خبراء: العدوان الإسرائيلي على لبنان جزء من استراتيجية الاحتلال لإرساء هيمنة إقليمية مدمرة (خاص)
في ظل التصعيد المستمر في المنطقة، تتسارع الأحداث مع العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان، مما يفتح الباب أمام تحليلات متعددة حول أهداف الاحتلال وخططه العسكرية.
ففي الوقت الذي يروج فيه الجيش الإسرائيلي لإنجازات "استراتيجية" تهدف لتقويض قدرات حزب الله وضرب مقاومته، تتصاعد التساؤلات داخل إسرائيل نفسها حول مدى دقة هذه الادعاءات.
وفي هذا السياق، يقدم كل من ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري في حركة فتح، وفراس ياغي، المحلل السياسي الفلسطيني، رؤى مختلفة حول هذا العدوان، مركّزين على جوانب تتعلق بالسياسات الإسرائيلية وتداعياتها على لبنان والمنطقة.
فرض هيمنة
أكد ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، أن العدوان الإسرائيلي على لبنان هو جزء من استراتيجية الاحتلال الهادفة إلى فرض هيمنة إقليمية مدمرة،مشيرًا إلى أن دولة الاحتلال تسعى لترسيخ واقع استعماري دموي في المنطقة عبر تصعيدها الأخير في لبنان، والذي يهدف إلى إرهاب الشعوب بالدمار وفرض سيطرتها.
وأضاف دلياني في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن استخدام "تفجيرات البيجر"، والتي تضمنت زرع متفجرات في الأدوات التكنولوجية المستخدمة يوميًا، إلى جانب القصف العشوائي الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 580 مواطنًا لبنانيًا بينهم 50 طفلًا في مناطق سكنية، يشكل تصعيدًا خطيرًا في سياسة الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل. وأضاف أن هذه الأعمال تعيد للأذهان الاجتياحات الدموية التي تعرض لها لبنان في عامي 1982 و2006، عندما استخدمت إسرائيل القنابل العنقودية والأسلحة غير الموجهة لقتل المدنيين.
وأشار دلياني إلى أن زرع المتفجرات في الأدوات المدنية، مثل أجهزة الاتصال، ليس فقط انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، بل هو أيضًا سلاح نفسي يهدف إلى إبقاء الشعوب تحت تأثير الخوف المستمر. وأكد أن هذه الجرائم تمثل خرقًا واضحًا لكافة المواثيق الدولية.
ودعا دلياني المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لتحمل مسؤولياته في وقف جرائم الإبادة التي تُرتكب ضد الشعوب العربية، مؤكدًا أن عدم التحرك سيؤدي إلى انتشار هذه الجرائم في مناطق أخرى. كما جدد تأكيد تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح على التزامه بفضح ومقاومة جرائم الاحتلال، ودعمه الكامل للشعب اللبناني وكل من يرفض الاستعمار الإسرائيلي.
لفت إلى أن تيار الإصلاح سيواصل نضاله حتى تحقيق العدالة ومحاسبة دولة الاحتلال على جرائمها بحق الشعوب العربية.
تقويض قدرات حزب الله العسكرية الداخلية
في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أكد المحلل السياسي الفلسطيني فراس ياغي أن العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان يستهدف بالأساس تقويض قدرات حزب الله العسكرية الداخلية وإضعافه، مشيرًا إلى أن هذا التصعيد يندرج ضمن استراتيجية إسرائيلية تهدف لفصل جبهات المقاومة في لبنان وغزة وتحقيق مكاسب أمنية تخدم رؤيتها الإقليمية.
وأضاف ياغي أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين حول "تدمير 50% من صواريخ حزب الله" هي محاولة للتباهي بالإنجازات، في حين أن تقارير إسرائيلية أخرى، مثل تلك التي أدلى بها الصحفي "دورون كدوش" وبعض المسؤولين الأمنيين، تؤكد أن هذه الأرقام مبالغ فيها، وأن حزب الله لا يزال يحتفظ بقدرات كبيرة لم تصل إليها إسرائيل بعد.
وأشار ياغي إلى أن الهجمات الإسرائيلية المكثفة على الجنوب والبقاع، بما في ذلك اغتيال القائد التاريخي في حزب الله الحاج إبراهيم عقيل، تأتي في إطار استغلال بنك الأهداف الذي جمعته إسرائيل عبر عقد من المتابعة الاستخبارية. وأضاف أن إسرائيل تسعى أيضًا للضغط على المدنيين في محاولة لفصل جبهة لبنان عن غزة والتوصل إلى ترتيبات أمنية تخدم مصالحها.
وأكد ياغي أن المعركة الجارية تظهر أن حزب الله يتحكم بزمام الأمور وفق خطة محكمة وليس وفق ردود فعل عشوائية. فالضربات الصاروخية التي طالت الشمال الإسرائيلي، بما في ذلك صفد وحيفا، تسببت في وضع نحو 15% من سكان الكيان المحتل تحت النار، مما يعكس قدرات الحزب الهجومية التي فشلت إسرائيل في الحد منها.
واختتم المحلل السياسي الفلسطيني تصريحاته بأن هذه المعركة معقدة وتحتاج إلى خطط غير تقليدية من جانب حزب الله، الذي يسعى لإفشال أهداف العدوان ليس فقط على لبنان، ولكن أيضًا على غزة، مؤكدًا أن الحزب يرسل رسالة قوية لكل من إسرائيل والولايات المتحدة بأن من بدأ الحرب لن يكون هو من يقرر نهايتها، بل أن النهاية ستبدأ من غزة.