الحبيب علي الجفري للمصريين: أعرفوا قيمة بلدكم
الحفاظ على الهوية الوطنية في ظل المتغيرات المعاصرة" في ندوة بمكتبة الإسكندرية
شهدت مكتبة الإسكندرية من خلال قطاع البحث الأكاديمي ندوة "الحفاظ على الهوية الوطنية في ظل المتغيرات المعاصرة"، بالتعاون مع المؤسسة الصديقية للخدمات الثقافية والاجتماعية، اليوم، الأثنين، وتلاها جلسة حوارية تحدث فيها الشيخ الحبيب علي الجفري، وأدار الحوار كلًا من الشيخ محمد الكتاني، والشيخ مصطفى ثابت.
وافتتح الندوة الدكتور محمد سليمان؛ رئيس قطاع التواصل الثقافي والقائم بأعمال نائب مدير مكتبة الإسكندرية، ونقل ترحيب الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، ترحبيه بالحضور، مؤكدًا أن المكتبة أرادت أن تكون ملتقى فكري وثقافي إيمانًا منها بأن المجتمعات لا تنهض إلا من خلال جهود أبنائها.
وشدد سليمان على أهمية الندوة في ظل الوضع الذي يشهده العالم وتأثيره على الهوية التي تتعرض للعبث، وهو ما يتطلب وجود مرجعية وطنية للحفاظ على الهوية، وهذه مسؤولية تقع على عاتق كل المؤسسات الثقافية والوطنية بالدولة.
وأكد الشيخ الحبيب علي الجفري، أن مصر تحمل راية العلم والثقافة، فهي منارة لمن يحيط بها وكذلك العالم أجمع، متحدثًا عن مفهوم مصطلح الهوية الذي يعتبر مصطلح معاصر مأخوذ من كلمة "هو"، وهوية الإنسان تعني حقيقته المطلقة وصفاته الجوهرية التي يتميز بها عن غيره.
وأضاف "الجفري" أن سؤال الهوية أصبح سؤال العصر في العالم أجمع، حيث أوصل الإغراق في نسبية الأشياء والأفكار والأمور العالم إلى حالة اللامنهجية، وأصبح هناك حالة من الفوضى نتاج ما بعد الحداثة، وأدت "العدمية" التي نشأت إلى حالة الفوضى التي يعيشها المجتمع الإنساني اليوم على الرغم من النجاحات التي حققتها في العلوم الأخرى.
وتابع: "نعيش في مرحلة انتقالية من فلسفة إلى أخرى وهذه التغييرات لا تحدث في البشرية إلا كل ٤٠٠ عام، ولا بد أن نكون شركاء في صناعة الفكر وعدم التوقف عند استقبالها فقط كما حدث في المراحل السابقة، خاصة في ظل الارتباك الذي تشهده المنطقة وصل إلى تحدي وجود خلال العشر سنوات الماضية".
وتحدث "الجفري" عن مفهوم اللغة وعلاقته بالهوية، مؤكدًا أن اللغة تشكل وجدان الإنسان ومنهجيته في التفكير، ورغم مطالبته بتعليم الطلاب 5 لغات أجنبية بداية من مرحلة المتوسط، ناشد الآباء والأمهات ألا يتحدثون مع أبناءهم إلا باللغة العربية، فاللغة ليست كلمات وقواعد فقط ولكنها معرفة وذوق ودون ذلك يصعب علينا معرفة تاريخنا وديننا ولن يكون لنا مستقبل.
وأشار "الجفري" إلى أن الحالة العبثية التي يعيشها العالم اليوم والاختلاف الكبير في الهوية تتطلب المشاركة في صناعة المستقبل، خاصة فيما يخص الذكاء الاصطناعي الذي سوف يشهد تطورًا هائلًا لا يمكن تصوره خلال العشر سنوات المقبلة، وكل من لم يكون مشاركًا فيه سيكون عبدًا لصانعيه.
واختتم "الجفري" بالتأكيد على أن مصر دولة كبيرة أكبر مما يظن الجميع وقد تحملت الكثير، موجهًا حديثه للمصريين "لا تصدقوا من يحاول تقزيم دورها وبشكل خاص موقفها تجاه القضية الفلسطينية فقد قدمت 100 ألف شهيد في سبيلها، أعرفوا يا مصريين قيمة بلدكم فالله تفضل عليكم أن جعلكم مصريين".
ومن جانبه، قال الشيخ محمد الكتاني، إن قضية الهوية قديمة أعيد إثارتها عقب ظهور العولمة، التي تقوم على إزالة الفوارق وإحداث الامتزاج وعدم التباين بين المجتمعات، لصالح قوى معينة تسعى لأن يندمج العالم كله في بوتقة واحدة لا يعتز فيها أحد بهويته.
وأضاف أن الهوية ناشئة عن الانتماء إذا لم يكن الإنسان منتمي إلى شيء لن تتضح هويته، منتقدًا عدم وضوح الرؤية عند الكثير من المتحدثين عن قضية الهوية، لذا تحتاج إلى جهود كبيرة لإبرازها في الثوب الذي يليق بها، ومحذرًا من خطورة محاولة تغيير الهوية.
وأضاف الشيخ مصطفى ثابت، إن سؤال الهوية والانتماء شاغل للعقل البشري والدول، وفي مصر كان هذا السؤال شاغل المفكرين والكتاب وخاصة مع بداية القرن العشرون، ومع ظهور الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أعيد السؤال مرة أخرى.