العلاقات المصرية الصومالية.. تاريخ طويل وشراكة استراتيجية

تقارير وحوارات

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الصومالي - الفجر

 

تتمتع مصر والصومال بعلاقات تاريخية متينة تمتد لعقود طويلة، حيث كانت مصر دائمًا داعمًا قويًا لاستقرار ووحدة الصومال في مختلف المراحل التي مرت بها البلاد. تشكل هذه العلاقة جزءًا من استراتيجية مصر الأوسع لدعم قضايا القارة الأفريقية، وخاصة منطقة القرن الأفريقي، التي تتميز بأهمية استراتيجية وجيوسياسية بالغة.

العلاقات التاريخية

ترتبط مصر والصومال بعلاقات دبلوماسية تعود إلى فترة ما قبل استقلال الصومال في عام 1960. خلال هذه الفترة، لعبت مصر دورًا فعالًا في دعم استقلال الصومال عن الاستعمار، حيث كانت القاهرة واحدة من الدول الأفريقية البارزة التي ساندت القضية الصومالية في المحافل الدولية. ومنذ الاستقلال، ظلت مصر حليفًا قويًا للصومال، سواء من خلال تقديم المساعدات الاقتصادية أو من خلال دعم مشروعات البنية التحتية والتعليم والصحة.

التعاون في مجال التعليم والثقافة

يعتبر التعليم من أهم مجالات التعاون بين البلدين، حيث تقوم مصر بتقديم منح دراسية للطلاب الصوماليين في الجامعات المصرية. ويعد الأزهر الشريف من أهم المؤسسات التي ساهمت في تعزيز العلاقات بين البلدين من خلال تقديم الدعم الديني والثقافي للصومال. ويلعب الأزهر دورًا مهمًا في نشر التعليم الديني وتدريب الأئمة الصوماليين لمواجهة التطرف والإرهاب، مما يعزز من دور مصر في تحقيق الاستقرار الثقافي والديني في الصومال.

التعاون السياسي والدبلوماسي

تستمر مصر في دعم الصومال على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، حيث تقف إلى جانب الحكومة الصومالية في جهودها لتحقيق الاستقرار ومواجهة التحديات الداخلية، خاصة الإرهاب الذي تمثله حركة الشباب. وتعزز مصر من علاقاتها مع الصومال عبر تنسيق الجهود المشتركة في المحافل الدولية، بما يضمن حماية المصالح المشتركة للبلدين، ويؤكد التزام مصر بدعم وحدة الأراضي الصومالية.

التعاون الأمني

في ظل التحديات الأمنية التي تواجه الصومال، ولا سيما مع تنامي أنشطة الجماعات الإرهابية، تقدم مصر دعمًا أمنيًا للصومال. يتمثل هذا الدعم في بناء قدرات الجيش الصومالي والقوات الأمنية، وتقديم التدريبات العسكرية، إلى جانب التنسيق الأمني في مواجهة الإرهاب، خاصة أن مصر تمتلك خبرة واسعة في هذا المجال. وقد لعبت مصر دورًا مهمًا في دعم الحكومة الصومالية لتعزيز الاستقرار ومحاربة الجماعات المسلحة.

التعاون الاقتصادي

على الصعيد الاقتصادي، تمتلك العلاقات المصرية الصومالية إمكانيات كبيرة للنمو والتطور. إذ تسعى مصر إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع الصومال، خاصة في مجالات الزراعة والصيد البحري، التي تعد من أهم القطاعات الاقتصادية في الصومال. بالإضافة إلى ذلك، هناك توجه لزيادة الاستثمارات المصرية في البنية التحتية والطاقة في الصومال، وهو ما سيساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية في كلا البلدين.

الرؤية المستقبلية

في إطار الجهود المستمرة لتعزيز العلاقات، تسعى مصر إلى لعب دور أكبر في إعادة إعمار الصومال ودعم جهوده للتغلب على الأزمات الاقتصادية والأمنية. وتعتبر القاهرة الصومال شريكًا استراتيجيًا مهمًا في منطقة القرن الأفريقي، وتسعى إلى تعميق التعاون بين البلدين على كافة المستويات، بما يحقق الاستقرار والازدهار في المنطقة.

في النهاية تمثل العلاقات المصرية الصومالية نموذجًا للشراكة الأفريقية الناجحة، حيث تتسم هذه العلاقات بالعمق التاريخي والمصالح المشتركة. ومن خلال التعاون في مجالات التعليم، الأمن، الاقتصاد، والدبلوماسية، تواصل مصر والصومال تعزيز هذه الشراكة، بما يخدم استقرار ورفاهية الشعبين، ويساهم في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المشتركة.