طفرة تعليمية غير مسبوقة في سيناء ومحافظات القناة
تحتفل جمهورية مصر العربية هذا العام بالذكرى الحادية والخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة، التي كانت وستظل محطة فاصلة في تاريخ الوطن.
وفي إطار هذه المناسبة الوطنية، يتجدد الحديث عن ما تحقق من إنجازات تنموية في شتى المجالات، لا سيما في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، الذي شهد تطورًا غير مسبوق في إقليم سيناء ومحافظات القناة.
هذا التطور جاء بفضل الدعم الكبير الذي توليه القيادة السياسية للمشروعات القومية الكبرى في تلك المناطق، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.
التعليم العالي ودوره في تنمية سيناء ومحافظات القناة
منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية، وضعت الدولة المصرية تنمية شبه جزيرة سيناء ومحافظات القناة في مقدمة أولوياتها. ومن أبرز القطاعات التي شهدت اهتمامًا متزايدًا هو قطاع التعليم العالي، حيث قامت الدولة بتنفيذ العديد من المشروعات التعليمية الكبرى في تلك المناطق، بلغت تكلفتها الإجمالية 23 مليار جنيه.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن القيادة السياسية تدرك أهمية تطوير البنية التحتية التعليمية في هذه المناطق، التي تعد محورية لتنمية مصر الشاملة والمستدامة. وأوضح الوزير أن التوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية يأتي على رأس هذه الجهود، حيث تم تجهيز هذه الجامعات بأحدث المعامل وورش العمل المزودة بأحدث الوسائط التكنولوجية.
جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية: نموذج للتنمية في شرق القناة
تعد جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية أحد أبرز ثمار التنمية التعليمية في شرق القناة، حيث تمثل الجامعة خطوة نوعية في تقديم تعليم تكنولوجي حديث يخدم الصناعة وسوق العمل.
الجامعة، التي أُنشئت بتكلفة إجمالية بلغت 646 مليون جنيه، تمتد على مساحة 70،140 متر مربع، وتقدم برامج دراسية متميزة ومتنوعة تتماشى مع احتياجات الصناعة في المنطقة الجغرافية المحيطة بها.
وأشار الدكتور مدحت الحادق، رئيس جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية، إلى أن الجامعة تقدم ستة برامج دراسية ضمن كليتين خلال العام الجامعي 2024/2025.
تقدم كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة برامج مثل "صيانة وتشغيل السفن"، و"الصناعات الخشبية"، و"الصناعات الغذائية".
بينما تقدم كلية تكنولوجيا الخدمات الفندقية والسياحية برامج مثل "تكنولوجيا السياحة والسفر"، و"تكنولوجيا الخدمات الفندقية"، و"تكنولوجيا المشروبات والأغذية".
هذه البرامج تم تصميمها بعناية لتلبية متطلبات سوق العمل المحلية والإقليمية، وتعد إضافة مهمة للمنطقة، حيث تعمل الجامعة على تأهيل جيل جديد من الخريجين الذين يمتلكون مهارات تكنولوجية وفنية متطورة.
التوجه نحو الجامعات التكنولوجية: استثمار في المستقبل
التوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية لا يقتصر على سيناء ومحافظات القناة فقط، بل يمتد ليشمل جميع أنحاء الجمهورية. فقد أكد الدكتور عادل عبد الغفار، المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن الدولة المصرية تسعى من خلال إنشاء الجامعات التكنولوجية إلى تأهيل الخريجين لسوق العمل بشكل أكثر تخصصًا وفاعلية. وأوضح أن هذه الجامعات تستهدف تزويد الطلاب بالمهارات الفنية والتكنولوجية الحديثة التي تمكنهم من مواكبة التطورات السريعة في مجالات الصناعة والخدمات.
وأضاف عبد الغفار أن الجامعات التكنولوجية أصبحت جزءًا من التحالفات الإقليمية التي تربط بين الجامعات والمؤسسات الإنتاجية والخدمية والصناعية.
هذه التحالفات تهدف إلى تعزيز التعاون بين قطاع التعليم العالي وقطاع الصناعة، تنفيذًا للاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، وفي إطار المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية".
وتهدف هذه المبادرة إلى دعم التحول الصناعي وتعزيز الشراكات بين المؤسسات التعليمية وقطاعات الصناعة، بما يسهم في تنمية الاقتصاد المصري.
إقبال الطلاب وثقة المجتمع في الجامعات التكنولوجية
على الرغم من حداثة الجامعات التكنولوجية، إلا أنها شهدت إقبالًا كبيرًا من الطلاب منذ إنشائها.
هذا الإقبال يعكس الثقة المتزايدة في نوعية التعليم الذي تقدمه هذه الجامعات، والتي تركز بشكل كبير على التعليم التطبيقي والعملي.
فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن الطلاب وأولياء الأمور يرون في هذه الجامعات فرصة لتأهيل أبنائهم بشكل أفضل لسوق العمل، لا سيما في ظل التغيرات الكبيرة التي يشهدها العالم في مجال التكنولوجيا والابتكار.
ويعتبر هذا النجاح دليلًا على الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة المصرية لتحسين جودة التعليم العالي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومع استمرار التوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية، يتوقع أن تساهم هذه الجامعات بشكل كبير في تعزيز القدرات التنافسية لمصر على الصعيدين الإقليمي والدولي.
تعد جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية مثالًا حيًا على الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة المصرية لتنمية سيناء ومحافظات القناة. فهي ليست مجرد مشروع تعليمي، بل هي جزء من رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة في هذه المناطق المحورية. ومع التوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية، يسير قطاع التعليم العالي في مصر بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل، حيث يتم تأهيل الأجيال الجديدة لتكون قادرة على مواجهة تحديات المستقبل والمساهمة في دفع عجلة التنمية في البلاد.