البدوي والتيجاني و«بيجر» حزب الله

مقالات الرأي

أحمد سامي
أحمد سامي

ضجت السوشيال ميديا بـ3 قضايا، في الفترة الأخيرة، أبرزها قضية شيخ الطريقة التيجانية صلاح التيجاني، والفتاة التي ادعت تحرشه بها، ومن قبلها كرامات "السطوحي" السيد البدوي، وآخرها حادثة تفجير هواتف "بيجر" المملوكة لعناصر حزب الله اللبناني، واجتمعت ثلاثتها على شيئ واحد: "الوطن العربي في ذيل الأمم".


«بيجر» حزب الله
وفي حادثة هي الأولى من نوعها في المنطقة، تعرض عناصر حزب الله اللبناني إلى أكبر هجوم استخبراتي لم يسبق له مثيل، بتفجير هواتف من نوع «بيجر» تايوانية الصنع بحوزة عناصره، ومؤخرا هواتف «ICOM» اللاسلكية اليابانية الصنع، في الضاحية الجنوبية، ما أسفر عن إصابة أكثر من 2800 آخرين، ووفاة 11 شخصًا حتى الآن تابعين للحزب، بما فيهم سفير إيران في لبنان.

الهجوم كشف أمرين: أولهما هشاشة أذرع المقاومة وأمها الكبرى إيران، فوصول الصهاينة -رغم عدم صدور تصريحات رسمية إسرائيلية تؤكد ذلك- إلى معلومات حساسة عن وسائل الاتصال بين عناصر الحزب، وشفرة التواصل ويخترقوا كل هذا العدد من الهواتف ويفجروها، فهذا أمر جلل خصوصا مع أعلنته وسائل إعلام أمريكية أن الإسرائيليين أنشأوا شركة وهمية لتصنيع الهواتف التي يريدها حزب الله، وكذلك قدرته على الوصول إلى قائد حركة حماس الراحل إسماعيل هنية واقتياله في عقر مقر الحرس الثوري الإيراني في العاصمة الإيرانية طهران، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المنظومة الأمنية في المنطقة تحتاج إلى تحديث يواكب القدرات الاستخبارية الجديدة للكيان المحتل -العدو الأول والأخير- لدول المنطقة كافة.

ثاني الأمرين، أن الكيان المحتل وأجهزته الاستخبارية، متقدمين بخطوة من حيث التكنولوجيا الرهيبة التي أصبحت أهم سلاح في الوقت الحالي، فالحروب لم تعد جيشا ومدفعية وطائرة، كلها تنتهي بعمليات تخريبية إلكترونية مثلما أظهرت العملية الإسرائيلية الأخيرة.

الحادث يتطلب استنفارا لأجهزة الاستخبارات العربية، لتأمين نفسها من أي خرق مماثل قد يحدث، ومراجعة الأجهزة والمعدات والأسلحة التي تستوردها من الغرب بلا تفرقة، فالذي يجعل إسرائيل تنشئ شركة وهمية لتصدير هواتف لحزب الله، يجعلها تفعل ذلك في الأسلحة والأجهزة والمعدات مع أي دولة عربية، في ثوب شركة وهمية في جميع دول العالم أو حتى بالاتفاق مع المؤسسات الدولية التي تستورد منها.

2
التيجاني

فوجئنا بركوب الشيخ صلاح التيجاني، أحد أبرز شيوخ الطريقة التيجانية الصوفية، التريند بعدما اتهمته فتاة تدعى "خديجة" بأنه تحرش بها وأرسل لها صورة خادشة ورسائل جنسية مثل "مشتاق"، وما تبعها من اتهامات مماثلة من 3 فتيات أخريات للرجل الذي أصبح أشهر شيخ طريقة صوفية في مصر.

اتهام خديجة لشيخ الطريق -إن صدق- فتح الباب على شيوخ الطرق الصوفية، وخطورة استخدام التصوف في الوصول إلى غايات مرفوضة دينيا ومجتمعيا، باسم قدسية الشيخ أو الولي أو أيا كان ما يسمونه، ويرسخ صورة أن الشيخ يرى مريديه عبيدا، الرجال يسخرهم للوصول إلى جاه وسلطان، والنساء كجواري وإماء وملك يمين.

التيجاني أخذه غرور العظمة، فراح يتفاخر بأنه أصبح تريند، وحديث مواقع التواصل، ورد على الاتهامات بأن الفتاة مريضة وأنه باعتباره شخصية عامة فله أكثر من أدمن على صفحته قد يكون أحدهم أرسل الصورة الخادشة بالخطأ، مضيفًا أنه يتعامل مع مريديه بطريقة قد تستخدم فيها مصطلحات قد يراها البعض خادشة.

الأخطر في الأمر، أن الحادثة كشفت عن كارثة وخطورة النفوذ خصوصا إذا كان مصبوغا بصبغة دينية، فقد حدثت تفرقة بين الفتاة ووالدتها، التي ادعت أن ابنتها تعاني وساوس وهلاوس وأمراض نفسية وأن الشيخ منزه ومعصوم لم يفعل تل الشائنة.

ولكن الواقع غير ذلك، فقد أعلنت الطريقة التيجانية، تبرؤها من صلاح التيجاني، ورفضها ممارساته ومعتقداتها ووصفتها بالفاسدة التي تنافي العقيدة.

والحقيقة أن الواقع يؤكد ذلك فتصريحات التيجاني تخرج من الملة، أسردها في السطور التالية:

ربنا اسمه محمد ومحمود

نبينا محمد هو نور الله الذاتي

سيدنا محمد لا يموت هو حيٌّ لا يموت

سيدنا محمد ليس له جسد هو روح فقط

سيدنا محمد ليس مخلوقًا

لا يجوز لك أن تشرك أحدا في حبك لشيخك

إذا نظرتَ لشيخك وأنت جوعان أو عطشان ولم تشبع فأنت غير صادق في حبه

3

«السطوحي»

لم يكن السيد البدوي أو «السطوحي» كما يطلقون عليه بمنأى عن الانتقادات، فالرجل يصبح ترند بمجرد حلول ذكرى المولد النبوي كل عام، ليس لكراماته ولا فضائله التي لم يذكرها كتاب لشخصيات ثقات، لكن بسبب الموروثات غير القابلة للتصديق والهالة التي تنسج حوله، من قبيل أنه كان يسكن سطح منزله لأعوام كثيرة ولا ينزل عنه وإذا أراد أحد أن يسلم عليه، يسقط عليه سبحته الطويلة فيصافحها من بالأسفل وينال بركته من خلالها، وما صرح به أحد شيوخ الطرق من أن البدوي كان لا يصلي الجمعة ولا الجماعة، لأن الله قبضه «قاله كفاية عليك يا بدوي، أنا اصطفيتك»، وما صرح به أيضًا من أن البدوي كان ملثما طول الوقت لأنه كان يخاف على الناس من النور الذي يشع من وجهه، وغيرها من القصص التي تلاحق الرجل الذي يبرز نجمع دائما في كل ذكرى مولد.

إشكالية الطرق الصوفية، ليست في حب النبي وآل بيته، فكلنا نحب سيدنا محمد وآل بيته الكرام، ولكن بسبب المغالاة في طريقة الحب، لدرجة توصل إلى الشرك والكفر، ويدفع ثمنها مواطن بسيط المعرفة بتعاليم دينه، وتمجيد الشيخ بل والوصل إلى تأليهه وادعاء أنه ولي وله كرامات، وفي الحقيقة هو بشر يعيش بين الناس يأكل ويشرب.

لا أجد في ممارسات مريدي الصوفية، في الموالد، من رقص وتمايل وأغان ولطم على الصدور، واختراعات جديدة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا أمر بها رسوله، ولا سار عليها صحابته الكرام، إلا تشبها بالشيعة الذين يؤلهون الإمام، بل ووصل بهم الشطط، إلى تأليه سيدنا علي واعتبارها إلها وليس بشرا -تعالى الله عما يشركون-.

ولا أجد سببا واضحا لانتشار كل تلك الطرق الصوفية في مصر بداعي حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته، وأتحدى أن 99% من مؤيدي تلك الطرق وأتباعها لا يعرفون اسم النبي ولا كنهه ولا أسماء آل بيته، هم فقط يشدون الرحال إلى المساجد والأضرحة التي تقام بها تلك الاحتفالات للحصول على الطعام وغيره من ملذات الدنيا، ويتناسون قول سيدنا محمد الذي يدعون حبهم له، أنه قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا (النبوي) والمسجد الأقصى.

وما يؤكد كلامي، لقاءات عقدها أحد الزملاء الإعلاميين، مع مريدي مولد الحسين، وسؤالهم عن سبب المولد، ليفقد جميع من سألهم النطق عن الإجابة جاهلا بسبب الاحتفال، وآخر يحضر «الشيشة» معه ليبسط ويسعد من يجاوره من الحاضرين، وآخر لا يمانع إحضار الحشيش إلى المريدين بداعي تقريبهم إلى الله، من قبيل إطعام الطعام.

الأمر يستدعي وقفة حقيقية لوقف تلك المهازل والممارسات التي تحدث في الموالد، والأفكار التي يبثها شيوخ الطرق الصوفية، قبل فوات الأوان.