ربيع جودة يكتب: من خلف النافذة
في شرفة منزلنا القديم.. فتحة صغيرة.. كنت أترقب منها الضوء.. وقد كنا ننام كالطير حين تمسي الدنيا.. ونصحو قبل أن تصبح.. وذات ليلة وبعد أن هدأت الجفون.. واستسلمت الأجساد.. وساد الصمت إلا من أنوف المتعبين.. سمعت من خلف الشرفة صوت.. ينادي باسمي.. فردفت إلى ابي أخبره..فاحتضنني وقال لا تخف.. ونم بجواري.. ولما رأي من رجفتي.. قال لي.. تعالي لنري أنه لا يوجد شيء.. وفتح الباب وهو يذكر الله.. وقال انظر لا شيء هنالك.. انت كنت نائم.. وهذا صوت أحلامك.. وأمسك بكوب الماء وذهب إلى الزير.. وشرب منه وسقاني.. وقال اجلس معي اخبرك بشئ.. يابني..يتألم الناس من الانتظار.. ولا يعلمون.. أن فيه نجاتهم.. وفي أثناءه تمضي حياتك.. دون أن يفقد الفراغ عقلك..تخيل حياتك من دون انتظار.. كيف تعيشها.. ستعطي ظهرك للوقت يمر.. وستزهق روحك.. ويغطي الملل نعمة في يدك.. كلنا يعيش تحت ظل الانتظار.. فهناك من ينتظر ولدا .. وهناك من ينتظر مالا.. وهناك من ينتظر وظيفة.. والطائع ينتظر صلاته.. والصائم ينتظر فطره.. وإذا لم تجد ما تنتظره يعتصر الحزن قلبك.. وسيطرق الخوف نافذتك.. اصنع لنفسك حلمًا تنتظره.. قبل أن تصنع نفسك لك وهمًا ينتظرك.. يا ولدي إذا لم يوجد شيء خلف نافذتك.. فأنت في خطر... انظر من فتحة شرفتك.. وأطلق ناظريك إلى أمل ترغبه.. وهدف ترجوه.. واعلم أن أن آخر فصول الحياة حين تتوقف عن انتظار شيء بداخلك حين نزل قول الله تعالى.. إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا... علم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أنه قد اقترب أجله.. بعد أن أتم رسالته.. وانتهي الوحي الذي كان ينتظره.