مرصد "الإفتاء" : فتاوى غير المتخصصين منذ ثورة 25 يناير تهدف لسحب البساط من تحت أقدام منافسيهم

أخبار مصر


أوضح تقرير صادر عن المرصد الإعلامى لفتاوى التكفير التابع لدار الإفتاء المصرية، تحت عنوان تأثير السياسة على فتاوى التكفير أن الفتاوى أصبحت أحد أكثر القضايا التى تحتاج إلى مزيد الضبط والتأصيل، فى ظل فوضى الفتاوى وانتقالها من الاجتماعى إلى السياسى، لتهدد وتروع وتحرض وتشعل الفتن، وتدعو إلى القتل وتبيحه، بما يضع المجتمعات كلها دون استثناء فوق بركان يتطاير شرره بالفعل فى خضم الواقع السياسى المتصارع.

وأشار إلي تصاعد حدة الفتاوى السياسية الصادرة من غير المتخصصين منذ ثورة 25 يناير 2011 خاصة مع صعود التيارات الإسلامية، مؤكداً من خلال رصده المتتابع للأحداث ظهور فتوى دينية مصاحبة لأى بيان أو تصريح سياسى بالتأييد أو المعارضة، بما يكشف يقيناً توجيه هذه الفتاوى لخدمة أهداف سياسية حزبية معينة، وتوظيف الدين لاستقطاب الأتباع، واستغلال شغف الناس بالدين من أجل سحب البساط من تحت أقدام منافسيهم بإطلاق فتاوى تكفير المعارضين والمثقفين، ثم أفراد الجيش والشرطة الذين اعتبرهم أصحاب تلك الفتاوى التكفيرية طاغوتاً .

وكان نتيجة تلك الفتاوى سقوط الكثيرين من أفراد الجيش والشرطة شهداء وضحايا عمليات إرهابية جاءت استجابة لتلك الفتاوى الضالة والمضلة.

وأشار إلي أنه بمراجعة شرعية تلك الفتاوى التكفيرية من الجانب الفقهى ثبت أن من يطلقونها غير مؤهلين علميًا ولا عقليًا، لافتقادهم أدنى المعايير العلمية المعتمدة فى إصدار الفتاوى الشرعية ولعدم إدراكهم خطورة ما يطلقونه من أحكام تؤدى إلى خراب المجتمعات وإحداث الفتن بين أبناء الوطن الواحد، فضلاً عن جعلهم التكفير مدخلاً شرعياً للقتل واستباحة الدماء والأعراض، بما يمثل إفساداً فى الأرض يهدم مقاصد الشريعة الإسلامية من أساسها.

كما عرض التقرير عدداً من الفتاوى السياسية التى أسهمت فى تعزيز حالة الانقسام المجتمعى فى مصر، والتحريض على الاقتتال، وتخريب البيوت، ومنها على سبيل المثال: الفتوى بإهدار دم المتظاهرين الذين خرجوا فى مظاهرات 30 يونيو 2013 ضد حكم الرئيس السابق محمد مرسى، وأخرى تحرّم الخروج عليه قبل مظاهرات 30 يونيه، والإفتاء ببطلان محاكمته، مقابل أخرى تعطى المسوغ الشرعى لقتل أنصار الإخوان، مرورًا بتحريم المشاركة فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وفتاوى تبيح قتل المشير عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع باعتباره مرتداً عن الإسلام، انتهاءً بفتوى تطليق الزوجة الإخوانية ، وآخرها فتوى تبيح حرق سيارات ومقرات الشرطة والاعتداء على بيوت الضباط وممتلكاتهم.

من جانبه قال إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية والمشرف على إصدار التقرير، أن فتاوى التكفير تلقى بآلاف الشباب فى آتون التطرف والقتل والانفجار طلبًا لما يزعمون من الشهادة، فيسارعون إلى سفك دماء الأبرياء وترويع المواطنين داخل البلاد وخارجها، إضافة إلى أنها تمزق النسيج المجتمعى وتشيع الكراهية والحقد بين أبناء المجتمع الواحد بعد أن تقسم المواطنين إلى مؤمنين وكفار، وتصادر حق المواطنين فى أن يكون لهم وطن يحتضنهم ويأويهم.

وأكد علي أن التكفيريين لا يتركون خياراً أمام بقية المواطنين سوى القتل أو الفرار خارج الوطن الذى جعله المتطرفون لا يتسع لعموم المواطنين على اختلاف قناعاتهم السياسية والفكرية.

وأوصى بعدة نتائج وتوصيات، أهمها التأكيد أن الإفتاء له طبيعة خاصة فى المجتمع المصرى فهو ذو تأثير وتأثر بجميع جوانب الحياة، ويجب على الأمة أن تعنى بشأنه وتنتبه إلى خطورة ممارسته.

وطالب التقرير بضرورة قيام مؤسسات الإفتاء الرسمية بمهمة إصلاح ظواهر الانقسام المجتمعى والخلل الاجتماعى الناتج عن فوضى الفتاوى، حيث من المقرر أن الفتوى تحدث أثراً عميقاً فى المجتمع ونظمه وتقاليده، مع ضرورة ألا يتأثر منهج الإفتاء بالسياسة الحزبية فيما يصدره من فتاوى وأن يظل على حياده وعدم التبعية لأى حزب أو شخص أو رأى سوى المبادئ الحاكمة للسياسة الشرعية فى الإسلام، مشددا على أن دار الإفتاء بمرجعيتها الوسطية ومنهاجها المعتدل تعيد التوازن إلى الساحة السياسية فى المجتمع المصرى، ومن هنا كان دورها فاعلاً فى توجيه وتصويب وتوضيح أى رأى صادر من أى جهة تنتصر لاتجاهها السياسى، وتحاول أن تصبغه بصبغة دينية لتؤثر على الرأى العام.