جمال رائف: تصاعد الجماعات الإرهابية فى سوريا يشكل تهديدًا لاستقرار المنطقة العربية
سوريا | مفترق الطرق.. صراعات ميدانية وتحديات سيـــــــــاسية تهدد مستقبل البلاد
- مصطفى كامل: مستقبل سوريا مرتبط بالحل السياسى الشامل لتحقيق الاستقرار ووحدة الأراضى
تشهد سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن صراعات مستمرة ألقت بظلالها على كل جوانب الحياة فى البلاد، بدءًا من البنية التحتية وصولًا إلى النسيج الاجتماعى والاقتصادى، وبعد سنوات من الحرب الطاحنة والتدخلات الإقليمية والدولية، لا يزال المستقبل السياسى والاقتصادى لسوريا غامضًا.
فى الآونة الأخيرة، تجددت المواجهات فى بعض المناطق، ما يفاقم معاناة الشعب السورى ويزيد من تعقيد الجهود المبذولة نحو التسوية، ويعكس هذا الوضع تحديات كبيرة فى إعادة بناء الدولة، ويطرح تساؤلات حول دور القوى الخارجية، فضلًا عن المصير الذى ينتظر الشعب السورى فى ظل الانقسامات المستمرة، هذا الصراع الطويل يعكس التوترات السياسية والإقليمية التى قد تحدد مسار البلاد فى السنوات المقبلة.
الخبير السياسيى جمال رائف، قال لـ«الفجر» إن: «تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية المسلحة فى الداخل السورى يمثل مؤشرًا خطيرًا للغاية، ويعد إحدى تبعات الفوضى الإقليمية الناتجة عن اتساع دائرة الصراعات الإقليمية»، موضحًا أن هذا المناخ الفوضوى أتاح بيئة خصبة لعودة تلك الجماعات التى تتغذى على عدم الاستقرار الداخلى والإقليمي.
وأشار «رائف» إلى أن تصاعد هذه الجماعات بسوريا، التى لم تتعافَ بعد من تبعات «الربيع العربي» منذ أكثر من عقد، يشكل استنزافًا إضافيًا لقدرات الدولة السورية، التى تعانى أصلًا من ضعف وإمكانات محدودة، مضيفًا أن هذا الوضع يزيد من ضبابية مستقبل سوريا، مما يتطلب جهدًا عربيًا مشتركًا لدعم الدولة السورية فى مواجهة هذا الخطر المتصاعد.
ودعا «رائف» إلى ضرورة تبنى موقف عربى موحد يدافع عن مبدأ الدولة الوطنية السورية والحفاظ على سيادتها، مؤكدًًا أن هذه المبادئ يجب أن تكون محل إجماع عربى فى ظل الظروف الحالية، كما شدد على أهمية اتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة الفكر المتطرف والجماعات الإرهابية التى تهدد أمن سوريا والمنطقة ككل.
وأكد الخبير فى الشئون السياسية، أن الجماعات الإرهابية والتكفيرية قد تجد فى المتغيرات الدولية الحالية، مثل تغير الإدارة الأمريكية، فرصة للعودة للساحة بمنطقة الشرق الأوسط، موضحًا أن هذه الجماعات تسعى لاستغلال التحولات السياسية الدولية لتثبيت وجودها، خصوصًا بعد فشلها فى تحقيق أهدافها بمنطقة الساحل والصحراء الأفريقية، التى كانت تُعد محطتها التالية بعد رحيلها من الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن منطقة الساحل والصحراء لم تشكل بيئة خصبة لنمو هذا الفكر المتطرف، مما دفع هذه الجماعات لمحاولة العودة للشرق الأوسط مستغلةً أيضًا التحولات فى السياسة الأمريكية، وأكد أن هذه العودة المحتملة تأتى وسط تصاعد الفوضى الإقليمية، التى يستفيد منها أطراف أخرى مثل الجانب الإسرائيلى، الذى يستغل حالة عدم الاستقرار بسوريا لإضعاف جبهتها الداخلية، ما يجعلها عرضة للتدخلات الخارجية.
ودعا «رائف» إلى أهمية وجود موقف عربى موحد يدعم وحدة الأراضى السورية وسيادتها، مشيرًا إلى أن عودة سوريا للحضن العربى تمثل تطورًا إيجابيًا قد يساعد على مواجهة هذه التحديات، مضيفًا أن الوضع الراهن يتطلب حراكًا عربيًا فعّالًا للتصدى لمخاطر الجماعات الإرهابية التى تسعى لزعزعة الاستقرار بالمنطقة العربية.
واختتم رائف بالتأكيد على أن دعم السيادة السورية والعمل على تعزيز الأمن القومى العربى أصبح ضرورة ملحة، مشيرًا إلى أن هذا الحراك يجب أن يتزامن مع مواجهة الفكر المتطرف لضمان استقرار سوريا والمنطقة ككل فى ظل هذه الظروف الصعبة.
من جانبه، صرح الخبير السياسى، مصطفى كامل، بأن مستقبل الأزمة السورية يعتمد بشكل كبير على تطورات الصراع الميدانى وموازين القوى بين النظام السورى وقوى المعارضة، مؤكدًا أن الوقت فقط كفيل بالإجابة عن التساؤل حول قدرة قوات النظام على القضاء على المعارضة أو العكس، مشيرًا إلى أن الاحتمالات ما زالت مفتوحة، ولكن لا يبدو أن المعارضة قادرة على الإطاحة بالرئيس بشار الأسد فى الوقت الحالي.
وأضاف أن استقرار سوريا مرتبط بمسار واضح إما تحقيق الاستقرار أو استمرار الصراع والتقسيم، حتى فى حالة تراجع المعارضة فى مناطق مثل شمال سوريا، فإن تقسيم البلاد سيبقى احتمالًا قائمًا على المدى القريب.
وشدد «كامل» على أهمية إيجاد حل سياسى شامل يحافظ على وحدة الأراضى السورية ويضمن الاستقرار المستدام، مؤكدًا أن استمرار الانقسام ليس فى مصلحة مستقبل سوريا أو المنطقة ككل، مؤكدًا ضرورة متابعة التطورات الميدانية بعناية والعمل على دعم الحلول التى تعيد السلام والاستقرار للشعب السوري.
وأكد الخبير السياسى أن مصر تلعب دورًا مهمًا ومحوريًا فى إنهاء الأزمة السورية، مشيرًا إلى أن القاهرة دائمًا ما تدعم استقرار الدول العربية، مضيفًا أن مصر تدعم الدولة السورية بمؤسساتها، وعلى رأسها الجيش السورى، إيمانًا منها بأهمية الحفاظ على وحدة الأراضى السورية وسيادتها فى مواجهة التحديات الراهنة.
وشدد «كامل» على أهمية الحضور العربى فى الملف السورى، معتبرًا أن الدول العربية، وعلى رأسها مصر، لديها مسئولية تاريخية لدعم سوريا فى هذه المرحلة الحساسة، واختتم تصريحه بالتأكيد على أن مصر ستظل فى طليعة الدول الداعمة لوحدة سوريا وسيادتها، انطلاقًا من دورها الإقليمى الراسخ فى حماية الأمن القومى العربى.
فيما أكد محمد بدر الدين زايد، الدبلوماسى والمحلل السياسى، أن الأزمة السورية تمثل واحدة من أكثر الأزمات تعقيدًا فى المنطقة، نظرًا لتداخل الأطراف الإقليمية والدولية فيها، موضحًا أن الحل السياسى الشامل هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة، حيث يتطلب ذلك توافقًا عربيًا ودوليًا يدعم وحدة الأراضى السورية واستقرارها.
وأشار «زايد» إلى أن دور مصر محورى فى تحقيق هذا التوازن الإقليمى، عبر دعم جهود المصالحة بين الأطراف المتنازعة وإعادة بناء مؤسسات الدولة السورية، مما يضمن استدامة الحلول السياسية والاقتصادية على المدى الطويل، مشددًا على أهمية وقف التدخلات الأجنبية التى تؤدى إلى تعقيد المشهد السورى وتفاقم معاناة الشعب.
من جهته أوضح دكتور محمد عز العرب، خبير الدراسات السياسية والاستراتيجية، أن مستقبل سوريا يعتمد بشكل كبير على التعاون الإقليمى والدولى لتوفير بيئة ملائمة للحل السياسى، مؤكدًا أهمية دور مصر فى تعزيز هذه الجهود من خلال الوساطة بين الأطراف المختلفة ودعم مبادرات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية.
كما أشار إلى أن إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية يمثل خطوة أساسية لتحقيق الاستقرار الداخلى، ما يساعد فى معالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التى زادت من حدة الأزمة، داعيًا إلى وضع آليات واضحة لإعادة الإعمار وتهيئة بيئة تسمح بعودة اللاجئين بشكل آمن وكريم.