كوريا الجنوبية على حافة الهاوية.. اعتذار الرئيس ومصير مجهول بعد إعلان الأحكام العرفية
يواجه رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، أزمة سياسية غير مسبوقة قد تؤدي إلى عزله من منصبه في خطوة تُعد من أخطر التطورات في الحياة السياسية بالبلاد، ففي خطوة مفاجئة، أعلن يون فرض الأحكام العرفية يوم الثلاثاء الماضي في محاولة للحد من الفوضى السياسية التي اندلعت بسبب خلافات مع المعارضة، لكنه سرعان ما تراجع عن قراره بعد اعتراضات واسعة من جميع الأطراف.
ومن ثم، قدم الرئيس اعتذارًا علنيًا في خطاب متلفز، متخليًا عن مسؤوليته في مواجهة الأزمة بشكل فردي، ومؤكدًا ترك القرار النهائي بشأن مصيره للحزب الحاكم، في غضون ذلك، تشهد الساحة السياسية في كوريا الجنوبية تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة الدعوات إلى عزله، حيث من المقرر أن يصوت البرلمان اليوم على مقترح العزل الذي قد يضع نهاية لولايتة الرئاسية ويُغير مستقبل النظام السياسي في البلاد.
تفاصيل الأزمة
بدأت الأزمة يوم الثلاثاء الماضي عندما أعلن يون سوك-يول بشكل مفاجئ فرض الأحكام العرفية في البلاد، مبررًا ذلك باتهام المعارضة بشل الحكومة وتعطيل الأنشطة السياسية من خلال اقتراحات عزل مسؤولين حكوميين وتهديدات بخفض ميزانية الدولة.
كما شمل القرار فرض قيود على وسائل الإعلام، ما أثار حالة من القلق في البلاد، لم يمر القرار سوى بضع ساعات حتى رفضه البرلمان الكوري الجنوبي بغالبية 190 نائبًا، ليضطر الرئيس إلى رفع الأحكام العرفية بسرعة بعد مرور ست ساعات فقط على إعلانه.
وسط هذه الاضطرابات، خرج يون في خطاب متلفز ليقدم اعتذارًا للشعب، مؤكدًا أنه لن يكرر الخطوة نفسها في المستقبل، مبديًا استعداده للتخلي عن زمام المبادرة السياسية في البلاد لصالح حزبه.
وقال يون في كلمته إنه سيركز على استقرار الوضع السياسي في البلاد، معترفًا بأن الظروف الحالية تجعل من الصعب عليه أداء مهامه الرئاسية بالشكل المطلوب.
وعلى الرغم من اعتذاره، فإن التوترات السياسية لا تزال في تصاعد مستمر، وهو ما دفع المعارضين إلى الاستمرار في مطالباتهم بإقالته.
الردود الحزبية والسياسية
وجاء الرد الأول من الحزب الحاكم عبر رئيسه، هان دونغ-هون، الذي أشار إلى أن استقالة الرئيس يون أصبحت مسألة "لا مفر منها".
وذهب هان إلى أبعد من ذلك بدعوة الرئيس إلى تعليق مهامه الرئاسية فورًا، مشيرًا إلى أن استمرار يون في منصبه أصبح مستحيلًا في ظل الظروف الراهنة.
وتعتبر هذه التصريحات بمثابة تراجع كبير من قبل الحزب الحاكم عن موقفه الداعم للرئيس، مما يفتح الباب أمام سيناريو العزل بشكل أكثر واقعية.
على الجانب الآخر، بدأ أعضاء الحزب الحاكم في التعبير عن دعمهم لمقترح العزل، وكان النائب جو كيونغ-تيه، عضو البرلمان البارز الذي يمثل الحزب الحاكم، أول من أعلن دعمه العلني لفكرة عزل الرئيس، في موقف اعتُبر خطوة غير تقليدية نظرًا لتاريخ الحزب في دعم الرئيس.
وهذه التحولات داخل الحزب الحاكم تضاعف من احتمالات نجاح المقترح المعارض لعزل الرئيس في البرلمان.
تصويت العزل وما بعده
من المقرر أن تعقد الجمعية الوطنية في كوريا الجنوبية جلسة تصويت يوم السبت على مقترح عزل الرئيس يون سوك-يول.
ويتطلب تمرير الاقتراح تأييد ثلثي الأعضاء في الجمعية الوطنية، وهو ما يعني أن المعارضة تحتاج إلى دعم نحو 8 أعضاء من حزب "سلطة الشعب" الحاكم لتحقيق ذلك.
فعلى الرغم من أن موقف الحزب الحاكم لا يزال غير واضح تمامًا، إلا أن تصريحات النائب جو كيونغ-تيه، بالإضافة إلى دعوة رئيس الحزب هان دونغ-هون لاستقالة الرئيس، تشير إلى أن العزل قد يكون قريبًا من التحقق.
وفي حال تمرير الاقتراح، سيتعين على المحكمة الدستورية الكورية الجنوبية تحديد ما إذا كان سيتم عودة الرئيس إلى منصبه أم سيتم عزله بشكل نهائي.
وفي حال تم العزل، سيكون الرئيس يون سوك-يول ثاني رئيس يتم عزله في تاريخ كوريا الجنوبية بعد الرئيسة السابقة بارك كون-هيه، التي تم عزلها في عام 2017.
السيناريوهات المستقبلية
في حال تم تمرير اقتراح العزل، فإن الساحة السياسية في كوريا الجنوبية ستدخل في مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، حيث ستجد البلاد نفسها في مواجهة أزمة رئاسية غير مسبوقة.
بالإضافة إلى التصويت على العزل، يخطط الحزب الديمقراطي المعارض لتقديم مشروع قانون آخر يطالب بإجراء تحقيقات خاصة تتعلق بمزاعم فساد ضد السيدة الأولى كيم كيون-هي، وهو ما قد يضيف مزيدًا من التعقيد إلى الأزمة السياسية.
وفي حال فشل مقترح العزل، سيظل الرئيس يون في منصبه، لكن من المرجح أن تظل الأزمات السياسية مستمرة بشكل موازٍ، في ظل استمرار الخلافات بين الحكومة والمعارضة.
كما أن الوضع الداخلي قد يؤدي إلى تفاقم حالة الانقسام داخل الحزب الحاكم نفسه، مما قد يهدد استقراره في المستقبل.