وكيل الأزهر يدعو إلى التعامل مع الذكاء الاصطناعي بالإيجابية وحسن الاستثمار
أثنى الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، على تنظيم كلية التربية بجامعة الأزهر لمؤتمرها العاشر تحت عنوان: «الذكاء الاصطناعي ومنظومة التربية: بين الطموحات والمخاطر»، وأن عنوان المؤتمر يضع بين أيدينا العلاقة التي تربط بين طموحاتٍ وآمالٍ ومخاطرَ ومحاذيرَ، لتضغ الكلية بذلك لبنةً جديدةً في تأكيد قدرة الأزهر على إحداث قفزةٍ علميةٍ معاصرةٍ تقف على جذور الماضي، وتحسن قراءةَ الواقع واستثمار معطياته، وتتطلع إلى مستقبلٍ مشرق، مقدما شكرَ فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، للقائمين على المؤتمر ورجاءَه أن يخرجَ هذا المؤتمر بتوصياتٍ عمليةٍ معاصرةٍ رشيدةٍ تكون لنا نبراسًا في طريقنا إلى تحقيقها.
وأضافد خلال كلمته التي ألقاها اليوم الأحد بالمؤتمر بمركز الأزهر للمؤتمرات أن العصرَ المعاصر الذي لا يمكن تجاوزُه، ولا التَّغافلُ عن عطائه، شأنُه شأنُ كلِّ منجزٍ حضاريٍّ، لا يَملكُ الإنسانُ رفاهيةَ الاختيارِ في رفضه أو قبوله؛ وإنما عليه أن يتلقاه بالإيجابية، وحسن الاستثمار، والتفاعل المثمر؛ ليكونَ أهلًا للخيرية التي وصفَ اللهُ بها الأمةَ للحياة. ومن الواجب على العقلاء الأمناء أن يحسنوا قراءةَ ماضيهم وهضمه، مع حسن استثمارٍ لمعطيات العصر ومنجزاته.
وقال وكيل الأزهر إنه وإذا كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على تطوير الأنظمةِ والبرامجَ التي تحاكي قدراتِ العقلِ البشريِّ في التحليلِ المنطقيِّ والاستنتاجِ الموضوعيِّ، من خلال قدرته على معالجة كمٍّ هائلٍ من البياناتِ بكفاءةٍ وسرعةٍ مع ضمانة تفوق الإنسان في بعض العوامل؛ فإنَّنا لا بد أن نأخذَ في الحسبان التحدياتِ الكبيرةَ والمخاطرَ المتعددةَ التي قد تصحبُه؛ مثل التهديدِ للوجودِ البشريِّ، أو التدميرِ الناتجِ عن استخدام تطبيقاتِه بطرقٍ غير أخلاقية.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي مجالٌ جديدٌ يثبتُ أقدامَه يومًا بعد يومٍ في مجالاتِ الحياةِ، وإن لم نُخططْ للتعاملِ معه بمعاييرَ تضمنُ الإفادةَ من فرصِه، وتجنبَ مخاطرهِ المحتملةِ، فلن نضمنَ نتائجَه. ومن الواجبِ أن نلقى الذكاء الاصطناعي بتخطيطٍ استراتيجيٍّ مرشدٍ. والتاريخَ يثبتُ أنَّ الأممَ التي تتبنى التخطيطَ كأسلوبٍ للحياةِ يمكنها أن تتداركَ أخطاءَ ماضيها، وتُحسن إدارةَ واقعِها، وتتنبأَ بمستقبلِها. كما أنَّ التخطيطَ من مميزاتِ الحضارةِ الإسلاميةِ، فهو مبدأٌ دينيٌّ بامتيازٍ، وقد تجلَّى هذا التخطيطُ في كثيرٍ من آياتِ القرآنِ، ووقائعِ السيرةِ النبويةِ.
وأشار وكيل الأزهر إلى أن ما نعيشه اليومَ من فيضٍ معرفيٍّ وتكنولوجيٍّ يوجبُ علينا أن نحرصَ على أن تكونَ الأممُ صاحبةَ خططٍ طموحةٍ وواقعيةٍ، وإلا كانت في خطةِ غيرِها. مؤكدا فضيلته أن التربيةَ وعلومَها لن تكونَ بمعزلٍ عن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، التي يمكن أن تُسهمَ في تطويرِ العملِ التربويِّ، وتحسينِ استراتيجياتِه، واتخاذِ القراراتِ بصورةٍ عامة.
وفي ختام كلمته، أعرب وكيل الأزهر عن ثقته بأن هذا المؤتمرَ قادرٌ على الإجابةِ عن التساؤلاتِ التي يمكن أن تطرح حول قدرة الذكاء الاصطناعي على ترفير تجارب تعليمية تُثري العمليةَ التربوية، وأثر هذه البرامجِ على العملِ الجماعيِّ والبيئاتِ التربويةِ، وما تُضيفه من مهامَّ جديدةً للتربويين، وإمكانية أن يكون الذكاءُ الاصطناعيُّ فرصةً حقيقيةً لتوصيلِ المعرفةِ إلى الأماكنِ النائيةِ والمحرومةِ، آملا في أن تسهم أبحاث المؤتمر في تقديمِ رؤيةٍ متكاملةٍ حولَ التعاملِ مع الذكاءِ الاصطناعيِّ بحذرٍ ويقظةٍ، مع ضماناتِ الحفاظِ على القيمِ والهويةِ.