هند الشناوي تكتب:: أسود قصر النيل بين التشويه والتطوير.. (القصة كاملة)

مقالات الرأي

تطوير أسود قصر النيل
تطوير أسود قصر النيل

 

 

تحتل أسود كوبري قصر النيل قيمة تاريخية كبيرة، حيث شهدت على أحداث كثيرة منذ إنشائها في العام 1871، حين خصص لها الخديوي إسماعيل نحو 198 ألف فرانك ليتم صناعتها من البرونز في فرنسا ويتم نقلها إلى مصر لتقف شامخة حارسة لكوبري قصر النيل حتى يومنا هذا..

وتصدرت أسود قصر النيل التاريخية حديث مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، وذلك بعد أعمال الصيانة التي يجرى العمل عليها، حيث ظهرت أسود قصر النيل المصنوعة من مادة البرونز اللامع مطلية باللون الأسود الغامق، ما اعتبره البعض تشويهًا للهوية البصرية الخاصة بالتماثيل..

في السطور التالية نستعرض مراحل التطوير والتشويه التي طالت الأسود التاريخية منذ بدء مشروع تطوير القاهرة الخديوية في العام 2017 حتى اليوم.

بداية التطوير

بعد نحو 85 عامًا من النسيان، كان لأسود قصر النيل نصيبًا من التطوير حين تم العمل على تطوير كوبري قصر النيل وإعادته لرونقه، حيث اختلف شكل الكوبري كليًا، فأعطت التماثيل بعد صيانتها رونقًا وشكلًا جماليًا للكوبري والذي تم افتتاحه في مارس من العام نفسه بتكلفة وصلت إلى 8 ملايين جنيه بتمويل من البنك الأهلي المصري.

محاولات التشويه

رغم الاحتياطات التي اتخذتها محافظة القاهرة وجهاز التنسيق الحضاري للحفاظ على أسود قصر النيل بعد ترميمها في 2017، حيث قامت بوضع حواجز مسننة حولها ورفع قاعدتها عن المستوى السابق حتى لا يتمكن أحد من تسلقهم وتشويهم، إلا أن سلوكيات المواطنين خلال احتفالات العام الجديد لم تخل من محاولات الصعود وتسلق أسود قصر النيل مما تسبب في تشويهها مرة أخرى.

 من الأتربة“تنظيف” أسود قصر النيل

في مايو من العام 2018 انتهت الأجهزة التنفيذية بحي غرب القاهرة من تنظيف تماثيل أسود كوبري قصر النيل الأربعة، حيث شملت أعمال النظافة إزالة الأتربة من على الأسود باستخدام مواد خاصة مزيلة للأتربة، لتجميلها وإعادتها إلى رونقها مرة أخرى.

صيانة "الأسود" استعدادًا لبطولة الأمم الإفريقية

في العام 2019 تمت أعمال صيانة أسود قصر النيل في إطار خطة تطوير تقوم بها أجهزة حي غرب القاهرة للمنشآت الحيوية والتاريخية بنطاق الحي، استعدادا لبطولة كأس الأمم الإفريقية.

وأشار الدكتور ممدوح عودة، وكان مسؤولا عن صيانة التماثيل وقت ترميم كوبري قصر النيل، إلى إنه لا يوجد دهان مطلقًا للتماثيل.. كل ما تم هو أعمال الصيانة الدورية فقط وبالأسلوب العلمي المتعارف عليه محليا ودوليا بخصوص ترميم وصيانة التماثيل المعدنية.

ومنذ تلك الفترة لم تأخذ أسود كوبري قصر النيل حيزًا كبيرًا من الاهتمام، حيث كانت أعمال الصيانة تتم بصورة دورية، وبالطرق العلمية المتعارف عليها لصيانة الأسود دون تشويه، حتى انتشرت صورًا خلال الساعات الماضية لأعمال تشويه واضحة طالت الأسود الأربعة، فظهرت بلون أسود أشبه بطلائها بمادة الورنيش، ما دعى عددًا من الفنانين التشكيليين إلى انتقاد عملية الترميم والصيانة بدهان التماثيل بـ "الورنيش اللامع" وعدم استخدام أدوات الترميم المتخصصة واللازمة لذلك.

فيما أوضحت وزارة الآثار إن أسود كوبري قصر النيل لا تعد ضمن عداد الآثار المسجلة، ولكنها تاريخية ويتم التعامل معها بحرص شديد، كما توجه مجموعة من المسئولين بوزارة الآثار لمعاينة أعمال الترميم والتنظيف الجارية لأسود قصر النيل بسبب اللون المستخدم والذي أثار استياء الكثيرين، وسيتم إعادة الشيء لأصله دون تشويه.

عن أسود قصر النيل

    كعادة كل مبان عصره، التي اهتم فيها الخديوي إسماعيل بالفخامة واللمسة الإمبراطورية التي مازالت آثارها باقية في العمارات الخديوية بوسط البلد، طلب الخديوي إسماعيل وضع تماثيل هائلة على بداية ونهاية جسر قصر النيل، وكلف شريف باشا ناظر الداخلية في أبريل من العام 1871 بالاتصال بالخواجة "جاك مار" لعمل أربعة تماثيل لأسود أفريقية، واقترح “مار” أن تكون التماثيل متوسطة الحجم، وكلف بدوره لجنة مكونة من المثَّال "أوجين جليوم" والمصور "جان ليون"، لتتولى مهمة الإشراف على صناعة التماثيل، وخصص لها مبلغا قيمته 198 ألف فرنك.

 تم تصنيع التماثيل من البرونز في فرنسا، وتم نقلها إلى الإسكندرية ومنها إلى موضعها الحالي على مداخل كوبري قصر النيل، وبعد افتتاح الكوبري بأسوده الأربعة انتشر بين العامة اسم “أبو السباع” كتسمية شعبية للكوبرى ومنها اتسع الاسم الجديد ليطال الخديوي نفسه الذى لقبه المصريون باسم أبو السباع، حتى صار كل من يحمل اسم إسماعيل أبًا للسباع.