د.حماد عبدالله يكتب: زمن الفن الوطنى !!

مقالات الرأي

بوابة الفجر



عقب هزيمة يونيو 1967، وإنكسارنا ورغم أن ما قيل عن أسباب هذه الهزيمة التى نالت من كرامتنا ومن بنيتنا الأساسية وضياع الحلم الذى كان يعيش فيه كل شاب مصرى بل وكل المصريين للإعلام الموجه وغسيل المخ اليومى عن أننا أكبر قوة وأكبر دولة وأكبر إقتصاد وأكبر زعامة فى المنطقة !!
كل هذه التراكمات إنهارت جميعها فى حوالى (6) ساعات من صباح يوم 5 يونيو الأسود فى تاريخ مصر المعاصر، وسرعان ما عاد شعب مصر إلى جذوره وعدنا لنمسك بتلابيب أنفسنا وترابطنا، وبدأنا بأن لا نفكر في الماضي بل أسمينا الهزيمة (بالنكسة) ورددنا " ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة"، ثم رددنا وراء "جمال عبد الناصر" "يد تبنى ويد تحمل السلاح" !!
وأخذنا فى تصحيح أوضاع طالت فى إعوجاجها وسمعنا عن المجهود الحربى، كانت الجبهة تعيد تنظيم نفسها بقواتنا المسلحة والتى تبعثرت فى صحراء سيناء، وبعضها مبعثر فى جبال اليمن، والبعض الأخر فى القطر الشمالى (سابقًا) سوريا، أخذت قواتنا المسلحة فى إعادة تنظيم نفسها وسرعان ما تحركت قواتنا الجوية يوم 15 يوليو بعد العدوان بأيام لكى تقوم بهجوم، يعتبر المواجهة الأولى للقوات المسلحة المصرية أمام قوات إسرائيل وسرعان ما دمرت البحربة المصرية أكبر مدمرة لإسرائيل وهى المدمرة (إيلات) !!
وبدأت حرب الإستنزاف التى أدمت "إسرائيل "وقواتها المسلحة، وتحرك الفدائيين المصريين خلف خطوط العدو فى سيناء، وكانت الجبهة المصرية ملتهبة يوميًا، لم تتوقف الحرب ساعة واحدة طيلة ست سنوات، منذ هزيمة يونيو 1967 وحتى اللحظة المقدسة التى عبرت فيها قواتنا المسلحة بكامل طاقاتها في الساعة "الثانية إلا الثلث" من ظهر يوم 6 أكتوبر 1973.
هذه الجبهة وقفت مصر كلها تدفعها وتدعمها وتعمل فى الخطوط الخلفية فى مدن وقرى مصر، وتعدى ذلك برنامج المجهود الحربى الذى شارك فيه كل مصرى ومصرية، من كان لديه شيىء يستطيع أن يقدمه لقواتنا المسلحة فى الجبهة كان يقدمه دون ضجيج بل ودون طلب، قدمت الأسر المصرية أبنائها القادرين على حمل السلاح، تقدمت أفواج المؤهلات العليا من الجامعات إلى معسكرات التدريب فى شتى الوحدات العسكرية، هندسية ومدنية ومشاه، وطيران، وبحرية ومن تلك المعسكرات إلى جبهات مصر شمالًا وشرقًا، وصدر قرار إستثنائى بترقية العقيد "محمد حسنى مبارك" عميدًا وقائد لكلية القوات الجوية لكى يعمل على تفريغْ عشرات، بل مئات الطيارين القادرين على إعادة الكرامة المصرية فى ضربة جوية منظمة، ولم يترك فنانى مصر المعركة وعلى رأسهم سيدة الغناء العربى "أم كلثوم" التى جابت محافظات مصر كلها غناءًا من أجل الحركة  وتبرعات من نساء مصر، ثم نساء العالم العربى، ذهبت إلى المغرب وتونس وليبيا والكويت والسودان، كل الدول العربية، تحمل جواز سفر (أحمر) (ديبلوماسى) أهداه لها "جمال عبد الناصر" لكى تجمع الأموال للمجهود الحربى، وكذلك مجموعة فنانى مصر (عبد الحليم حافظ، عبد الوهاب، فريد الأطرش، فايزة أحمد ) حتى الفنانات المصاحبات لهؤلاء المطربين (تحية كاريوكا، هند رستم، فاتن حمامة ) وغيرهن عشرات من فنانى وفنانات مصر شاركوا فى المجهود الحربى، ما أشد إحتياجنا للإشتراك فيما يمكن أن نطلق عليه المجهود السلمى، فى التعليم والصحة والسكان والغذاء، والمواصلات، نحن فى أشد الإحتياج لزمن المجهود الحربى المصرى !!