الحياة : «الاتحادية» يتزين لقاطنه الجديد ... ومحيطه يعج بالفوضى

الحياة : «الاتحادية»
الحياة : «الاتحادية» يتزين لقاطنه الجديد ... ومحيطه يعج بال

سيكون قصر الاتحادية الرئاسي في حي مصر الجديدة (شرق القاهرة) على موعد لاستقبال قاطنه الجديد في نيسان (أبريل) المقبل على الأرجح، ليكون الضيف الثالث عليه في غضون عامين بعدما ظل عقوداً «أسير» الرئيس المخلوع حسني مبارك.


القصر العريق توارى خلف أسواره منذ تنحي مبارك في 11 شباط (فبراير) 2011 وحتى تسلم الرئيس المعزول محمد مرسي الحكم في 30 حزيران (يونيو) 2012، إذ ظل المجلس العسكري يدير البلاد خلال تلك الفترة من مقر وزارة الدفاع، ثم دخله القاضي عدلي منصور رئيساً موقتاً، وها هو الآن يتزين للرئيس المقبل.

واجهة المبنى الرئيس للقصر التي يجملها طراز بلجيكي فريد يُميز منطقة الكوربة في مصر الجديدة غابت ملامحها خلف الحوامل التي نصبها معماريون لتجديد مقر العمل الرسمي لحاكم مصر، مع الإبقاء على التصميم العريق له. وامتدت أعمال الصيانة إلى ردهات القصر الفخمة المُزينة بتصميمات تمزج بين الطرز الفرنسية والإيطالية والبلجيكية والشرقية.

أنشئ القصر فندقاً في مطلع القرن التاسع عشر، ويحتوي مئات الغرف والقاعات، وبعد قرارات التأميم التي صدرت في أعقاب ثورة تموز (يوليو) 1952 استعمل مقراً لوزارات ومؤسسات حكومية، وأصبح المقر الرسمي لعمل الرئيس في عصر الرئيس الراحل أنور السادات. وفي عصر مبارك أُحيط بإجراءات أمنية مُشددة، وطالما أغلقت قوات الأمن محيطه لو وجد فيه مبارك، ودأب المصريون على تجنب المرور إلى جواره خشية الإجراءات الأمنية.

لكن في أواخر سنوات حكمه، لم يكن مبارك يعتمد كثيراً على القصر. وانتقلت التشديدات الأمنية إلى منتجع شرم الشيخ السياحي الذي فضله لاستقبال ضيوفه، وبعد تنحي مبارك لم تعد منطقة القصر «محظورة» على المصريين، بل بات محيطه قبلة للمتظاهرين، وقربه رشق غاضبون موكب الرئيس المعزول محمد مرسي بالحجارة وأمامه احتشدت الجموع المطالبة بعزل مرسي، بعد أن أُزيلت أسوار خرسانية عزلت القصر وحاكمه عن محيطه.

وفي هذه الأيام، تنصب القوات المسلحة حواجز خرسانية مُدببة يصعب تسلقها وتُغلق بوابات القصر عدا البوابة الرقم 4 التي يدخل منها الرئيس الموقت مكتبه. وتصطف مدرعات الشرطة وناقلات الجنود عند أركانه، فيما ينتشر المخبرون السريون في منطقتي روكسي والكوربة لرصد أي محاولة لأنصار مرسي للتجمع في شكل مفاجئ قرب القصر من أجل وأدها.

وإن جال الحاكم المقبل لمصر فقط في محيط قصره سيُدرك حتماً أنه كُلف بمهمة شاقة، فالفوضى والعشوائية التي افترست شوارع العاصمة وأحياءها الراقية باتت على بعد أمتار من القصر. فرغم كثافة الانتشار الأمني في المنطقة، تحول ميدان روكسي إلى متجر كبير مفتوح للباعة الجائلين الذين افترشوا أرصفة المشاة ومساحات كبيرة من الشارع المُخصص للسيارات.

في الميدان كم هائل من البضائع المعروضة على أرفف كأنه بات «مركزاً تجارياً» لعرض الملابس والأحذية وأدوات التجميل والحُلي ولعب الأطفال والمأكولات والأدوات المكتبية والرياضية، وغيرها من البضائع، لكن اللافت أن شوارع جانبية أغلقها الباعة الجائلون ببضائعهم، ولم يعد في مقدور قائدي السيارات دخولها، وأصبحت سوقاً عشوائية.

وإن كانت ظاهرة «الباعة الجائلين» ليست جديدة على مصر، لكن انتقالها إلى أرقى منطقة في القاهرة بدا لافتاً، خصوصاً أن بعضهم لما لم يجد موطئ قدم في ميدان روكسي ليبيع بضاعته، استسهل عرضها في منطقة الكوربة الهانئة بهدوء ومعمار ينتقل بأهلها إلى ما يشبه أحياء أوروبا العريقة، فبات مسموحاً أن يعرض بائع متجول بضاعته الرخيصة المُهربة على الأرجح أمام أرقى وأغلى متاجر المجوهرات في مصر.