ما أهمية قمة البريكس بحضور القاهرة والرياض؟ خبراء يجيبون

تقارير وحوارات

صورة جماعية لقادة
صورة جماعية لقادة قمة بريكس- الفجر

شهدت قمة بريكس الأخيرة في مدينة قازان الروسية مشاركة مصر بعد انضمامها رسميًا كعضو كامل اعتبارًا من يناير 2024. تمثل هذه الخطوة مكاسب اقتصادية هامة، حيث ستعزز الشراكة مع دول التجمع وتفتح أسواقًا جديدة، مع تأثيرات إيجابية على الاقتصاد المصري وتحسين قيمة الجنيه.

أهمية القمة ومشاركة مصر 


من جانبه قال مدير مركز جي إس إم للدراسات، آصف ملحم، حول قمة بريكس الأخيرة التي عُقدت في مدينة كازان الروسية، موضحًا أن بريكس هي مجموعة تهدف إلى توفير منصة للحوار بين الدول الأعضاء وليست منظمة ذات آليات محددة لحل النزاعات الدولية.

وأضاف «ملحم» لـ«الفجر»، أن الغاية الأساسية من هذه المجموعة هي مناقشة المشاكل التي تواجه الدول الأعضاء وابتكار الحلول المناسبة لها، وليس التدخل لحل الأزمات العالمية مشيرًا إلى أنه لا توجد آلية واضحة داخل منظومة بريكس للتعامل مع القضايا الراهنة مثل الصراع الروسي-الأوكراني أو النزاع العربي-الإسرائيلي.

مدير مركز جي إس إم للدراسات آصف ملحم

وأكمل أن الحرب الروسية-الأوكرانية كانت سببًا رئيسيًا في إبراز الحاجة إلى مراكز قوة جديدة قادرة على التصدي للهيمنة الغربية التي تفرض عقوبات اقتصادية لأسباب سياسية، كما حدث مع روسيا.

وفي هذا السياق، شدد ملحم على أن قمة بريكس الأخيرة شهدت تطورًا ملحوظًا بانضمام دول جديدة مثل إيران، السعودية، الإمارات، مصر، وإثيوبيا، مما يعكس تزايد الحاجة إلى مواجهة الهيمنة الغربية على المنظمات الدولية.

بالنسبة لمشاركة مصر في القمة، لفت ملحم إلى أن مشاركة الرئيس المصري تعكس أهمية الدور المصري كدولة عربية، إفريقية، وإسلامية في تعزيز علاقات بريكس مع الشرق الأوسط. وأضاف أن القوى الكبرى في بريكس مثل روسيا والصين تعمل على توسيع نفوذها في المنطقة العربية، سواء عبر الاستثمارات الضخمة في إسرائيل وإفريقيا أو من خلال السعي لحل القضايا العالقة مثل الصراع العربي-الإسرائيلي.

رغم ذلك، أكد مدير مركز جي إس إم للدراسات، أنه لا توجد حلول جاهزة أو خطة واضحة لدى بريكس لحل القضية الفلسطينية أو أزمات الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تظل اللاعب الوحيد القادر على التأثير بشكل فعّال على إسرائيل.

من النواحي الاقتصادية 


أوضح الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة تجمع بريكس المنعقدة حاليا في مدينة قازان الروسية ولمدة ثلاثة أيام، بعد انضمام مصر رسميا كعضو كامل اعتبارا من الأول من يناير 2024، بمشاركة 24 زعيما و11 رئيس دولة هم أعضاء التجمع وعلى رأسها روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، يعود على مصر بالعديد من المكاسب الاقتصادية.

أضاف «غراب» لـ «الفجر»، أن تجمع بريكس والذي يضم أكبر الاقتصادات عالميا يستحوذ على 25% من صادرات العالم، وتمثل نحو أكثر من 30% من حجم الاقتصاد العالمي وتنتج نحو 35% من الحبوب عالميا، وعدد سكانه يقترب من نصف سكان العالم، ومن المتوقع أن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للتجمع خلال العام الجاري الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة السبع بنسبة كبيرة، موضحًا أن تفعيل انضمام مصر للتجمع يعزز من الشراكة الثنائية بينها وبين دول التجمع ويزيد من حجم التبادل التجاري بين مصر وهذه الدول بالعملات المحلية ما يخفف من الضغط على العملة الصعبة، كما أنه يفتح أسواق جديدة للمنتج المصري بأسواق هذه الدولة خاصة بعد زيادة أعدادها.

الدكتور أشرف غراب 

وأشار غراب، إلى أن اتجاه دول تجمع بريكس إلى إنشاء نظام مالي عالمي واعتماد عملة جديدة مشتركة لدول التجمع خاصة مع زيادة عدد دول التجمع يعمل على تنمية التجارة الخارجية لمصر ويقلل من اعتماد مصر على الدولار ما يعود على الجنيه المصري بتحسين قيمته مقابل سلة العملات الأخرى، خاصة وأن الصين وهي أكبر دول التجمع من المتوقع أن تصبح خلال عام 2025 أكبر اقتصادات العالم في الناتج المحلي، وهي أكبر مصدر للمواد الخام عالميا ما يزيد من حجم وارداتها لمصر بالعملة المحلية ما يسهم في دعم الصناعة المصرية ويسهم في تعظيم الصناعة الوطنية وتحقيق ما تسعى له مصر بتعميق المنتج المحلي وتصنيع أغلب المنتجات المستوردة حتى نصل للاعتماد بنسبة كبيرة على المنتج المحلي فيما بعد.

ولفت إلى أن وجود 11 دولة في تجمع بريكس يزيد من حجم الشراكات الاقتصادية بينها وبين مصر ما يعظم من استثمارات هذه الدول في مصر خاصة مع تحسن البنية التحتية والتشريعية الاقتصادية وتحسن مناخ الاستثمار المصري وحل أغلب المشاكل التي تقف حائلا أمام الاستثمارات الأجنبية وتذليل كافة العقبات، إضافة إلى أنه من المتوقع أن يزيد حجم الوفود السياحية من دول التجمع لزيارة مصر خلال الأعوام المقبلة خاصة بعد إنشاء مدينة رأس الحكمة السياحية العالمية واشتمال مصر على المناطق الأثرية الفرعونية والرومانية والإسلامية والشواطئ السياحية.

أكد نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن عضوية مصر في بنك التنمية الجديد التابع لتجمع بريكس يعزز قدرتها على دعم التنمية المستدامة وتعزيز السيولة وتنويع مصادر تمويلها بشروط وإجراءات ميسرة لمواجهة الأزمات الاقتصادية.

 

مجموعة بريكس تمثل قوة جذب للاقتصادات الناشئة


نوه الدكتور إبراهيم جلال فضلون، المتخصص في الشأن الدولي، إلى أن آلية تعاون مجموعة بريكس تمثل قوة جذب للاقتصادات الناشئة، حيث تعمل على ثلاث مجموعات من الأولويات: السياسة والأمن، التعاون الاقتصادي والتمويل، والتبادلات الإنسانية والثقافية، وتأتي مشاركة مصر لأول مرة في قمة بريكس ودعوة السعودية، لتؤكد دورهما الفاعل في توازن القوى العالمية، مستندين إلى قوة الجيش المصري والاقتصاد السعودي.

أضاف «فضلون» لـ«الفجر»، أن وجود مصر والسعودية يعكس مواقف البلدين والدول العربية الثابتة بشأن التطورات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة الجهود المستمرة لمنع توسع الصراع وتحوله إلى حرب إقليمية، وما قد يترتب على ذلك من خطورة على الأمن الإقليمي والدولي، كما تمثل القمة فرصة لمناقشة إصلاح الهيكل المالي العالمي، لتحقيق توازن يضمن تعزيز صوت الدول النامية في المحافل الدولية.

الدكتور إبراهيم جلال فضلون 

وأكد فضلون على أهمية مواجهة تجزئة النظام التجاري العالمي ومقاومة الحمائية، إلى جانب تعزيز التنسيق على منصات متعددة مثل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي ومجموعة العشرين.

وعلى الصعيد السياسي، أشار فضلون إلى أن انضمام مصر إلى بريكس يفتح آفاقًا واسعة أمام الصادرات المصرية ويتيح لها المشاركة في تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، مع إيلاء الأولوية للتبادل التجاري مع دول التجمع، مما يسهم في تقليل الاعتماد على الدولار وتعزيز الشراكة بين الدول.

وأضاف أن ارتفاع حجم التبادل التجاري بين مصر ودول بريكس، الذي وصل إلى 31.2 مليار دولار في عام 2022، يعكس أهمية هذه الخطوة. وأوضح أن مصر تتطلع إلى دعم مصالح الدول النامية والمساهمة في خلق نظام عالمي جديد يعزز من ثقلها الدولي.

من جانب آخر، أكد فضلون أن انضمام السعودية إلى بريكس يمثل فرصة كبرى لتعزيز التنوع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الكتل الغربية. ومع ذلك، أشار إلى أن هذا الانضمام قد يحمل تحديات تتعلق بزيادة المنافسة الجيوسياسية بين الغرب وكتلة بريكس، لكنه أيضًا يفتح أمام السعودية أسواقًا جديدة ويدعم خططها التنموية.

في الختام، تساءل فضلون عن إمكانية تحقيق قادة بريكس وأصدقائها شراكة حقيقية تركز على النمو المتسارع والتنمية المستدامة في إطار التعددية الشاملة، مشيرًا إلى أن الحوار بين قادة بريكس وإفريقيا يمكن أن يشكل فرصة لمواجهة التحديات الراهنة وتعزيز التعاون المشترك.