فهم تداعياته.. كانت هذه الثورات مذهلة.. لكنها.. بما تعرضت إليه من صدمات.. أصبحت فرصة ذهبية لإسرائيل استغلتها لتوجيه قوى محلية شاركت فيها لتدميرها تحت ما يصنف بحروب المجتمعات.

بدا واضحا أن شبق الإخوان إلى الحكم فرض عليهم القبول بشروط أمريكية تصب فى مصلحة إسرائيل وبضغوط منها.. منها تفكيك الأجهزة السيادية.. تسريح الجيش وتغيير مهامه من الحرب النظامية إلى حروب المجتمعات.. بجانب تسكين الفلسطينيين فى شمال العريش.. كوطن بديل لهم.. يضاف إلى ذلك إعادة الإرهابيين المشردين إلى سيناء.. تمهيدا لإعلان إمارة إسلامية هناك تحقق حلمهم المسلح بالعنف.

ودون أن تنتبه مصر وجدت نفسها تعانى من حروب المجتمعات بكل ما فيها من صور وأمثلة.. طائفية مزمنة بين مسلمين وأقباط.. انقسام واضح بين علمانيين وإسلاميين.. اختلاف حاد فى قضايا المرأة وختان البنات وزواج القاصرات بين المحافظين والمجددين.

وبعد 30 يونيو تضاعفت شراسة هذه الحروب التى ليست ككل الحروب بضغوط غربية لاستيعاب الإخوان فى العملية السياسية، رغم أن ممارسى تلك الضغوط يملون إرهاب الجماعة ولا يريدون أن تدخل فى النسيج الوطنى.. فالكلام عن «الاستيعاب «مجرد خدعة.

وبعد 30 يونيو أيضا.. تعرض الإعلاميون الوطنيون- الذين كانوا محرضين عليها- إلى تلك الحرب القذرة.. بالسخرية من مواقفهم.. وضرب مصداقيتهم.. وتفتيت وحدتهم.. فمشاهد خروج الملايين التى ساهموا فيها لا يمكن- فى تخطيط قوى مضادة- أن يتكرر.

والأخطر.. إنهاك الجيش المصرى فى صراعات مستمرة ضد التنظيمات المسلحة.. ولا شك أن إسرائيل أول الرابحين فى هذه الصراعات.. فقد ضمنت- ولو مؤقتاً- مزيداً من تأجيل المواجهة معها.. حتى لو لم يكن يفكر فيها أحد.

وما يدعم ذلك.. أن إسرائيل- حسب متابعات خبير متخصص، هو الدكتور سمير غطاس- قد اخترقت.. بمساعدة من قطر ودول عربية وإسلامية أخرى.. غالبية هذه التنظيمات.. وتستطيع التحكم فيها عن بعد وعن قرب.. ويدل على ذلك أيضا عملاء إسرائيل فى سيناء الذين يقعون فى مصيدة المخابرات العامة المصرية.. فكلهم بلا استثناء يقدمون لمخابراتها العسكرية (أمان) معلومات عمن يسمون أنفسهم «جهاديين».

وتشكل «حروب المجتمعات» بأمثلتها المصرية المتنوعة التحدى المباشر للسيسى.. فلو كان هناك نجاح عسكرى فى مواجهة الإرهاب فإن النجاح السياسى أقل فى التوفيق بين الإسلاميين غير الإرهابيين والعلمانيين.. فلا تزال الفرقة بينهما مزمنة.. تثير انقساماً يحتاج إلى التئام.

لكن.. على جانب آخر.. حافظ السيسى- رغم خوض الجيش الحرب ضد الإرهاب- على تماسك القوات المسلحة.. ودعم قدراتها القتالية بصفقة أسلحة متطورة يصعب على الأعمى تجاهل أهميتها مع روسيا.

يضاف إلى ذلك أن مصر نجحت بأدلة يصعب التخفيف من حسمها فى إقناع دول عربية مؤثرة مثل السعودية والإمارات والكويت بأنها تتعرض لحروب المجتمعات.. بهدف تفتيت وحدتها.. وتشتيت قوتها.. واتفقت مصر معها على عمل مشترك تواجه به هذه الحروب السرطانية التى تستهدف خلاياها الحيوية.

ويصعب أن نطمئن على أن التحالف المصرى- الخليجى الذى يمكن أن تنضم إليه دول عربية أخرى مثل اليمن والجزائر يمكن أن يمر دون مقاومة.. خاصة أن قيادات مؤثرة فى هذه الدول قد ترضخ لضغوط من مؤسسات وأجهزة أمريكية ارتبطت بها فيما قبل.. وهذا تحدٍ آخر للسيسى.. الحفاظ على تلك الرابطة العربية الضرورية التى لا مفر منه لإنقاذ الجميع من الآخرين دائما.. ومن أنفسهم أحيانا.

وحسب ما نقلت مصادر بحثية فى واشنطن فإن جهات غربية لم تحددها قامت باستفتاء سرى صامت شمل عينات بشرية فى مختلف أرجاء العالم العربى، بما فى ذلك غزة والضفة الغربية، لقياس شعبية السيسى.. وكانت النتيجة لصالحه.. بصورة واضحة.. ما أفزع إسرائيل بدرجة متقدمة.. والولايات المتحدة بدرجة تالية.

كانت إسرائيل قد بدأت مبكراً فى الربط بين السيسى وعبدالناصر.. ففى يوم الخميس 7 نوفمبر 2013 ذكر جاكوب نيريا- النائب السابق لمدير المخابرات العسكرية الإسرائيلية- فى تقرير لمركز «أورشليم للدراسات الخارجية» أن الشعب المصرى يعتبر السيسى وريثا لعبدالناصر.. «تلبية لأشواق دفينة لحقبة مصرية بارزة فى السياسة العربية والدولية».

لكن.. الجنرال الإسرائيلى السابق حذّر- مضيفا- من إحياء الناصرية.. فقد كانت «علاقة عبدالناصر بالولايات المتحدة سيئة». «وموقفه من إسرائيل أسوأ».

ورغم أن السيسى لم يُبد ما يشير- ولو من بعيد- إلى نقض اتفاقية السلام مع إسرائيل فإن ذلك لم ينف الارتباط بينه وبين الناصرية عنه.. فالناصرية فى مفهوم الغرب ليست ملامح شخصية وإنما خطط اقتصادية.. وتوجهات سياسية.. وقرارات وطنية.

إن فشل الرأسمالية المصرية فى خلق تنمية حقيقية سيجبر السيسى- لو جاء رئيساً-على وضع خطط اقتصادية مستقلة تجنب البلاد الأزمات الخارجية.. وتحصنها من قوى ضاغطة تسحق إرادتها.. وهو ما فعله عبدالناصر.. لذلك.. استطاعت مصر خوض حروب ضد إسرائيل دون متاعب داخلية فى الغذاء والطاقة.. وهذا ما لا يريده أحد فى الغرب.

كما أن عبدالناصر استطاع استغلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى فى تحقيق مصالح لبلاده ما كانت تتحقق لو انحاز لواحدة منهما.. كما حدث فيما بعد، بعد انحياز السادات ومبارك إلى الولايات المتحدة.

ورغم أن روسيا الآن ليست بقوة الاتحاد السوفيتى السابق فإنها بلا شك أصبحت لاعبا رئيسيا فى المنطقة.. فما تكسبه من نفوذ فيها يخصم من رصيد الولايات المتحدة فيها.. ويهدد انفراد إسرائيل بها.. وبذهاب السيسى إلى موسكو ومعاملته معاملة رئيس، وتوقيع صفقة الأسلحة المتطورة معها تجسد شبح عبدالناصر من جديد.. واستدعى الغرب حالة الارتياب القديمة التى عاشها فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى.

وتأتى النقطة الثالثة التى يخشاها الغرب من إحياء الناصرية.. إعادة تماسك كتلة عدم الانحياز.. بكل ما لها من أصوات كانت تعارض بها قرارات الغرب فى الأمم المتحدة.

وتتمثل النقطة الأخيرة فى عودة مصر إلى محيطها العربى بعد غياب طويل بسبب صلحها مع إسرائيل.. وتبدو هذه العودة ضرورية للدول العربية التى لم تستطع واحدة منها أن تكون بديلا لمصر فى القيادة.

التشابه بين السيسى وعبدالناصر ليس فى الملامح وإنما فى البرامج.. وهذا هو الأهم.. والأخطر.. لذلك.. فإن الغرب يقف له بالمرصاد.. ويصل فى تهديده إلى حد اغتياله.. كما أنه لا يتردد فى استخدام «حروب المجتمعات» ضده.. من خلال التفرقة المتعمدة بين العسكريين والمدنيين.. بكل ما فى هذه التفرقة من براءة أحيانا.. وإساءة أحيانا أخرى.

وفى بعض التحليلات والاستنتاجات فإن السيسى يمكن أن يكون قد فكر فى عدم ترشحه للرئاسة تصوراً منه أن الخروج من السباق مبكرا قد يجنب مصر تلك المؤامرات.. لكن.. على الناحية الأخرى فإن انسحابه يعنى أن المؤامرة التى يريد أن يتجنبها تكون قد تحققت دون مجهود.

والمأزق الصعب هنا.. أن إحياء قواعد التنمية الاقتصادية والقوة العربية وسياسة عدم الانحياز أمور لا مفر منها لكى تخرج مصر من أزماتها.. وفى الوقت نفسه فإن إحياء هذه القواعد سيضاعف من حجم المؤامرات المتربصة بها.

ستزيد هجمات «حروب المجتمعات» على مصر.. ستزرع الفتن بين العسكريين والمدنيين.. بين الإسلاميين والعلمانيين.. بين المسلمين والمسيحيين.. ستثار من جديد المطالب الفئوية رغم إدراك أصحابها أن الظروف المالية لا تسمح.. كما أن الحل بمزيد من طبع أوراق النقد سيزيد الوضع سوءا بإشعال نار التضخم التى تحرق أصل الراتب وإضافاته.

وسوف تستغل أزمات مباشرة مرشحة للتفاقم.. مثل أزمة الطاقة.. إن انقطاع الكهرباء وطوابير الوقود ونقص البوتاجاز متاعب تسببت فى إسقاط نظام الإخوان.

وقد عادت الكهرباء إلى الانقطاع من جديد.. وتوقع أن تزداد سوءاً فى الصيف.. والسبب نقص إنتاج الغاز الطبيعى بنسبة 3% عما كان عليه فى الفترة ما بين 2009 و2012 وفى الوقت نفسه زاد الاستهلاك بنسبة 24%.. وتحتاج الكهرباء وحدها غازا قيمته مليار دولار.. ولو استخدمت الحكومة الغاز للكهرباء فإنها تحرم منه المصانع التى تعمل به.. كما أنها لا توفى بعقود التصدير الملتزمة بها.. يضاف إلى ذلك توقف الشركات الأجنبية عن مزيد من الكشف والإنتاج بدعوى أنها تدين الحكومة بنحو 4 مليارات دولار.

وفى اختبار سياسى لا يخلو من الشر تعرض إسرائيل على مصر تصدير الغاز إليها بعد أن كانت تستورده منها.. واضعة الصورة القومية التى يتمتع بها السيسى للتشويش.

وبأسلوب عملى بعيد عن الوعود الانتخابية التى يطلقها المرشحون بلا حساب حاول السيسى أن يقدم للشعب- قبل إعلان ترشحه- ما يمكن لمسه بيديه ويتجاوز التصريحات غير المحسوبة التى تطلق فى سماء الفضائيات وكأنها ألعاب نارية.. عقد صفقة الأسلحة الروسية.. وينتظر ما يدل على بدء تنفيذها.. يسعى بجدية إلى ضمان تدفق مساعدات مالية خليجية تؤمّن حاجات البلاد الأساسية طوال الشهور الثلاثة التى ستجرى فيها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.. بجانب ترتيب الأوضاع داخل المؤسسة العسكرية قبل تركها.. لضمان قدرتها على تنفيذ ما يتفق عليه من مشروعات تخدم المواطنين.. مثل بناء مليون وحدة سكنية.. إقامة صوامع لتخزين القمح.. مد المزيد من شبكات المياه والصرف الصحى.. وغيرها.. ولعل ذلك سبب تأخر إعلانه الترشح.

3 - حمدين صباحى.. كل الحلفاء خانوه.. إلا قليلا!

عندما تسأل شخصية سياسية أو صحفية أو حزبية كانت تساند حمدين صباحى فى الانتخابات الرئاسية السابقة فإنها تشيد به.. لكنها.. تؤكد فى النهاية أنها تتحمس أكثر للسيسى.. فى استدعاء عصرى لجملة شهيرة سمعناها من عصر إسلامى مبكر: «قلوبنا معه.. وسيوفنا عليه». أو بتحوير مناسب للحالة: «قلوبنا معه.. وأصواتنا عليه».

بل إن صباحى نفسه تحفظ على ترشح نفسه فى وقت ما سابقا.. «لو أن السيسى سيترشح». مستسلما لنتيجة معركة لم تبدأ.. مثله مثل آخرين أخذوا نفس الموقف.. مراد موافى.. وأحمد شفيق.. مثلا.

لكن.. صباحى على خلاف شفيق وموافى رجع فى كلامه.. وقرر خوض السباق.. ما فرض سؤالا عن مكاسبه السياسية التى سيخرج بها إذا لم يفز فى الانتخابات.. وهو أمر متوقع يكاد يجمع عليه المراقبون فى الخارج قبل الداخل.

وما يزيد من أهمية السؤال أن صباحى سيلعب حسب وصف شائع دور المحلل فى هذه الانتخابات.. فنزوله بعد انسحاب موافى وشفيق سيعطى الانتخابات حيوية ويمنحها صفة المنافسة الديمقراطية.. وهو ما يصب فى صالح السيسى الذى يتمتع بأغلبية ترصدها التوقعات.. وعدم نزول صباحى سيجعل الانتخابات نوعا من الاستفتاءات غير المستحبة.

هناك من يقول: إن الشعب المصرى الذى عوّد العالم على المفاجآت ربما يأتى به رئيسا.. وهو احتمال يوضع فى التحليل.. ولو من باب الخيال السياسى.

وهناك من يقول: إن صباحى بمنافسة السيسى سيضمن لنفسه زعامة المعارضة لو خسر المعركة.. وهى مكانة لها قيمتها.. تبقيه فى المشهد رغم أنف الجميع.. وهو ما لا يضمنه بالانسحاب.. فالانسحاب يكفنه فى الظل.. ويحرمه من الضوء تماما.

وليس من الصعب أن يحقق صباحى نتائج طيبة ولو لم يخرج فائزا.. فأصوات معارضى السيسى ستذهب إليه.. بجانب أصوات المتحمسين لما جرى فى يناير على حساب ما جرى فى يونيو.. يضاف إليهم من يرون يونيو انقلابا عسكريا.. ومن يخافون من عودة السلطة السياسية للمؤسسة العسكرية.. والمعروف أن كثيرا من الأشخاص فى مصر يصوّتون لمرشح ليس لأنهم يريدونه وإنما لأنهم لا يريدون مرشحا آخر.. فالانتخابات فى مصر لا تزال انتخابات عواطف لا انتخابات برامج.

لكن.. مشكلة صباحى أنه يراهن على كتلة عريضة من الأصوات تنحاز لإحياء المشروع الناصرى بأبعاده التى سبق شرحها.. وقد منحته أصواتها فى الانتخابات الرئاسية السابقة.. على أنها نفس الكتلة التى نجح السيسى فى جذبها إليه.. بل إن هذه الكتلة ترى أن السيسى قادر على تحقيق ما يعجز عنه صباحى.. ومن ثم فإن أصواتها مرشحة أن تذهب إليه.. يضاف إلى ذلك أن عائلة عبدالناصر التى تحمست لصباحى فيما قبل أعلنت أنها ستصوت للسيسى.

وبعد انسحاب عنان يصعب تحديد اتجاه كتلة التصويت الإخوانية.. هل ستقاطع؟ هل ستعطى صباحى من باب النكاية فى السيسى؟ أم ستجد مرشحا ثالثا ربما المحامى العمالى خالد على تراهن عليه لكراهيتها لصباحى والسيسى معا؟

إن خطورة هذه الكتلة أن كل أصواتها تذهب إلى مرشح واحد بالأمر.. حسب التعليمات الموجهة إليها.. لو طلب منها التصويت لصباحى ستنفذ.. ولو طلب منها التصويت لكارل ماركس ستنفذ.. ولو طلب منها إبطال أصواتها ستنفذ.. ولو طلب منها هدم الخيمة على من فيها ستنفذ.

لكن.. ذلك لا يمنع أن هناك عقلية سياسية إخوانية مدربة على خوض الانتخابات يمكنها التفكير بطريقة براجماتية خالصة تجاه صباحى.

لقد عرفت من أوراق ياسر على -التى عثر عليها فى شقة زوج شقيقته الدكتور على عبدالوهاب عبدالمقصود أستاذ علم الحشرات فى جامعة بنهار أن الإخوان وصفوا صباحى وعمرو موسى وخالد على بالسياسيين الانتهازيين.. فهل يمكن أن يأمروا قواعدهم بالتصويت لصباحى بعد هذا الوصف الذى نعتذر عنه؟ الإجابة «نعم». يمكن لو وجدوا فى ذلك مصلحة ما لهم.

إن نفس الأوراق تقدم دليلا على عدم ثبات الجماعة على موقف ما.. فقد استنكروا عمليات التجميل إلى حد التحريم.. لكنهم.. قرروا أن مرسى فى حاجة إلى واحدة منها لشد الحاجب الأيسر لتلافى انكسار العين التى تحته بسبب الجراحة التى أجراها فى المخ.. كما أنهم كانوا يرون بعد إخراج خيرت الشاطر من قائمة المرشحين أن مرسى لا يصلح رئيسا وأن أسامة ياسين ومحمد البلتاجى أفضل منه.. لكنهم تراجعوا فى النهاية ورشحوه.

وحسب نفس الأوراق فإن أوامر صدرت لبعض قواعدهم بالتصويت لشفيق فى الجولة الأولى ليصل إلى الجولة الأخيرة ويصبح المنافس الوحيد لمرشحهم.. وفى الجولة الأخيرة بدأت حملة الطعن فيه.

ليس للإخوان مبدأ فى الانتخابات.. الانتخابات بالنسبة إليهم مؤامرة.. وهم بارعون فى المؤامرات.

ودون علم من صباحى يمكن للمال السياسى المتوقع أن يأتى بوفرة تصل إلى مليارات فى هذه الانتخابات يمكن أن تشترى القوى المناوئة للسيسى أصواتا ضده.. وهى أصوات حرام.. ستصب فى صناديق صباحى وإن كانت لا تعكس حقيقة نتائجه.

لكن.. مهما كانت الحسابات والتوقعات والتحليلات فإن الانتخابات دون صباحى ستكون منزوعة الدسم.. خالية من الحيوية.. فاقدة السخونة.. وهو أمر مستبعد.. فلن تترك قوة داخلية أو خارجية المشهد يمر من أمامها دون أن تشارك فيه.. فما يحدث فى مصر يدل على أن لا أحد سيقنع بالجلوس فى مقاعد المتفرجين.