العمر الأنسب لطفلك لحمل الهاتف المحمول
تقاوم العديد من المدارس في الكثير من البلدان وجودا مستمرا للهواتف الذكية في الفصول الدراسية، على الرغم من أن أعدادا غير قليلة من الطلاب يحملون هواتف ذكية.
وقالت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية نقلًا عن خبراء تنمية الطفل الرائدين السن المناسبة لإعطاء أولياء الأمور الهاتف الذكي الأول لطفلهم، خاصة أن استخدام الهاتف بين الأطفال أصبح منتشرًا بشكل شائع تقريبًا في السنوات الأخيرة.
هواتف ذكية في سن مبكرة
تُظهر أحدث البيانات الإحصائية أن 65% من الأطفال يمتلكون هاتفًا ذكيًا قبل سن العاشرة مؤخرًا. كما أظهرت الدراسات الحديثة أن الأطفال يستخدمون هواتفهم منذ سن مبكرة، حيث يمتلك ربع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس إلى سبع سنوات الآن هواتف ذكية.
في المتوسط، يبلغ العمر الذي يتلقى فيه الطفل في الولايات المتحدة هاتفه الأول الآن 11.6 عام، مع ارتفاع ملكية الهاتف بشكل حاد بين 10/7 و12.5 عام.
حتى الأطفال الذين لا يمتلكون هواتف ذكية يستعيرون أجهزة مثل الأجهزة اللوحية من والديهم بشكل متكرر.
أضرار طويلة الأمد
كشف تقرير حديث لـOfcom، وهي هيئة تنظيمية للاتصالات في بريطانيا تأسست عام 2003، أن 90% من الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث إلى أربع سنوات، يستخدمون الإنترنت، 84% منهم يشاهدون يوتيوب. وبطبيعة الحال، أثارت النسب المئوية المرتفعة مخاوف بين الآباء والخبراء من أن التبني المبكر للهواتف الذكية قد يسبب أضرارًا طويلة الأمد.
في العام الماضي، قالت المفتشة الرئيسية في Ofsted أماندا سبيلمان: "لا أشعر بالراحة مع حصول الأطفال الأصغر سنًا على وصول غير محدود إلى الإنترنت. من المعروف أن أوفستيد هو مكتب المعايير في التعليم يختص بخدمات الأطفال ومهاراتهم وهو قسم غير وزاري تابع للحكومة البريطانية ويقدم تقاريره إلى البرلمان مباشرة.
أضافت سبيلمان أنها "مندهشة للغاية عندما يمتلك الأطفال في سن الابتدائية هواتف ذكية، على سبيل المثال، وحتى في المدرسة الثانوية المبكرة. من الصعب حقًا إدارة ذلك".
إعاقة النمو
إن أحد أكبر المخاوف التي قد تنتاب الآباء هو أن إعطاء أطفالهم هواتف ذكية في وقت مبكر جدًا قد يعيق نموهم. وبينما يعد هذا موضوعًا للنقاش العلمي المكثف، فإن هناك مجموعة متزايدة من الأدلة التي تشير إلى أن استخدام الهواتف الذكية يمكن أن يكون له آثار ضارة.
قالت دكتورة ليان أزيفيدو، أستاذة الصحة العامة في كلية الرياضة والنشاط البدني بجامعة شيفيلد هالام، إنه ربما يكون هناك بعض الأسباب لتأجيل إعطاء الطفل هاتفًا ذكيًا، مشيرة إلى أنها ترى أن من المثير للقلق أن يقوم "الأطفال باستبدال اللعب المعتاد بالألعاب و[التفاعل الطبيعي مع] الأطفال الآخرين باستخدام هذه الأجهزة [مما يمكن أن] يؤثر على تطوير مهاراتهم الاجتماعية والتواصلية من خلال اللعب مع الأطفال الآخرين".
وأضافت أن "هناك أيضًا قلقا من أن عدم اللعب هناك سيؤثر أيضًا على التطور الحركي".
نقطة نمو حرجة
تشير الأبحاث الحالية إلى أن سن السادسة يمكن أن تكون نقطة حرجة لنمو الطفولة، وقبل ذلك قد لا يكون من المستحسن إعطاء الطفل أي نوع من الوسائط التفاعلية.
حتى سن السادسة، لا يزال الأطفال يطورون المهارات الحركية والشخصية الحاسمة والتي يتم تعلمها بشكل أفضل من خلال التفاعل وجهًا لوجه.
ذروة خلايا المخ
كما توصلت الدراسات إلى أن كمية المادة الرمادية، أو خلايا المخ، تبدو أنها تصل إلى ذروتها قبل سن السادسة بقليل. ولهذا السبب، توصي الجمعية الكندية لطب الأطفال CPS بعدم استخدام الأطفال دون سن الثانية للشاشات على الإطلاق وأن يكون لدى الأطفال دون سن الخامسة أقل من ساعة واحدة في اليوم.
مهارات حركية أسوأ
وتقول دكتورة أزيفيدو إن "هناك بعض الأدلة، وإن كانت لا تزال متناقضة بعض الشيء، على أن استخدام الهواتف الذكية قد يؤثر سلبًا على المهارات الاجتماعية والعاطفية والتنظيم الذاتي للأطفال".
كشفت دراسة، نُشرت في عام 2022 في دورية Acta Psychologica، استنادًا إلى بحث أجري مع أطفال تايلانديين تتراوح أعمارهم بين عامين وخمسة أعوام أن الأطفال الذين يقضون وقتًا أطول على الهواتف الذكية لديهم مهارات حركية أسوأ.
وبالمثل، توصلت أبحاث، أجراها علماء من جامعة كامبريدج، إلى أن الاستخدام المكثف للهواتف الذكية لدى الأطفال كان مرتبطًا بارتفاع الاندفاع وعدم المرونة المعرفية.
وكشفت نتائج البحث أن التعرض المتكرر لمحتوى سريع مثل مقاطع الفيديو القصيرة على إنستغرام وتيك توك يمكن أن "يحفز الأفراد على البحث عن مستويات إثارة أعلى، مما يعيق بدوره المشاركة في الأنشطة التي تتطلب اهتمامًا مستمرًا".
أطفال بيل غيتس
مع تقدم الأطفال في السن، تتطور أدمغتهم بشكل أكثر اكتمالًا وقد تتأثر بشكل أقل. تشير دكتورة أزيفيدو إلى أن الأبحاث وجدت أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات قد يكونون حساسين بشكل خاص للتأثيرات المزعجة للنوم للهواتف الذكية.
قال مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس إنه لن يسمح لطفله بامتلاك هاتف ذكي حتى سن 14 عامًا عندما تكون الدماغ أكثر تطورًا. ولكن هناك أيضًا بعض المؤشرات على أن التعرض المبكر للهواتف الذكية ربما يؤثر كذلك على الصحة العقلية للأطفال في وقت لاحق من الحياة بسبب التعرض المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي.
أفكار انتحارية
أوصت دراسة، أجراها علماء من مجموعة Sapien Labs البحثية، أنه كلما تأخر الطفل في تلقي هاتفه الأول، كانت صحته العقلية أفضل عند يصبح شخصًا بالغًا.
وعلى العكس من ذلك، تزعم الدراسة أنه كلما كان الطفل أصغر سنًا عندما يتلقى هاتفه الأول، زادت احتمالية تعرضه لأفكار انتحارية في وقت لاحق من حياته.
أطول فترة حجب ممكنة
كما تبنى المفكر البارز جوناثان هايدت مؤخرًا نداءات حول تأثير الهواتف الذكية على الصحة العقلية وكانت الأضرار المحتملة محور حجة النداءات للحد من وصول الأطفال إلى الهواتف. وبناءً على هذه الأفكار، يمكن أن يكون من المغري حجب الهاتف الذكي عن الطفل لأطول فترة ممكنة لضمان حصوله على أفضل صحة عقلية ممكنة.
آراء معارضة
وعلى الجانب الآخر، فإنه نظرًا لأن العلاقة بين الصحة العقلية واستخدام الهواتف الذكية أقل وضوحًا بكثير مما يصر عليه هايدت وغيره من الناشطين، كان هناك أراء معارضة بل تنتقد حالة "الذعر المنتشرة حول وسائل التواصل الاجتماعي والصحة العقلية"، حسب ما ذكرته بروفيسور كانديس أودجرز، أستاذة علم النفس والمعلوماتية في جامعة كاليفورنيا، الذي شرحت قائلة أن ما يقدر بنحو 90% من الدراسات، التي تربط وسائل التواصل الاجتماعي بالصحة العقلية، هي دراسات ارتباطية - مما يعني أنها لا تستطيع إثبات أن استخدام الهاتف الذكي أو وسائل التواصل الاجتماعي يسبب ضعف الصحة العقلية.