أسوشتيد برس : سمعة الجيش باتت مرتبطة برئاسة "السيسي"

أخبار مصر

أسوشتيد برس : سمعة
أسوشتيد برس : سمعة الجيش باتت مرتبطة برئاسة "السيسي"

قالت وكالة أنباء أسوشتيد برس الأمريكية، في تحليل مطول لها اليوم، إن المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة، الذي لم يكن معروفا إلا منذ عامين فقط، ركب موجة من الحماسة الشعبية بات من المؤكد أنها ستدفعه إلى خوض غمار انتخابات الرئاسة.

وأضافت: الكثير من المصريين يحتفون بـ(السيسي) الآن كمنقذ للوطن، وذلك بعدما أطاح بالإسلاميين من السلطة، وباعتباره أيضا الشخص القوي بما يكفي لقيادة البلاد. ومع ذلك، فإنه إذا أصبح رئيسا، فسيواجه تحديات هائلة .

محلل بمؤسسة سينشري : سمعة الجيش باتت مرتبطة برئاسة السيسي .. وشعبيته ستمكنه من المضي قدما في تغييرات ستثير الجدل على الأرجح

وأردفت: رئاسته ستمثل انغماسا أكبر للجيش في السياسة، بما يضع مصداقية المؤسسة القوية على المحك في حال فشل الرجل في حل مشكلات البلاد. الاضطرابات ربما تتفاقم أيضا كردة فعل غاضبة من جانب الإسلاميين، الذين يبغضون (السيسي) لإطاحته بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، وما أعقب ذلك من حملة قمع ضد أنصارهم أسفرت منذ ذلك الحين عن اعتقال الآلاف ومقتل المئات. وفضلا عن ذلك، ليست سوى ثمة مؤشرات طفيفة على كيفية إدارته لشؤون البلاد .

وأشارت أسوشتيد برس إلى أن المعارضة تخشى من العودة إلى الحكم الاستبدادي على غرار عهد حسني مبارك الذي امتد لنحو ثلاثين عاما وحتى الإطاحة به في انتفاضة شعبية عام 2011 ، مضيفة: (السيسي) نفسه أكد من قبل استحالة عودة الحكم حاليا إلى ما كان عليه في عهد (مبارك)، وضرورة التحول نحو الديمقراطية. ومع ذلك فإن عناصر (دولة مبارك البوليسية)، بما في ذلك كبار المسؤولين الأمنيين ونخبة رجال الأعمال، تأتي ضمن أبرز أنصاره المتحمسين، كما أن الحملة على الإسلاميين توسعت بالفعل إلى قمع أوسع نطاقا ضد المعارضة .

تشبيهه بـ عبدالناصر جانبه الصواب إلى حد كبير.. و السيسي يختلف عن إرث ناصر الاشتراكي

واستشهدت الوكالة الأمريكية بأن الكثير من أنصاره يروجون له باعتباره جمال عبدالناصر الجديد، ذلك الرجل الذي وصل إلى سد الرئاسة بعد أعوام قليلة من ثورة 1952، التي أطاحت بالنظام الملكي ليصبح الرجل القوي ذا الشخصية الكاريزمية التي ألهمت الوطن بمشروعات كبرى مثل بناء السد العالي في أسوان وبرؤيته للقومية العربية.

وقالت: عبادة الشخصية هذه، التي لم تظهر في البلاد منذ العهد الناصري، التفت سريعا حول (السيسي)، حتى أنها تصوره كتقي ومتواضع وحساس وعاطفي، وفي نفس الوقت حازم وحاسم ووطني تعود جذوره إلى حي الجمالية الشعبي، الذي يعود تاريخه إلى العصور الإسلامية الوسطى وينظر إليه باعتباره يجسد أفضل تقاليد البلاد. تلك الشعبية ستمكن (السيسي) الرئيس من المضي قدما في تغييرات ستثير الجدل على الأرجح .

على سبيل المثال، تحدث السيسي في مقاطع مسربة مؤخرا عن رفع الدعم عن المواد الغذائية والوقود ، وهو الدعم الذي يشكل عبئا هائلا على ميزانية الحكومة ويتفق خبراء الاقتصاد على ضرورة إصلاح منظومته، لكن في ضوء اعتماد سكان مصر الفقراء عليه لسد احتياجاتهم، باءت جميع محاولات الإصلاح السابقة بالفشل. (تعليقاته تشي أيضا بأن مقارنته بعد الناصر يجانبها الصواب إلى حد كبير: السيسي أعرب عن دعمه لتسريع وتيرة الخصخصة في الاقتصاد، منقلبا على إرث ناصر الاشتراكي).

وأردفت: كما أنه من المتصور أيضا أن يستطيع (السيسي) فرض المصالحة مع الإسلاميين كونه اللاعب الوحيد على الساحة الذي يمتلك القوة الكافية لتمرير الفكرة التي باتت من المحرمات السياسية في ضوء حمى سحق الإخوان. ويلمح بعض المسؤولين إلى أن (السيسي) شخصية تصالحية نسبيا بين ضباط الجيش والأمن الأكثر تشددا وعداء للإخوان، رغم أنه لم يبد حتى الآن سوى الدعم التام للحملة الأمنية ضد الجماعة والتي انطلقت بعد مظاهرات حاشدة دعا إليها في يوليو الماضي من أجل (تفويضه) لمحاربة الإرهاب .

لكن استعراضات التأييد الدرامية التي تشهدها الساحة حاليا لن تعني الكثير لاحقا في بلد منقسم انقلب على حاكمين في غضون السنوات الثلاثة الماضية. الاختلاف هذه المرة يكمن في التأييد الصريح الذي أبدته مؤسسة الجيش القوية عبر إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة مساندته لترشح السيسي للرئاسة يوم الاثنين الماضي.

ويقول مايكل حنا، محلل الشؤون المصرية وزميل مؤسسة سينشري في نيويورك، إن سمعة الجيش مرتبطة برئاسة السيسي . وفي حال فشل السيسي في وضع حد لانعدام الأمن وتدهور الاقتصاد، فإن الغضب الشعبي يمكن أن يتجه إلى الجيش كمؤسسة وهو ما من شأنه إحداث انقسامات داخل صفوف الجيش .

السيسي يدرك حجم المخاطر. خلال فترة حكم مرسي، وعندما كان الإسلاميون يشتبكون مع خصومهم في الشوارع، حذر في خطاباته من أنه في حال تدخل الجيش في الصراعات السياسية، فإنه لن يعود الى ثكناته قبل عقود. في لقاء مع ضباط الجيش عام 2012، حذر السيسي من أن تدخل الجيش في السياسة يشكل خطورة على الدولة والجيش على حد سواء، مشيرا الى الوضع في سوريا حيث الجيش يدعم الرئيس بشار الأسد ضد الانتفاضة، ما أدى الى تحول الصراع هناك الى حرب أهلية.

وقال السيسي : ليس من الوطنية أن تنحاز لطرف.. هذا ليس من شأني. الثأر لن ينتهي، الانقسامات سوف تستمر والفوضى قد تستمر لسنتين، خمسة، عشر سنوات. الدولة السورية انتهت . ولم يعلن السيسي عزمه على الترشح مع أن وسائل الإعلام المصرية تطبل وتزمر على أنه سوف يعلن ترشحه قريبا. وقد رأى كثيرون أن ترقيته إلى رتبة مشير ، هي التكريم الأخير له قبل مغادرته الجيش.

وتابعت: دائرته الداخلية لا تزال تعج برجال المخابرات: من بينهم محمود حجازي، رئيس جهاز المخابرات العسكرية الحالي الذي زوج ابنته لأحد أبناء (السيسي)، ومراد موافي الرئيس السابق للمخابرات العامة، وفريد التهامي الرئيس الحالي للمخابرات العامة .

وأشارت إلى أن الإخوان أدركوا خطورة محاولة قراءة (السيسي). عندما رقاه (مرسي) كان معتقدا على ما يبدو بأن (السيسي) سيكون معتمدا على الإخوان . وتابعت: بعد الإطاحة بـ(مرسي)، كتب وائل هدارة، أحد مساعدي مرسي، أن (السيسي) اختير كونه كان أصغر ضباط الرتب العليا سنا، وكان يؤمل بأنه يفتقد للموالين وليس لديه دعم حقيقي داخل الجيش .

وأضافت: ظن كثر من قادة الإخوان بأنه يتعاطف مع الحركة الإسلامية، طالما أنه عرف بورعه الديني. هذا الاعتقاد كان متفشيا إلى حد كبير . وكشف بحث أعده السيسي أثناء دراسته في كلية الحرب العليا الأمريكية عام 2006، عن عقلية سياسية تعي جيدا ما ترتكز عليه دولة مبارك البوليسية والتحديات أمام إقامة الديمقراطية.

وانتقد أنظمة الحكم الاستبدادية في المنطقة، لأنها تسيطر وتؤثر على نتائج الانتخابات بطريقة غير عادلة من خلال السيطرة على وسائل الإعلام والتخويف الصريح ، وهي كلها ممارسات اتسم بها حكم مبارك . وأضاف أن أحد العقبات أمام الديمقراطية هي أن الشرطة والجيش في هذه البلاد العربية موالية للحزب الحاكم وليس للدولة. وخلص إلى أن بناء ديمقراطية قد يحتاج إلى عملية انتقالية تمتد إلى عشر سنوات، وأنه ينبغي تهيئة الشعوب بتحسين مستوى التعليم وتقليل حجم الفقر.

وتابعت: يعتقد الموالون أنه ثمة حاجة ماسة إلى رجل قوي مثل السيسي لقيادة هذا الانتقال نحو الديمقراطية. السيسي سيترأس بذلك نظاما سياسيا متصدعا. فبعد سقوط مبارك ، سيطر الإسلاميون على أقوى الأحزاب السياسية، وخاصة جماعة الإخوان التي ينتمي إليها مرسي ، بل وهيمنوا على نتائج الانتخابات طوال الأعوام الثلاثة الماضية. ومعظم هؤلاء الإسلاميين سيواصلون على الأرجح مقاطعتهم السياسية خلال المستقبل المنظور، وهو ما من شأنه أن يترك الساحة لأحزاب هشة ضعيفة ذات ميول علمانية تفتقر للدعم الشعبي .

حياة السيسي الخاصة ليست معروفة لكثيرين، فزوجته انتصار هي ابنة عمه وقد تزوجا قبل ثلاثين عاما تقريبا، ولم تظهر مطلقا في وسائل الإعلام، ولديه ثلاثة أبناء وابنة. وتخرج اثنان من أبنائه وابنته في كليات عسكرية، ويعمل ابنه الثالث في هيئة الرقابة الإدارية.

نشأ السيسي في حي الجمالية بالقاهرة، وهي منطقة يعود تاريخها إلى قرون وتنتشر فيها مساجد تاريخية خلدتها روايات الأديب المصري الحائز على جائزة نوبل للأدب نجيب محفوظ. وكانت بازارات المنطقة تضررت كثيرا جراء اختفاء السياح بدرجة كبيرة خلال فترة الاضطرابات التي أعقبت سقوط مبارك ، لكن شوارع المنطقة تزينت حاليا بملصقات تحمل صور السيسي، حيث يأمل مالكو البازارات أن يتمكن الرجل من تحقيق الاستقرار.

علي حسان، هو أحد جيران السيسي ويدير حاليا واحدا من مقرات حملته الانتخابية. وقد استعاد ذكرياته عن السيسي ، ووصفه بأنه هادئ جدا وغير اجتماعي ، وركز في حديثه عنه على شيئين، هما: دراسته ومساعدته في متجر والده.

أحد أبرز المعارضين لـ السيسي ، أحمد ماهر قائد حركة شباب 6 أبريل ، كتب رسالة من داخل محبسه يزعم فيها تأييده بشكل ساخر لتولي السيسي رئاسة الدولة، قائلا إن ذلك سيغذي ثورة جديدة ضد الجيش. وحمل ماهر السيسي المسؤولية عن اعتداءات وقعت بحق محتجين اعتقلوا خلال الانتفاضة ضد مبارك . واختتم رسالته بالقول: زي ماشوفنا بعنينا مساوئ و كوارث حكم الإخوان، خلينا نشوف حكم العسكر الصريح بدل المستتر .