صحيفة أمريكية : الأزمة الأوكرانية نابعة من الداخل وبوتين ليس مصابا بجنون العظمة

عربي ودولي


رأت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية أن الاساطير التي تقول بإصابة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بجنون العظمة بعيدة كل البعد عن الحقيقة ولكن إدانته للمتطرفين الفاشيين الجدد داخل الحركة التي أطاحت بالحكومة الأوكرانية برئاسة فيكتور يانكوفيتش والإصطفاف مع الحكومة الجديدة يستحق الالتفات .

وذكرت الصحيفة - في تقرير نشرته على موقعها الاليكتروني اليوم /الخميس/ - أن تمكين المتطرفين القوميين الأوكرانيين ليس أقل خطرا على مستقبل البلاد من مناورات بوتين في شبه جزيرة القرم. فهولاء اشخاص بشعون لديهم ايديولوجية بغيضة.

وأشارت الصحيفة إلى حزب سفوبودا الأوكراني كمثال، والذي احتل خمسة مناصب رئيسية في الحكومة الأوكرانية الجديدة بما في ذلك نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع والمدعي العام، فقد دعا الحزب إلى إلغاء الحكم الذاتي الذي يحمي التراث الروسي في شبه جزيرة القرم وضغط من أجل التصويت في البرلمان لتخفيض مكانة اللغة الروسية في البلاد وهي حركة استفزازية لملايين الأوكرانيين من أصل روسي وتدل على عدم نفاذ للبصيرة للحكومة الجديدة في أول خطواتها فى هذا البلد المنقسم.

وقالت الصحيفة إن مثل هذه الحركات، وهي الأكثر تأثيرا من الدعاية الروسية، أثارت حالة من القلق الواسع في القرم. وتعزي الصحيفة بدء الأزمة حينما تراجع فيكتور يانكوفيتش عن إبرام اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي.

وتساءلت الصحيفة هل يجب توسيع أم تقليص حقوق الأقليات من الأوكرانيين المتطلعين للانضمام للاتحاد الأوروبي والذين صوتوا على تقيد حقوق الناطقين بالروسية. أو بالأحري لما قاموا بالتلويح بعلم أحمر اللون في وجه ثور هائج.

وتجيب الصحيفة أن لم يكن بالأمر الجلل بالنسبة لحزب سفوبودا ومنظمات اليمين المتطرف، التي مازال مناصريها يرفعون الصليب المعقوف والذي أشاد زعيمهم علنا بالعديد من الجوانب النازية وبجل زعيم حركة ستيبان بانديرا القومية في الحرب العالمية الثانية والتي دعمت قواته الزعيم الألماني هتلر في ذبحة لألاف من البولنديين واليهود.

وأضافت الصحيفة أن الأكثر ترويعا من تبيض مثل هذه الأحزاب لصفحة الماضي هي خططهم المستقبلية حيث دعوا بشكل علني على عدم تدريس اللغة الروسية في المدارس الأوكرانية وأن المواطنة هي لمن يجتاز امتحانات اللغة والثقافة الأوكرانية ولا يتبني الأطفال الأوكرانيين إلا ذوي العرقيه الأوكرانية وأن يحدد في جواز السفر عرقية المواطن وأن يكتب على سبيل المثال أوكراني بولندي روسي أو غيره.

وتابعت الصحيفة هل من الصعب فهم طبيعة الصدمة الروسية في مغازلة كبار المسؤولين في الولايات المتحدة مثل السيناتور جون ماكين المتطرفين، الذين تم توصيفهم من قبل العديد من منظمات حقوق الإنسان والجماعات المناهضة للتشهير على أنهم معاديين للسامية وكارهين للأجانب و بالنازيين الجدد. هذه الجماعات كانت في الوقت التي تتملق فيه زعماء الاحتجاجات في أوكرانيا توزع فيه كتاب بروتوكولات حكماء صهيون في ساحة ميدان الاستقلال الأوكراني على المتظاهرين.

وتشير الصحيفة إلى أنه إذا تم التنبه لهؤلاء المتطرفين ما تنفك إلا أن تذهب سدي بالعديد من الشعارات التي تقول نعم، ليست الحكومة الجديدة بمثالية ولكن سوف يسود المعتدلين في القريب العاجل .

وأفادت الصحيفة أنه يمكن تفهم القلق الروسي فمنذ انهيار الاتحاد السوفيتي تكبد الملايين من ذوي العرقية أو الناطقين بالروسية فقدان الجنسية في جمهوريات البلطيق وتم فصلهم من وظائفهم في دول اسيا الوسطي وطردهم من منازلهم وعانوا من التمييز الشديد خاصة في جورجيا وهو السبب الرئيسي للحرب عام 2008 مع روسيا وتجاهل الغرب.

ويتبادر إلى الأذهان سؤال وهو كيف وصل مثل هؤلاء المتطرفين إلى هذه المناصب الرئيسية في الحكومة الأوكرانية الجديدة ولو كان حزب سفوبودا أقلية في البرلمان وأن المؤسسات اليمينية مجموعة شبه عسكرية التي لا يشاركهم في ايديولوجيتهم الأغلبية المعتدلة في أوكرانيا ولايعني هذا أن بوتين على صواب.

ويستدعي هذا للذاكرة ما قام به القوميين المتطرفين في أوكرانيا من تخويف المعتدليين من سحب دعمهم لتفاقية التي كان من شأنها عزل يانكوفيتش من منصبة وإنقاذ العديد من الأرواح ومن ثم دعم التحركات التميزية تجاه الروس في أوكرانيا ولذا نستطيع تفهم الروس بهذا الشأن.

ولم تقف الولايات المتحدة بجانب الروس الذين عانوا من عذاب العنصرية والعنف منذ انهيار الاتحاد السوفيتي أما الان فمع موافقة الولايات المتحدة الضمنية للمتطرفيين الأوكرانيين وهدفهم المعلن هو زيادة الضغط على الأقلية الروسية في البلاد فلا يتماشي أن توصف تحذيرات بوتين بأنه مصاب بجنون العظمة.

ولماذا لا يمكن تخفيف تلك المخاوف من خلال التنديد بقوة على العرقية والقومية واحتضان حقوق الأقليات لضمان ديمقراطية مستقرة في أوكرانيا وبالنظر إلى حالة النفاق المنتشرة لا يجوز انتهاك الاتفاقيات ( فيما عدا اذا اراد الناتو ان يتوسع شرقا) لا تغزو الدول بذرائع زائفة (باستثناء العراق) ولا دعم لحركات انفصال الأقلية (باستثناء كوسوفو) ولذا لماذا لا نستطيع استعادة مصداقية امريكا عن طريق الارتقاء بمبادئنا في هذه الحالة الحرجة؟

فلقد أدان البرلمان الأوروبي عام 2012 عنصرية حزب سفوبودا ومعاداته للسامية وكراهيته للأجانب وصنفه على أنه ضد القيم والمبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي وعلى الولايات المتحدة ان تحذو حذو الاتحاد الوروبي فيما يتعلق بالأمر ويجب فتح الباب لتقديم بعض الحلول الوسط مع روسيا لتسوية الوضع في أوكرانيا .

واختتمت الصحيفة تقول إن التزام الصمت يرسل رسالة خاطئة للمتطرفين من كلا الجانبين.