احمد فايق يكتب : أول حوار مع أكبر عالم مصرى فى أوروبا

مقالات الرأي

احمد فايق يكتب :
احمد فايق يكتب : أول حوار مع أكبر عالم مصرى فى أوروبا


«لسه مصر ممكنة» هذه هى النتيجة التى تصل إليها بعد دقائق من الحديث مع العالم المصرى د. إبراهيم سمك، الفرعون الذى جلب الشمس إلى ألمانيا، وسط هذا الإحباط الذى نعيشه، ستكتشف أن كل أزمة لها حل، وأن مصر وطن قابل للتحقق، إذا أراد المصريون ذلك، وإذا توافرت الإرادة السياسية والإدارة الجيدة، لا تنزعج أو تخشى على مصر، فلديها ثروات لا تقدر بمليارات الدولارات، مصر ليست بئر بترول أو منجم ذهب، لكنها وطن به آلاف العباقرة مثل هذا الرجل، بالتأكيد أنت تعانى مثلى من الانقطاع الدائم للكهرباء، لم تعرف أن الحل سهل وبسيط، الحل لدى هذا الرجل فى حوالى 8 كيلومترات محطات توليد طاقة فى صعيد مصر، فقد قدس الفراعنة الشمس، عبدوا الشمس واحترموها لأنها كانت تمنحهم ثلاثة أشياء النور والدفء والحرارة، وبعد آلاف السنوات، خرج هذا الفرعون من الأقصر سافر إلى ألمانيا ليجلب لهم الشمس المقدسة، وينير 250 بلدية فى ألمانيا بنور الشمس، نجح هذا الفرعون فى أن يحول سطوح بيوت الألمان إلى مصدر دخل للدولة والمواطنين، هل تعلم أن هذا العالم نجح فى أن يوفر من أشعة الشمس البسيطة التى تسطع على سطوح بيوت الألمان طاقة كهربائية تعادل ما تنتجه مصر بمرة وربع، هل تعلم أن هذا الرجل يستطيع أن يجعل مصر تصدر كهرباء إلى أوروبا وإفريقيا بعدما تنير بيوت أبنائها، مع إبراهيم سمك لا تستطيع أن تقول سوى أن مصر فعلا منورة بأهلها...

إبراهيم سمك: ثروتنا الشمسية تكفى لإنارة إفريقيا وتصدير الباقى لأوروبا

■ حل أزمة الكهرباء فى 8 كيلومترات بالأقصر أو أسوان لو توافرت الإرادة السياسية

■ أسطح البيوت فى ألمانيا توفر 34 ألف ميجاوات ومصر كلها لا توفر أكثر من 22 ألفاً فقط!

■ بدأت فى شتوتجارت بـ«لمبة» والآن نجحنا فى إنارة 250 بلدية ومبنى الرئاسة والبرلمان

ما المشكلة التى تواجهها مصر بشأن الطاقة؟

طبقا للمتحدث باسم وزارة الكهرباء أن المحطات الكهربائية يمكنها الوصول بمعدل انتاج الكهرباء إلى 30 ألف ميجاوات حال توافر الوقود، ويتم توليدها بنسبة 73% من الغاز، 18% مازوت، 8% مائية، و1% طاقة متجددة بينما وزارة الكهرباء تسجل أحمالا كهربائية مقدارها 22 ألف ميجاوات، اى أنه فى حال توافر الوقود يمكن لمصر أن تغطى احتياجاتها الحالية ولكن الموضوع فى المستقبل يحتاج لحلول جذرية، وتعظيم الطاقة المتجددة، إذن أول الأزمات الحالية هى مدى توافر الوقود للمحطات ثم ارتفاع اسعارها المستمر، وعلينا الآن أن نبدأ بأن تقف ميزانية دعم الطاقة عند هذا الحد ولا تزداد، فمصر تدفع دعما مرتين للطاقة، مرة فيهما لأسعار الكهرباء التى تصل للبيوت والمصانع، ومرة ثانية للغاز والمازوت اللذين يستخدمان فى محطات توليد الكهرباء.

هل تستطيع الطاقة الشمسية أن توفر لمصر فارق العجز فى القدارت الكهربائية؟

بكل تأكيد، هذا هو محور الطاقة المتجددة ومنها الطاقة الشمسية بأنواعها، فمثلا تسجل صناعة الطاقة الشمسية ازدهارًا متواصلاً، حيث تقدر الجمعية الأوروبية لقطاع صناعة الطاقة الشمسية المتخصص فى تحويلها مباشرة إلى طاقة كهربائية، أن يوفر هذا المصدر المتجدد 12% من إمدادات الاتحاد الأوروبى من الكهرباء بحلول العام 2020.

أعرف جيدا أن هناك جهودا حثيثة فى هذا المجال لكن لابد من تضافر ووضوح الرؤى فى هذا الشأن بمصر، هذا يتطلب جهداً من الدولة، وجهداً من القطاع الصناعى، وجهداً من المجتمع المدنى أو القطاع الخاص وسنوضح كل جهد منها على حدة.

أولا: جهد الدولة فى الإسراع بتوفير القوانين التى تشجع الاستثمار فى مجال الطاقة المتجددة ومنها الطاقة الشمسية وتوفير المناخ المناسب من خلال توفير تكنولوجيا نقل الطاقة الكهربائية، وإعداد مشروع قانون تغذية الطاقة الشمسية فى الشبكة الموحدة، وإعطاء ضمان للمستثمر لشراء الكهرباء من المنتج الصغير قبل الكبير لمدة 20 عاما، وترشيد الدعم الموجه للبترول والغاز، من خلال توفير الاستشارات الفنية المجانية من هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، وإعداد دورات تدريبية مجانية فى هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة.

واستخدام وسائل التخطيط المدنى والمعمارى المتطورة التى تعتمد على استغلال الطاقة الشمسية.

واختيار التكنولوجيات الحديثة فى مجال كفاءة الطاقة.

ثانيا: جهد القطاع الصناعى ويتمثل فى توفير احتياجاتهم من الطاقة من الطاقات المتجددة. وهذا سوف يوفر لهم أسواقاً عالمية لتسويق منتجاتهم الصديقة للبيئة.

ثالثا: جهد المجتمع المدنى أو القطاع الخاص ويعتمد على محاور أساسية وهى:

اقتناع القطاع المدنى والخاص بأهمية انتاج الطاقة الشمسية ومدى الفائدة التى تعود عليهم من هذا الإنتاج، بالذات نعرف جميعا توافر أسطح العمارات والمنازال والمدارس والمستشفيات والكثير من المساحات الفضاء.

توفير رأس مال لهذه المشروعات وهذا يعتمد على إقناع البنوك بتمويل هذه المشروعات الصغيرة بضمان معدات المشروع ويمكن لشركات التأمين ضمان هذه المعدات ومداومة الإنتاج.

إقرار قانون لكل المدن الجديدة أو المبانى الجديدة التى تقام أن تستخدم السخانات الشمسية فى تسخين المياه وينفذ هذا القانون باحترام مطلق وبالتالى نوفر كثيرا فى استخدامات الطاقة.

ما تقديرك للثروة الشمسة التى تمتلكها مصر؟

مصر تقع فى مركز ما يسمى الحزام الشمسى. تتراوح شدة الإشعاع الشمسى المباشر بين 2000 ك. و. س/ م2/ سنة شمالاً – 3600 ك. و. س/ م2/ سنة جنوباً وتتراوح ساعات السطوع الشمسى بين 9 – 11 ساعة يومياً مع أيام غيوم محدودة على مدار العام، الأمر الذى يشجع على استغلال هذا المصدر فى توليد الكهرباء.

كيف يمكن أن نترجم هذه الأرقام إلى مكاسب لمصر؟

نظريا الكيلومتر الواحد ينتج من 600 إلى 1000 ميجاوات، ومصر تحتاج الآن إلى8 آلاف ميجاوات لسد أزمة الكهرباء، وهذا يعنى أن حل المشكلة بعمل محطات طاقة شمسية على مساحة تتراوح بين 8 و16 كيلومتراً مربعاً، وسيتم من خلالها توفير الـ 8 آلاف ميجاوات التى تحتاجها مصر، ولن تنقطع الكهرباء بعدها.

بهذه البساطة ؟

ابتسم قائلا نعم بهذه البساطة ياسيدى.

والتمويل ؟

هناك طرق مختلفة للتمويل منها الاعتماد على البنك الألمانى للتعمير أو البنك الدولى، والبنك الألمانى للتعمير سيرحب بشدة بهذا، وعلى حد معلوماتى لم تطلب مصر من البنك الألمانى للتعمير أى تمويل لهذه المشروعات رغم أنه يهتم جدا بهذه النوعية من المشروعات، وهذا البنك ساهم فى تمويل محطات الرياح بمصر قبل ذلك، ومشروع الطلمبات بنجع حمادى، وهناك طرق أخرى للتمويل لكن المهم أن تتوافر الإرادة السياسية.

وما المكان المناسب لتنفيذ هذا المشروع؟

الأمر بالطبع ليس نظرياً نحتاج إلى دراسة علمية عن قوة الإشعاع فى صعيد مصر، فالصعيد أفضل كثيرا من الوجه البحرى، وهناك مناطق أفضلها مثل كوم امبو والأقصر وأسوان، ونستطيع من خلالها التخزين داخل شبكة الكهرباء الأم نفسها.

ما الدور الذى يمكن أن تلعبه شخصيا لحل أزمة الكهرباء فى مصر؟

أنا على استعداد دائم وشركتى لأى دور يطلب منى، لكن حل أزمة الكهرباء فى مصر تلخص فى تبنى السياسة السابقة التى أوضحتها فى سؤال سابق.

ما التكلفة التى تحتاجها مصر لحل الأزمة وهل هناك إمكانية لتخفيضها؟

سأتحدث أولا عن إمكانات تخفيض تكلفة انتاج الطاقة الشمسية فمصر أعفت معدات انتاج الطاقة الجديدة من الجمارك، كأحد الحوافز للمستثمرين فى هذا القطاع، كما تضمن للمستثمر فى مجال انتاج الطاقة الشمسية عند التعاقد شراء إجمالى الطاقة المولدة. لكننا نحتاج كمصريين أولا لثقافة استخدام الطاقة وكفاءة استخدام الطاقة وبالتالى استخدام الطاقة الشمسية.

حاليا الكثير من طرق توفير الاستخدامات ومنها ضرورة توضيح استخدام لمبات «الليد» التى توفر كثيرا، وانتاج منتجات بطاقة نظيفة لابد أن يكون لها مميزات مشجعة كما فى كل بلاد العالم، المهم لابد من الاقتناع باستخدام الوات وليس الكيلووات، واعتقد أن الأم المصرية مثال جيد فى هذا التوفير فهى توفر كل ما يحتاجه البيت كأفضل وزير اقتصاد، أما التكلفة التى تحتاجها مصر لحل الأزمة فلا بد من الاقتناع بما قلتة سابقاً، كما أن تكلفة استيراد الغاز تتراوح بين 13ــ 14 دولاراً للمليون وحدة حرارية وبالتالى تتحمل الدولة دعم الكيلووات من الغاز يصل إلى 65 قرشا وبالتالى يكون إنتاج الطاقة الشمسية مثمرا.

هل يمكن أن تكون الطاقة البديلة مشروعا قوميا لمصر ما المتوقع منه ومكاسبه للمصريين من حيث الطاقة وفرص العمالة ؟

لكى نجيب عن هذا السؤال لابد من دراسة النموذج الاسبانى فى الطاقة الشمسية وكيف نفذ رئيس اسبانيا اكبر مشروع للطاقة الشمسية فى أوروبا وتوفير فرص عمل هائلة ما أدى لخفض اعداد العاطلين لأرقام مذهلة، مصر فيها ثروة شمسية تكفى لإنارة إفريقيا بالكامل ويمكن أن تصدر الباقى لأوروبا.

والنموذج الألمانى؟

فى ألمانيا بدأنا بعمل وحدات طاقة شمسية فوق المنازل والمصانع والشركات، والبنوك تدخلت لتمويل هذه المحطات الصغيرة التى تحول الطاقة للشبكة الأم، وتكلفة الوحدة على سطح المنزل لا تتجاوز الآن 2000 يورو، والبنك يتحملها بضمان المعدات، والدولة تدفع ثمن هذه الطاقة للمواطن لمدة عشرين عاما، ويحصل البنك على نسبة 70% من الإيراد لمدة عشر سنوات، ويحصل المواطن على الباقى، وفى العشر سنوات الثانية يحصل المواطن على 100% من الإيراد، وبهذا النظام يربح الجميع الدولة والمواطن والبنك، وفى خلال 6 سنوات، نجحنا بهذا المشروع فى انتاج 34 ألف ميجاوات، بنسبة تزيد على إجمالى الطاقة الكهربائية فى مصر بمرة وربع المرة، ومصر مثالية لهذا المشروع فليس فيها غيوم أو أمطار كثيرة ونسبة سطوع الشمس عالية، لكن كما قلت الموضوع يحتاج إلى تنظيم وتضافر الجهود من الجميع، هل تعرف أنهم فى أوروبا الآن يتجهون لإلغاء المحطات النووية ويستبدلون محطات الطاقة الشمسية بها، وهناك مشروع فى الاتحاد الاوروبى له علاقة بتوليد الطاقة الكهربائية فى شمال إفريقيا «مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب» وتصديرها لأوروبا وعلينا أن نستفيد جيدا من هذا المشروع.

لماذا لم تستمر مشروعاتك فى مصر؟

عملت مشروعين فى مصر فى التسعينيات أحدهما فى عام 1995 وكان مشروع محطة طاقة شمسية فى «أولاد الشيخ» بوادى النطرون وقمنا بتشغيل 14 بئر مياه بها، ونورنا القرية كلها، لكن الحكومة جاءت بعدها وأدخلت الكهرباء العادية إلى القرية.. !

والمشروع الثانى كان مركز تدريب مهنى تابعاً للحكومة «أول واجهة» بالطاقة الشمسية وعمل 3 سنوات، لكنهم لم يغيروا البطاريات حتى الآن !

ورغم ذلك أنت متفائل ؟!

نعم شمس مصر لن تنطفئ، شمس مصر ستستمر تنير العالم، مصر برجالاتها وشعبها العظيم سيستمر فى عطائها للأبد، مصر على المسار الصحيح بعد انتهاء أول استحقاق سياسى متمثلاً فى الاستفتاء على الدستور الجديد وهى خطوة مهمة ضمن خريطة الطريق، وقاربنا على تداول سلس للسلطة عبر انتخابات رئاسية وهو ما يعد إشارة إلى حدوث اسقرار للبلاد وهذا بالتأكيد يؤدى إلى تحسين فى مناخ الاستثمار فى مصر وياحبذا بعد ارتفاع الاحتياطى النقدى وكذلك ارتفاع معدلات السيولة بالبنوك.

والطاقة الشمسية تشكل اليوم عاملاً مهماً فى الاقتصاد العالمى فهى مصدر دخل قومى فى بعض البلدان، ومن بينها دول الخليج العربى التى تعتبر من أكثر بلاد العالم غنى بالنفط، بالإضافة إلى الحفاظ على البيئة.

ما سر نجاحك؟

الحكاية وما فيها على كل مصرى قبل السفر للخارج أن يفكر فى النجاح فهو لا يأتى صدفة فالنجاح يحتاج لإصرار وتكملة الدراسة طبقا للمستوى العالمى وكلنا يعلم التقدم التكنولوجى الرهيب وبالتالى المجهود المستمر لتطوير الذات مع إيمان مطلق بالعمل كـ(team) كمجموعة. وأمثلة نجاح المصريين فى الخارج كثيرة جدا.

هل يوجد كفاءات محلية فى مجال الطاقة البديلة ؟

نعم مصر تملك إمكانات وكفاءات وموارد مهمة كل ما تحتاجه تنظيم توظيفها والاستخدام بحيث تحقق أكبر عائد ممكن، أعرف جيدا أن هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة تملك كفاءات ممتازة فى هذا المجال، وكما قلت سلفا أننى مستعد لتدريب عدد معين من المتخصصين فى الطاقة الشمسية لثقل كفاءاتهم أو إرسال خبير متخصص فى الطاقة الشمسية من طرفنا لعمل برنامج تدريبى متقدم فى هذا المجال.