رشا العرعير تترك رسالة وداع: "أرجو أن توزعوا ملابسي ولا تبكوا عليّ"
طفلة غزة كتبت وصيتها قبل رحيلها.. رسائل بريئة تختصر أوجاع الحصار
في أحد أحياء غزة المنكوبة، جلست الطفلة رشا العرعير، ابنة العشرة أعوام، ببراءة وعفوية، تكتب وصيتها الأخيرة بخط يدها الصغير. لم تكن تعلم أن هذه الكلمات البسيطة ستتحول إلى رمز للألم والصمود. كتبت رشا وصيتها قبل استشهادها في قصف إسرائيلي على شرق مدينة غزة، وطلبت من عائلتها أمرًا واحدًا: "لا تبكوا عليّ، لأنني أتعذب عندما أراكم تبكون".
وجدت عائلتها تلك الورقة التي خطتها يدها بعد رحيلها، أوصت بتوزيع مقتنياتها بين بنات خالاتها وبنات أعمامها، ملابسها للمحتاجين، وإكسسواراتها إلى رهف ولانا ومروان وبتول، حتى صناديق الخرز، حرصت أن تذهب لبتول.
في تفاصيل وصيتها، كتبت رشا عن مصروفها الشهري البسيط الذي يبلغ 50 شيكلًا، وأوصت بتقسيمه، نصفه إلى رهف، والنصف الآخر إلى أحمد. أما ألعابها، فقد أرادت أن تحصل عليها بتول، وكانت آخر كلماتها مؤثرة للغاية: "من فضلكم، لا تصرخوا على أخي أحمد، أرجو الالتزام بالوصية".
استشهدت رشا وشقيقها أحمد (11 عامًا) معًا تحت أنقاض منزلهم، الذي استُهدف مجددًا في 30 سبتمبر/أيلول 2023. عُثر على وصيتها بين الركام، لتصبح كلماتها رسالة تحمل براءة الأطفال وسط أهوال الحرب.
خال الطفلة، عاصم النبيه، شارك كلمات وصيتها على حسابه في "إنستغرام"، فانتشرت بسرعة، مؤثرة في قلوب الآلاف حول العالم. رشا التي خرجت من تحت الأنقاض مع شقيقها بعد قصف سابق، استشهدت في المرة الثانية، بينما كانت تحفظ القرآن مع أخيها.
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي كلمات الطفلة بلهفة، مُجسّدة ألم أطفال غزة، وتحدّيهم لأبشع أنواع العدوان، الأطفال الأبرياء الذين تحولوا إلى أهداف في الصراع الدامي.
في الوقت نفسه، يتواصل قصف المنازل والملاجئ في غزة منذ بداية الحرب على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. تقارير حقوقية كشفت عن نمط ممنهج لاستهداف الأطفال، مؤكدة أن الاحتلال ارتكب مجازر ضد العائلات. معاناة أطفال غزة لا تقتصر على الموت والتشريد، بل طالت حتى حقهم في التعليم، إذ فقدوا 14 شهرًا من الدراسة منذ عام 2019 بسبب الحصار و"كوفيد-19" والعدوان المستمر.
وحتى اليوم، تواصل أعداد الضحايا الارتفاع، حيث أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بارتكاب الاحتلال 8 مجازر جديدة، وحصيلة العدوان تجاوزت 41،788 شهيدًا و96،794 مصابًا منذ السابع من أكتوبر الماضي.