التحولات الاستراتيجية في الصراع اللبناني.. حزب الله وإسرائيل بين الضغوط الإقليمية وموازين القوى

تقارير وحوارات

جنوب لبنان
جنوب لبنان

تشهد الساحة اللبنانية حراكًا دبلوماسيًا وعسكريًا معقدًا في ظل التوترات المتزايدة بين حزب الله وإسرائيل.

وفي هذه الأجواء المشحونة، يبرز تحول لافت في مواقف حزب الله، حيث تخلت قياداته عن شرط ربط وقف إطلاق النار في لبنان بوقف الأعمال العدائية في قطاع غزة، هذا التطور يأتي في وقت تجري فيه محادثات متعددة الأطراف تهدف إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يشمل جميع الجبهات، مما يعكس التغيرات العميقة في ديناميكيات الصراع وتأثيرها على موازين القوى الإقليمية.

حيث أفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن الولايات المتحدة ودولًا عربية تواصل النقاش مع إيران بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار شامل يمتد عبر الجبهات المختلفة، في حين أن موقف إسرائيل لا يزال غير واضح تجاه القتال المستمر في غزة.

ووفقًا للمصادر الإسرائيلية، فإن الحكومة الإسرائيلية لا تنظر إلى أي مقترحات جديدة بشأن غزة، حيث لم تُبلغ واشنطن بأي تطورات متعلقة بالمحادثات مع إيران.

وفي ظل هذه الأجواء، صرح مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى بأن إسرائيل تتواجد حاليًا في "موقف قوة"، مؤكدًا أن أي اتفاق لوقف القتال لن يتحقق إلا من خلال تراجع حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، مع ضرورة تفكيك كل المنشآت العسكرية التابعة له على الحدود اللبنانية.

كما أشار المسؤول إلى أن أي وقف لإطلاق النار يتطلب أيضًا فصل الجبهة اللبنانية عن أحداث قطاع غزة.

وعلى صعيد آخر، أكدت وكالة "رويترز" أن قيادات حزب الله قد تراجعت عن شرطها السابق الذي كان ينص على ضرورة تطبيق هدنة في غزة كشرط لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.

ووفقًا لمصادر حكومية لبنانية، فقد جاء هذا التغيير نتيجة لضغوط متعددة، منها النزوح الجماعي للمدنيين من المناطق الرئيسية التي يسكنها أنصار حزب الله، بالإضافة إلى تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية.

هذا ويشير المحللون إلى أن تراجع حزب الله عن موقفه السابق يعكس أيضًا تأثير الضغوط السياسية من بعض الأطراف اللبنانية التي تعارض تصعيد الحزب في مواجهة إسرائيل، مما يفتح المجال أمام خيارات دبلوماسية قد تؤدي إلى تقليل حدة التوترات.

وفي سياق متصل، أوضح نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، دعمه للحراك السياسي الذي يقوده رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، مشددًا على أنهم لن يتطرقوا إلى التفاصيل الأخرى دون التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار.

وتأتي هذه التصريحات في وقت يزداد فيه الضغط على حزب الله لتقديم مواقف تتماشى مع الوضع الإقليمي والدولي المتغير.

الجدير بالذكر أنه بينما تزداد التوترات في المنطقة، تظل فرص الحوار قائمة، لكن الطريق نحو تحقيق السلام المستدام يبدو مليئًا بالتحديات، كما إن ما يحدث الآن في لبنان ليس مجرد صراع محلي، بل هو جزء من معركة أوسع تتعلق بتوازن القوى في الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن تلعب التحولات في مواقف حزب الله وإسرائيل دورًا رئيسيًا في تحديد مستقبل العلاقات الإقليمية واستقرار لبنان.